رواية لمن القرار بقلم سهام صادق_الفصل الخامس والعشرون إلى الفصل الثلاثون_
لا تبلغ من العمر ثلاث سنوات وبضعة أشهر
صباحه كان مبهج وهو يهبط الدرج بعد نصف ساعه يتحدث في هاتفه وعيناه على صغيرته التى تركت مربيتها وطعامها الذي تناثر بقاياه حول فمها قبل أن تمسحه لها مربيتها..ابتسم وهو يكمل مكالمته ورفعها إليه..
أنهى مكالمته ينظر إليها ويلتقط المحرمة الورقية من السيدة ألفت التي طالعته بقلة حيلة يمسح لها شفتيها
ديدا شبعت الحمدلله.. بس هتاكل تاني معاك
ضحك كما ضحكت السيدة ألفت.. اتجه بها نحو المائدة فاسرعت الخادمة في وضع فنجان قهوته أمامه وهو منشغل في وضع المحرمة فوق ثوبها وملئ طبقها لتنعم صغيرته بفطور اخر معه
حمدلله على السلامه يا هانم
حبيبي وحشتني
لثمت خده وانحنت نحو صغيرتها تلثم خدها وتخبرها عن شوقها لها
حمدلله على السلامه يا شهيرة
القى كلماته وهو يغادر.. لتقف تطالع أثره بجبين مقطب وسرعان ما عادت ملامحها لوضعها تزفر أنفاسها.. فما الجديد في علاقتهما إلا التباعد والفتور
رمقتها شهيرة بعدما وقفت بخطواتها أمام الدرج
المفروض تكوني فوق بتجهزيلي الحمام.. مش واقفه لسا بترغي
أسرعت الخادمه أمامها وأكملت هي خطواتها غير عابئة بنظرات صغيرتها العالقة بها.. فوقفت السيدة ألفت تطالع الصغيرة متنهدة بحزن.. فسيدة المنزل لا تهتم إلا بنجاح شركات والدها وإثبات تفوقها على شقيقها عزت والتنافس بينهم بمن يستحق تولي إدراة الشركات
خطواتها نحو حلمها كانت تقترب وهي تنظر نحو اللافته المعلقة عليها اسم كليه الحقوق جامعه القاهره
الطالبه فتون هكذا أصبح اسمها ولم تعد تلك الخادمة ولم تعد تلك التي شوهها حسن من الداخل ولم تعد تلك الحمقاء الصغيرة التي ترى الرجال من الخارج أبطال خرافية
انتهى اليوم الأول الذي كانت ترهبه.. لم تندمج مع أحدا ف مازالت تشعر بالغربة وسط الناس... تشعر من أعينهم وكأنهم يعرفون قصتها
حلوه الجامعه يا فتون.. هتبقى اكبر محاميه ف البلد وتاخدي حقوق الناس من الظالمة
حديثه البسيط الحالم معها اطربها.. ولكن سرعان ما عادت الخيبة ترتسم فوق ملامحها
بس يا وليه بطلي ندب خليني اعرف اكلم البت... ها يا بشمحاميه
اطربها ذلك اللقب الذي نداها به والدها... فاغمضت عينيها تستشعره داخلها لعله يزيح ذلك النقص الذي تدمغه بها والدتها بأنها لم تعد فتاة كباقي الفتيات
اختك رحمه بتقولك إنها كلها تلت سنين وتجيلك الجامعه... بتقولك هتذاكر كويس
ازالت تلك الدمعة التى انسابت على وجنتها تستمع لحديث شقيقتها عبر الهاتف والذي يخبرها به والدها
بابا متشلش هم دروس رحمه... أنا شغلي ماشي كويس هنا والجمعية بتساعدني
ربنا يبارك فيهم يا بنتي ويستر طريقهم وطريقك.. ابقى سلميلي على جنات بنت الناس الطيبين الله يرحمهم
وانتهى الاتصال الذي شعرت فيه بسعادة والدها وتغيره من أجلها واجل شقيقاتها
........
وقفت جنات ترمق ذلك الذي كان يسير أمامها والموظفين يرحبون به ويطالعونه بابتسامه محبه .. لقد نالت شرف رؤية سليم النجار ذلك الذي اخبرتها عنه فتون.. ذلك الذي لا تجد وصف يليق به إلا بالحقارة والدنائه.. شئ يدفعها بأن تصرخ عاليا وتكشف حقيقته
شكله ميدلش على اللي عمله في فتون..سبحان الله الهدوم بتداري وساخة الناس
ومن حسن حظها اليوم إنها شعرت بقبولها في الوظيفه ومن سوء حظها أن تلك الشركة تابعة له فرجلا جدوده أصحاب أملاك فماذا ستنتظر
زفرت أنفاسها تكمل خطاها للخارج تتمتم داخلها
لولا إن الفرصه مش بتيجي غير مره واحده كنت أتمنيت أني متقبلش في الوظيفه ديه
..........
