الخميس 28 نوفمبر 2024

رواية القديمة تحلى بقلم نرمين محمود

انت في الصفحة 3 من 24 صفحات

موقع أيام نيوز


استأذن نجاة هانم اني اخد الاوضة اللي ف الجنينة...عاوز حاجة تاني مني...
نهض وقاص من مكانه قائلا...
_ لا هو ده الموضوع اللي كنت هكلمك فيه بس...انت كنت بتكلمي مين ف التليفون...
ابتلعت ريقها بتوتر وهتفت...
_ ااا الرقم كان غلط...
وقاص بشك..
_ الرقم كان غلط...اممم طيب...
وخرج من الغرفة وهي وراءه حتي تعود لعملها بالمطبخ وتنهيه...

بمنزل عابد سلمي كانت تمارا تجلس علي الاريكة وبجانبها طفليها بمنزل جدتهم عندما دلف الي المنزل عابد بهيبته الطاغية ...
امسك بيد والدته وقبلها قائلا...
_ عاملة ايه يا ست الكل...
ربتت والدته علي كفه قائلة...
_ الحمد لله يا حبيبي...انت اخبار شغلك ايه...
عابد بابتسامة ونبرة ذات معني ...
_ الحمد لله..الشغل كويس جدا ..حتي اني اخدت اسبوع إجازة وهقعده كله هنا عشان زينب سافرت لأهلها ..
ارتعشت تمارا رغما عنها بعد أن صرح بمكوثه معهم لمدة أسبوع كامل وبالطبع لن يتنازل عن حقه فيها ...فمنذ يومان اخذها لموعد استشارتها مع الطبيبة التي طمأنته بتمكنها من وقف الڼزيف وأنهم بامكانهم ممارسة حياتهم بطبيعية...
_ يلا يا تمرة قومي اطلعي مع جوزك ...
زاغت بعينيها تحاول الهروب وهتفت..
_ طيب بس اقفلك ع الاكل الاول ...
_ لا يا حببتي خلاص كتر خيرك انك عملتيه انا هتابعه...
حاولت تمارا الحديث لكن والدته أوقفتها وهي تقول بصرامة وقوة...
_ قولت مع جوزك يلا ...جاي م الشغل تعبان وعاوز يرتاح ...
نهضت تمارا
من مكانها بضيق شديد وسارت نحو الباب يتبعها عابد ...
دلفا الي الشقة بهدوء شديد لم يتفوه أحدهم بكلمة فقط الصمت هو الذي يسود الأجواء ..
_ انا جعان حضريلي الاكل لو سمحتي..
اومأت تمارا برأسها إيجابا وسارت الي المطبخ حتي تطهو الطعام..بعد الانتهاء من الطعام نظر عابد الي تمارا قائلا...
_ شيلي الاكل وتعالي الاوضة...
اغمضت عيناها بقوة وهي تهدئ من روعها ...تعلم أنه نسخة من والدها ولذلك رفضته عندما تقدم لها ...لكن والدها وطغيانه أصر علي إتمام تلك الزيجة وبسبب خۏفها من والدها لم تتمكن من أخباره بعدم رغبتها فيها ....وكحال شقيقتيها اختارت التأقلم مع الظروف والتلوي معها اينما انجرفت بدلا من الاعتراض عليها من البداية...
_ سيبي النور مفتوح...
أجابت بصوت باكي...
_ لو سمحت خليني اقفله الله يخليك...
كانت تتوسل اليه وهي تعلم أنه لن يجدي معه ...عابد لا يضعف ولا يتأثر أمام دموعها فقط الجمود هو ما يسود الأجواء بينهم ...ولكن ذلك لم يمنعها من المحاولة مرة أخري ...
_ يا عابد ااا...
_ خلصنا تعالي يلا...
