رواية لمن القرار بقلم سهام صادق_الفصل السادس والأربعون إلى التاسع والأربعون_
.. فقد اعطتها السيدة سعاد حرية الانغماس في أحزانها وبؤسها بؤس لا نهاية لها منه وكأن البؤس كتب عليها
چحيم فتحي كان أرحم ليا ياريتني كنت سيبته يعمل فيا اللي عايزه
باتت نفسها ضعيفة بعدما جعلتها الحياة تتجرع مرارتها وهي تري حالها تهان تحت الأقدام
كنت عايزه تبقى فتات ليل يا بسمة
خاطبت عقلها حتى تفيق من شعور الضعف الذي أحتل روحها واخترق قلبها
وسرعان ما كنت تستغفر ربها وتنفض رأسها من أفكارها
عادت لتقطيع حبات البصل بقوة.. تتذكر حديث تلك المرأة التي رأتها ذات ليلة ليلة هربت فيها من حياتها البائسة لتسقط بعدها بين الأمواج تتلقفها داخل ظلمتها
دلفت السيدة سعاد المطبخ وقد كانت حانقة ممتقعة الوجه مما هتفت به تلك المرأة التي تخلص منها رب عملها وطلقها
واقتربت منها بعدما شعرت بالقلق من صمتها.. لتري الدموع تغزو مقلتيها
أنت كنت بټعيطي يا بنت
أسرعت بسمه في مسح دموعها وتركت السکين بعدما أنتهت من تقطيع حبات البصل
لا يا دادة مكنتش بعيط البصل بس كان حامي على عيني
رمقتها السيدة سعاد بتوجس وهي تعلم إنها تكذب عليها اقتربت منها وقد ظنتها بسمة ستتناول منها وعاء الطبخ ولكن السيدة سعاد غمرتها بين ذراعيها
أنا مش وحشه والله يا داده طول عمري بعافر مع الدينا..نفسي ارتاح بقى
سقطت دموع السيدة سعاد وقد زاد ندمها كلما تذكرت إنها للحظات ظنتها مخادعة ابتعدت عنها بسمة بعدما استمعت لرنين جرس المنزل فاسرعت في أزالت دموعها العالقة بأهدابها
لا يا بنت خليكي أنت بدل ما تطلع الحرباية اللي اسمها جيهان.. عارفه لو كانت هي
والتمعت عينين السيدة سعاد بشړ تنظر نحو حذائها المنزلي الثقيل الذي ترتديه
هعرفها مين هي سعاد
ابتسمت بسمه وهي تري السيدة سعاد تغادر المطبخ وقد تعالا صوتها بالوعيد..
هدء قلبها وعاد لسكينته فكلها أيام وسيفي عنتر بعرضه ويتزوجها وستكون له زوجة وفية مخلصة وستحاول نسيان تلك الصورة التي شكلتها عنه وعندما أخترق ذهنها ما فعله معها تلك الليلة..ارتجف قلبها وهي تتخيل حياتها القادمة إنها تقنع حالها بحياة تعلم نهايتها ومصيرها بها حتى إنها تشعر بالنفور منه بسبب صورته القديمه التي أصبحت مستوطنه عقلها
بسمة شوفتي البيه جابلك إيه هديه والله البيه قلبه طيب بس هو للأسف عصبي زيادة
هتفت بها السيدة سعاد فور دلوفها المطبخ تنظر نحو العلبة التي وضحت هوية ما بداخلها بعدما أخرجتها من تغليفتها
طالعت بسمة الهاتف الحديث بعدما اخرجته السيدة سعاد بالكامل ورغما عنها كانت عيناها تتعلق بالهاتف
جسار بيه قلبه طيب خدي يا بنت افتحي وفرجيني عليه
مدت السيدة سعاد يدها به ولكن يدها ظلت عالقة في الهواء.. تنظر نحو ملامح بسمة ونظراتها العالقة بالهاتف.. شجعتها السيدة سعاد بعينيها لتأخذه ولكن سرعان ما اشاحت عيناها تقبض فوق قماش ثوبها وتبتلع غصتها بمرارة
أنا مش محتاجه حاجة من حد ولا محتاجه حد يحس بتأنيب الضمير ناحيتي هو كتر خيره ساعدني بعد ما فرضت نفسي عليه والحمدلله قريب هريحه مني وأمشي
تلاشت سعادة السيدة سعاد بالهاتف ووضعته جانبا واقتربت منها تمسح فوق ظهرها في صمت
قوليله يا داده يمشي موضوع عنتر أنا راضيه بعنتر
وضع رأسه فوق سطح المكتب بعدما قڈف كل ما عليه أرضا يزفر أنفاسه بقوة فقد افقدته هذه المرأة صوابه المرأة التي تزوجها لأنه رأي فيها صوره زوجته الراحله
لو مكنتيش سبتيني وموتى كان زمانا عايشين في سعادة..اتخدعت فيها وشوفتها فيك يا ريماس..