دلفت غرفة مكتبها ترفع عن عينيها نظارتها الطبية وتلقي بدفترها جانبا
أنا مالي مضيقه كده... ما هو عرض عليا جوازنا يستمر ويكون طبيعي وانا اللي صممت اطلق
وهوت بجسدها فوق المقعد تحدق بالفراغ الذي أمامها وتحاكي حالها
البنت ديه هتضيع جسار.. جسار بقى معمي شايف فيها مراته الله يرحمها
زفرت أنفاسها على دفعات متتاليه وهي تتذكر كيف عانقته الأخرى وقبلته دون أن تهتم بوجودها معه
طرقات على باب مكتبها افاقتها ليدلف بعدها ينظر إليها
انا وجيهان هنخرج نتغدا بره تيجي معانا
نهضت عن المقعد لتجلس على المقعد الاخر خلف مكتبها وتتناول ذلك الملف تفتحه
ورايا حاجات كتير عايزه أخلصها عشان إجتماع بكره
ابتسم وهو يرمقها واقترب منها يلتقط ذلك الملف
ساعه مش هتعمل حاجه يا ملك.. انتي مش ملاحظه إنك بقيتي قافله على نفسك
وتلك التي أصبحت تسميها بالعلقة كانت تدلف نحوهم تهتف به
جسار مش يلا بقى
التف نحوها جسار
ثواني يا جيهان
طالعته جيهان بمقت وهي تنظر نحو التي لا تعرف سبب لتلك المكانه لديه رغم طلاقهم .. فكيف لها أن تحظى بذلك التقدير والشأن في شركته وحياته ... ستجاهد في التخلص منها تماما حينا تصبح زوجته وتصل لهدفها
حقيقي يا جسار مش جعانه وعندي شغل مهم.. روح انت
دفع إليها الملف وضحك وهو يرى جيهان تجره نحو الخارج بتذمر طفولي أصبح يسلب فؤاده
اغمضت عينيها تزفر أنفاسها بضيق
خاېفه عليك يا جسار... انا مصدقت بقيت إنسان طبيعي ونسيت وجعك وفوقت من الماضي
...........
ركضت نحوها فتون بعدما تركت الطعام الذي تقوم بتفريزه من أجل السيدات العاملات بجانب الطعام الذي تعده في المنزل
ها طمنيني عملتي ايه
ازالت جنات حذائها تنظر نحوها ثم تخطتها لتهوي بجسدها على الأريكة
يعني احتمال كبير اتقبل.. بس بصراحه مش عايزه اتقبل فيها
اتبعتها فتون تستغرب حديثها تجلس جوارها
ليه ده انتى تعبتي من التدوير على شغل من ساعه ما سبتي شركة السياحه اللي كنتي شغاله فيها
ادعي متقبلش وخلاص يا فتون.. لاني لو متقبلتش مش هقدر أرفض الشغلانه ديه
رمقتها فتون متعحبة لتقبض فوق كفيها
جنات في ايه من امتى بنخبي على بعض حاجه
اشاحت عينيها بعيدا عنها تخبرها اخيرا بالسبب
الشركة طلعت تبع سليم النجار... شوفته النهارده فيها واللي عرفته أنه بيديرها.. شكله كده بطل مهنه المحاماه ولا هو شكله شغال في كل حاجة
استطردت في حديثها دون أن تنظر نحو التي تسارعت أنفاسها وعاد ذلك الضجيج يعلو داخلها
لا يا بيه متعملش فيا كده.. ابوس ايدك
ذلك الصقيع الذي احتل جسدها للتو يذكرها ببروده تلك الليلة وهي تركض في الطريق المظلم
كان نفسي اهجم عليه وافضحه قدام الناس
انسحبت من جوارها.. فتعلقت عينين جنات بها تعاتب حالها
كان لازم يعني لساني يتسحب مني واقولها
.............
جوابه أصم أذنيها.. وما هو الجديد فكل مره تخبره عن أبناءه يهتف بتلك العبارة
معنديش ولاد...
سقطت دموعها وهي تنظر نحو الصغار وهم يركضون مع مربيتهم
دول زي الملايكه يا بني حرام عليك.. انت بتعاقب مين فينا بس
مدام كاميليا... يا هانم
هتاف خادمتها جعلها تفيق من ذكرياتها
هتخرجي يا هانم
ايوه يا صباح عندي جلسة في المجلس... خدي بالك من الولاد مع المربية
اماءت لها الخادمه.. وانصرفت من أمامها فتعلقت عينين كاميليا بأحفادها
ربنا يسامحك يا ناهد ډمرتي حياة ابنى ويرحمك يا مها ... مش قادره اقول غير كده
...........
طالع الصور التي بعثت إليه ينظر إليهم بتمعن والسخريه ترتسم فوق