سارت بخطوات بطيئة مثقلة نحوه ...عندما بدأ بتجريدها من ملابسها اغمضت عيناها تحاول استرجاع ذكريات شبابها مع شقيقاتها حتي تنعزل عن الواقع وينتهي عابد مما يفعله ....تعلم جيدا بل إنها متيقنه انه تفرغ لها هذا الاسبوع لا لشئ سوي ليربيها علي امتناعها عنه ويضع الأمور في نصابها الصحيح بعلاقتهما وهي علاقة الخادمة بمخدومها...
الفصل الرابع...
بعد مرور اسبوع كان ناير يجلس أمام زهرة بالمقعد الموجود بالغرفة ينظر إليها بغموض وهي تبادله نظراته بابتسامة غريبة وغير متزنة ...
_ الا قوليلي يا زهرة انت مرتاحه هنا ف المستشفي...
اومأت زهرة برأسها إيجابا وهتفت..
_ امممم... مبسوطه جدا هنا...المستشفي حلوة اوي..
ابتسم ناير بخفة وهتف...
_ طب الحمد لله انها عجباكي ومرتاحة فيها...
نظرت اليه زهرة بضيق حنق قائلة...
_ هو انت ليه مبقتش بتفكني ....
ناير بجدية...
_ مش لازم ..انا باجي اقعد معاكي ساعتين تلاته بالكتير ملهاش لازمة اني افكك يعني...
_ بس انا بستني الساعتين اللي بتجيلي فيهم عشان تفكني شوية ...انا زهقت وانا مربطة كده...
عبث ناير بخصلات شعرها قليلا ثم قال..
_ بكرة تخفي وتبقي حصان ومحدش يربطك...بس ده بيعتمد عليكي اذا كنت عاوزة ولا مش عاوزة...
ردت زهرة بلهفة...
_ أيوة عاوزة...
_ خلاص يبقي تشدي حيلك بقي عشان تخفي كده وتشوفي اللي ف بطنك ده...انت طبعا عارفة أن الحاجات المخدرة اللي بتاخديها ديه بتضره عشان كده بيحاولوا يخففوهالك وده اللي بيزودلك الصداع والتعب...
وبنبرة ذات مغزى...
_ بس عشانه تستحملي اي حاجة مش كده بردو..
ارتعشت زهرة بداخلها قليلا ثم قالت بابتسامة مهتزة...
_ ااه..اي حاجة استحملها عشانه ....
ثم انحني الي اذنها هاتفا...
_ صدقيني يا زهرة العيل ده لو نزل هعيشك ف چحيم ..انا ماشي دلوقتي ...عندي شغل هجيلك بكرة ..
أشار لها بيده مودعا وغادر المشفي ...اما هي فبعد مغادرته صاحت بأعلى صوتها تستدعي تلك الممرضة حتي تطلب منها جرعة اليوم مقابل ما يتركه ناير تحت الحساب بالمشفي تأخذه الممرضة وتعاود مطالبته بدفع الحساب....
كما توقعت تماما...تركها بعد أن فرغ منها واعاد الأمور الي نصابها الصحيح تركها مغادرا الي زوجته الأخري ...كما أنه أصر علي معاقبتها فلم يتراجع عن انتقال طفليها للعيش مع والدته..
مازالت تتذكر اخر ما القاه علي مسامعها بأخر يوم بالاسبوع الذي أعاد تربيتها به...
فاقت من شرودها علي صوت باب المنزل يفتح ويدلف منه عابد وضرتها...اغمضت عيناها بقوة تحاول منع الدموع منهما ..
_ انت قولتي لمين انك جاية لامي ..
قالها عابد بحدة وصوت مرتفع قليلا ...
_ انا مرحتش ف حته انا بس نزلت كام سلمة ...كنت عاوزة اشوف عيالي ...
_ ولو...كام سلمة...كام خطوة حتي ولا يفرق معايا الكلام ده ف حاجة اصلا ..تستأذنيني الاول ..
جاءت والدته علي صوته المرتفع وهي توجه كلامها الي تمارا قائلة بتحذير..
