رواية مزرعة الدموع (الفصل الثامن والثلاثون إلى الفصل الأخير) للكاتبة منى سلامة
الطريق .. دخل وأغلق الباب خلفه .. جذبها من يدها وأجلسها بجواره على السرير .. شعرت بالتوتر .. رفع وجهها لتنظر اليه ثم قال
بصى يا ياسمين .. ده أول يوم جواز لينا وعايزين نتفق على حاجات معينه .. عشان لسه أدامنا طريق طويل مع بعض
استمعت له ياسمين بكل حواسها .. أكمل
انتى فى حاجه ضايقتك واحنا بنفطر .. ولما سألتك اتهربتى .. وطلعتى أوضتك .. اللى عايزين نتفق عليه .. هو ان اللى يضايق من التانى فى حاجه لازم يصارحه بيها .. لكنه لو سكت وكتم فى قلبه الأمور هتتعقد مش هتتصلح .. لازم يكون فى بينا وضوح .. بيوت كتير بتتخرب بسبب كده .. يعني كل واحد شايل من التانى فى نفسه وساكت .. مع انه لو اتكلم ممكن أوى المشكلة تتحل بسهولة
اتفقنا .. اللى هيضايق من التانى فى حاجه يصارحه بيها على طول
أومأت برأسها .. فسألها
ايه اللى ضايقك واحنا بنفطر
طال صمتها وهى تحاول تخير الكلمات المناسبة .. وهو لم يتعجلها .. بل انتظر ردها .. وأخيرا قالت
أعادك فى البيت لواحدك مع واحدة حتى لو كانت الخدامة .. مش شايف ان دى حاجه غلط
أنا معظم اليوم بره البيت .. وهى مبشوفهاش الا وقت ما بتحطلى الأكل .. أو وقت ما بكون عايز أطلب منها حاجه .. البنت دى غلبانه ويتيمه .. وملهاش حد فى البلد وعشان كدة خليتها تعد فى أوضة جمب المطبخ ..
قالت ياسمين بهدوء
حتى لو كان الوضع زى ما انت بتقول .. مينفعش تعيش معاك فى البيت وانت لوحدك
خلاص مبقتش لوحدى
لم تبتسم .. فقال بجديه
أنا مكنتش شايف الموضوع زى ما انتى شيفاه .. أنا اتعاملت مع الأمر ده بطريقة عمليه .. مش أكتر من كده
ثم اقترب منها وقال بخبث
هو حبيبى بيغير عليا ولا ايه
شعرت بالخجل لإقترابه منها فوقفت .. فوقف هو الآخر وقال
لو تحبي أمشيها وأجيب بدالها واحدة كبيرة فى السن مفيش مشكلة
مش عايزة اكون السبب فى قطع عيشها
طمأنها قائلا
مش هتكونى السبب فى قطع عيشها ولا حاجه .. هخليها تشتغل مع البنات اللى بيشتغلوا فى الأرض و أديها أوضة فى سكن العمال
سعدت ياسمين لهذا الإقتراح .. وسعدت أكتر لأنه اهتم بما يضايقها .. ابتسمت له .. فقال بمرح
أخيرا الدنيا نورت .. كنتى مضلماها عليا على الصبح
معلش أنا لسه مش متعودة على الوضع الجديد .. وفى حاجات كتير أنا مستغرباها ومش متعودة عليها
اقترب منها وأمسك كتفيها .. لم تبتعد هذه المرة .. نظر الى عينيها بحب قائلا
وأنا نفسي تتعودى بسرعة على وضعك الجديد
أفلتت نفسها من يده فإبتسم .. ثم قال بتحدى
طيب لو قولتلك دلوقتى أنا مش حابب الوضع ده وعايزك معايا فى أوضتى وجوزنا يبقى حقيقي هتعملى ايه
انت دلوقتى جوزى وأنا مضطرة أعمل اللى انت عايزه
سألها عمر
حتى لو كان الى أنا عايزه انتى مش عايزاه
أيوة
ابتسم يطمئنها قائلا
وأنا مش هعمل حاجه انتى مش عايزاها
ثم قال
طيب ممكن ننزل بأه نكمل فطارنا
نزلا معا وتناولت معه الفطار هذه المرة وهى تشعر بإرتياح أكبر.
بعد الفطار أخذها عمر ليريها أرجاء المنزل .. واتفق مع الخادمة أمامها على عملها الجديد .. كانت ياسمين سعيدة و هى ترى زوجها يفعل ذلك لإرضائها .. انبهرت بكل شئ فى البيت الكبير .. وحكا لها عمر قليلا عن تاريخ عائلته .. وعن جدوده .. وكيف وصلوا من الحضيض الى القمة .. كانت ياسمين مبهورة بما تسمع وأعجبت للغاية بتاريخ كفاح جدوده .. وبدا عمر معتزا بجدوده وهو يتحدث عنهم .. لمست جانبا جديدا فى زوجها .. وفرحت أن الحديث قربها منه خطوة أخرى
دخلت غرفتها تلك الليلة وهى تشعر براحة أكبر من الليلة الماضية .. رأت حقيبتها التى مازالت لم تفرغها موضوعه على الأرض بجوار السرير .. فحملتها ووضعتها على السرير وفتحتها .. أخرجت ملابسها وفتحت الدولاب لتضعه فيه لكنها شهقت فى دهشة .. وجدت فستان عرس أبيض اللون .. مرصع ومطرز .. كان شكله يخطف الأبصار .. تركت ما بيدها وتلمسته كان ناعما للغاية .. أخرجته من الدولاب ونظرت اليه فى دهشة .. كم حلمت بإرتداء هذا الفستان الذى حرمت نفسها منه فى زواجها الأولى .. لأنها لم تكن تشعر ببهجة العرس .. وضعته مرة أخرى فى الدولاب وأنهت افراغ حقيبتها ثم استسلمت للنوم وابتسامة صغيرة مرسومة على ثغرها
فى اليوم التالى اتصلت كريمه ب