اطبق فوق جفنيه بقوة يشعر بالندم لأنه أضاع ملك من يديه دون أن يحاول جذبها إليه رغم إنها كانت زوجته إلا أن مشاعره كرجل كانت ضعيفة نحوها لم يراها بتلك النظرة التي ينظر بها الرجال حينا يريدون النساء.. ويا للعجب جيهان من تمكنت من تحريك المياة الراكده داخله.. حركت غريزته كرجل وجعلته يلهث خلفها حتى ينالها ولن ينكر إنها بالفعل كانت تمنحه ما يريده ولكنه يكره الخېانة يكره أن يستغفله أحدا
تعالا رنين هاتفه فالتقطه ينظر نحو المتصل.. وقد كان لهاتفه نصيبا من إفراغ شحنة غضبه..
القاه بقوة نحو الجدار ينظر إليه بعدما سقطت قطعه منثورة على الأرض وقد توقف عن الرنين يتمتم باسم من كان سبب في تلك الفوضى بحياته وقد اختتمت بذلة لسانه عن زيجة يكاد عقله ينفجر من شدة التفكير
يتسأل داخله كيف نطقها
هل نهايته ستكون مع أمرأة ك بسمة من أصول متدنية لا عائله لها كانت نموذج لحملته عن دعم شركته للفتيات اللاتي يعانون من حياة الفقر وقسۏة الأهل
عنتر..
توقفت السيارة أمام المشفى التي تم حجز بها أخيها الصغير حتى تتم عمليته طالعته وهو يضع هاتفه فوق اذنه يهاتف صديقه الطبيب الذي سيقوم بإجراء عملية أخيها
تسارعت دقات قلبها وقد اختفت راحتها ثانية وهي تسمعه يسأله إذا حجز له لدي طبيبة نسائية بارعة في تخصصها
ايوة يا سيدي مستعجل وعايز طفل تاني
تمتم عبارته بابتسامة واسعة وقد علقت عيناه بها ثم التقط يدها الباردة.. يشعر بالغرابة من برودتها وذلك الشحوب الذي أصاب ملامحها فور أن أخبرها صباحا إنه حجز لها موعد لدي طبيبة نسائية فلم يعد يطيق صبرا لرؤية طفلا له منها
اه عايز اربطها بيا لتهرب مني.. بقيت سخيف يا دكتور
تعالت ضحكات رسلان وهو يستمع لجواب صديقه
يا بني مراتك لسا بتدرس وصغيرة فتأخر الحمل في مصلحتكم
أستمع سليم لعبارة صديقه هو يعلم أن التأخير في مصلحتها. وسيكون الأمر مرهق عليها بسبب دراستها ولكنه يتوق لحمل طفلا منها مد كفه حتى يلامس وجنتها وكان حالها كحال كفها باردة كالثلج
حببتي مالك بردانه كده ليه
جيه الزمن اللي عيشت وسمعت فيه سليم النجار بيتعامل مع النساء برقة
تمتم بها رسلان الذي علقت عيناه بملك التي دلفت الغرفة للتو تحمل فنجان قهوته
بقيت رايق يا دكتور رحلة أسوان تأثيرها واضح
اه على رحلة أسوان وجمالها
توردت ملامح ملك وهي تستمع إليه فمنذ الصباح وهو يحرجها أمام والدته وكأنه يريد اخبار الجميع إنه حصل على سعادته بعدما روي ظمأه
جذبها إليه بعدما دفعته بقبضتها فوق صدره بعد أن كانت تقف أمامه تغلق له ازرار قميصه
العاشق الولهان رسلان عزالدين ياريت تنسي رحلة أسوان وتيجي المستشفى.. بدل ما اجازيك بما أني شريك
صاحبك مش ناوي يخرج من البيت يا سليم
صاحت بها ملك التي اختطفت الهاتف من رسلان الذي عاد يفك ازرار قميصه حتى يقضي اليوم معها فلا بأس أن يتغيب اليوم عن العمل لعله يعوض سنين حرمانه منها
تعالت ضحكات سليم هذه المرة ضحكات كانت السعادة تتخللها فقد عاد صديقة للحياة وتصالحت ملك مع الحياة ومعهم
أخيرا يا ملك
هتف بها بحنين نحو الأيام القديمة التي جمعته مع عائلة