_ خلاص يا عابد حصل خير يا حبيبي ...هي مكانتش بتروح ف حته اصلا الا عندي ...مش هتعمل كده تاني ...صح يا تمارا...
اخفضت رأسها محاوله السيطرة على دموعها أمام تلك الغريبة التي لمحتها تبتسم بخبث فرحة بما يحدث ...
_ صح يا طنط...
_ اعتذري لجوزك واطلعي شقتك وتاني مرة تستأذني لما تحبي تجيلي...
تمارا بخفوت...
_انا آسفة...
وخرجت من المنزل بأكمله وصعدت الي شقتها...بمجرد أن أغلقت الباب خلفها تصاعد رنين هاتفها..
_ تنزلي دلوقتي عند امي تحت...
كان المتصل عابد زوجها قال لها ما يريده واغلق الهاتف بوجهها مباشرة...تأفأفت تمارا بنفاذ صبر وهي تقول..
مش انت اللي عملتي فيها سبع رجالة ف بعض ...استحملي بقي...
نزلت تمارا إلي الأسفل مرة أخري بناءا على أوامر زوجها...
روحي حضري الاكل مع زينب جوة..
لم ترد عليه حتي فقد سارت نحو المطبخ بكل هدوء حتي
تباشر عملها...
لم يخلو الوضع بينهما من مضايقات زينب لتمارا واخيرا اتمتها زينب بملء الحوض بأواني كثيرة وخرجت من المطبخ وهي تقول بنبرة ماكرة..
_ انا سيبالك تذكار بقي يا حببتي ف الحوض...سلام بقي..
اكتفت تمارا بالصمت ولم تعيرها انتباها من الاساس..
بعد انتهاءها من العمل كانت تمارا تضع الطعام علي الطاولة المستديرة ووجهت حديثها الي حماتها قائلة....
_ الاكل خلص يا طنط ...
تغيرت ملامح حماتها الي الڠضب وهتفت بصوت مرتفع حاد...
_ احترمي نفسك يا تمارا...اوعي ...اوعي تقللي من احترام ابني...ابني ده يبقي جوزك ...اوعي تنسي نفسك ...كل الخير اللي انت عايشة فيه ده كله من شقاه وعرق جبينه...اعتذري لجوزك واطلعي شقتك مش عاوزة اشوف وشك دلوقتي خااالص..
فرت دمعه من عيني تمارا رغما عنها لكنها ازالتها بسرعة وهتفت بصوت حزين...
_ انا آسفة...
وغادرت المكان بأكمله ذاهبة الي شقتها حتي تستطيع البكاء بحريتها ...
قلبها يرفرف من السعادة لا تصدق ما فعله بها خلال اسبوعان لا اكثر ...أحبته بكل تفاصيله التي تعلمها والتي لا تعلم عنها شيئا ...خلال هذا الأسبوع تبدلت حياتها كثيرا لم تعد تبكي كالسابق ...أصبحت تجلس مع سيلين بغرفتها وتتحدث الي صديقاتها ...حتي انها تشارك سيلين الرقص عندما تشغل المسجل ...لا يعنيها وقاص في شئ ولا حتي زوجته...
لم يعد يؤثر فيها كلام السيدة نجاة أو حتي توبيخها لها بسبب اعاقتها أو لبطئها في إنجاز أعمال المنزل الملكفة بها..
فقط تهتم بملابسها ...حررت شعرها من ربطته المعتادة واصحبت طوال الوقت تتركه منسدلا علي ظهرها ...
باختصار دخول ياسر الي حياتها نعمة تشكر ربها عليها فى صلاتها المتقطعة وتتمني عدم زوالها...
دلفت إليها سيلين الغرفة وبمجرد أن رأتها حتي أطلقت صفيرا دلالة على اعجابها...
_ واااااو ...ايه الجمال والشياكة ديه...انا كده هغير منك بقي...
قرصتها زمزم من وجنتها بخفة قائلة...
_ انت الاصل يا جميل..
وانحنت علي وجنتها وعضتها مما جعلها تصرخ...
_ اااااااااه ايه يا زمزم ده خدي الله...المهم بقي راحة فين كده يا جميل ...
_ عندي معاد عند دكتور ياسر...عشان الأشعة بتاعت رجلي...
دارت حولها سيلين وهي تتصنع التفكير قائلة...
_ امممم...دكتور ياسر...وانت متشيكة كده عشان دكتور ياسر ولا ايه...
اړتعبت زمزم بشدة وحاولت التماسك قائلة...
_ لا طبعا عجبتني الهدوم ف لبستها...انت عارفة أن انا كل فين وفين لما بخرج اصلا...
اقتربت منها سيلين ووضعت يديها علي كتف زمزم قائلة برفق...
_ زمزم انا اختك والله العظيم..صدقيني انا افرحلك لو حبيتي وحياتك اتعدلت بدل القرف اللي انت عايشة فيه ده...وبعدين حتي لو مش حب ف هو اثر عليكي بطريقة كويسة...كفاية أن خدودك رجعت تحمر تاني بدل لونك المخطۏف دايما ده بسبب التعب...لسه شوية ع معاد الدكتور تعالي اقعدي واحكيلي كده من طقطق لسلامو عليكو...
سارت زمزم معها حتي جلست علي الفراش وبدأت تسرد لها ما حدث بينهم خلال هذا الأسبوع بدءا مما حدث عندما فحصها وأمرهم بالخروج الي اليوم الذي ذهبت فيه الي المشفي وتبادلا ارقام الهواتف بناءا علي طلب ياسر معللا طلبه ذلك بأنه يريد التحدث معها بشأن اعاقتها....
_يا سيدي يا سيدي...أيوة بقي...ياسر ده انا أعرفه من فترة مش كبيرة بس هو محترم جداااا...بس انا مستغربة ازاي كلمك وطلب رقم تليفونك وانت متجوزة...
_ لا م انا مش قيلاله...يعني هو مسألش واستنتج من عنده كده اني اختك الصغيرة وعمي يبقي بابا ...
_ ودبلتك فين طيب ..
_ م انت عارفة أن انا قلعاها من ساعة م اتجوزت اصلا ...
سيلين بتذكر...
_ ااااه صح....طيب يلا بقي عشان ننزل نروح معادنا عشان التأخير...
اومأت زمزم برأسها وسارت خلف سيلين بخطوات بسيطة وابتسامة رقيقة تزين ثغرها ...
بالمشفي كان ياسر يمسك بالأشعة الخاصة بزمزم يفحصها...بعد أن انتهي ياسر منها الټفت إلي زمزم وعبد القادر قائلا...
_ زي م اتوقعت تماما الورم الزرقان ده سببه التحميل علي رجليها وطبعا ده خلي العضم يلتهب لأنه اصلا تعبان ...
عبد القادر بقلق....
_ يعني ايه يا دكتور ايه الحل دلوقتي ..
ابتسم ياسر بخفة وهتف مطمئنا إياه...
_ متقلقش يا استاذ قدري ...انا بس بطمن حضرتك علي المنظر البشع بتاع المرة اللي فاتت..لكن الحل موجود أن شاء الله...
دلوقتي الآنسة زمزم رجليها بتوجعها جدااا والإعاقة فيها باينة...اعتقد ان الدكتور اللي قبلي قال لازم علاج طبيعي عشان اثر الإعاقة يخف شوية ...صح...
نظر قدري الي زمزم التي اخفضت رأسها بعتاب وهتف...
_ صح يا دكتور ..
_طيب...احنا هنبدأ بالعلاج الطبيعي بعد م الورم ده يخف شوية..
_ للا..انا مش عاوزة العلاج الطبيعي ده...
قالتها زمزم بصوت متوتر مهتز..
قطب ياسر جبينه قليلا وهتف...
_ ليه
 

انت في الصفحة 3 من 24 صفحات