رواية أغلال الروح بقلم شيماء الجندي
خاطئ لذكر اسمه من شفتيها و حين اقترب انتفضا معا حيث طرق سليم الباب وقال بصوت واضح
سديم ! صاحية !
دفعته بقوة فجائية و كادت تتجه إلى الباب حافية القدمين لكنه امسكها عاقدا حاجبيه
هتفتحيله بالمنظر دا كمان وبعد نص الليل انتوا إيه حكايتكوا !
زفرت بملل لكنها عقدت حاجبيها حين طرق سليم مرة أخرى وقال بصوت مسموع
أجابت وهي بمحلها بصوت مرتفع
صاحية ياسليم فيه حاجه
أردف من خلف الباب بهدوء
آه أميرة ونورهان برا وصلوا من شوية و عمو عاصم كان عاوزكم تتعرفوا على بعض !
استمع إليها تقول
حاضر روح أنت وأنا جاية وراك !
انصرف بالفعل و قال آسر
خدي بالك من أميرة عشان مش سهلة و متتكلميش كتير معاها لو مش عارفة تجاريها في موضوع فاهمة !
تعمدت أن تختم جملتها مثله ثم تركته و تحركت باتجاه المرحاض وصفعت الباب بقوة بوجهه !!!!
جلست سديم بجانب نورهان الصغيرة اللطيفة التي لم تتجاوز العشر أعوام و بدأت تقص طرائفها الصغيرة على سديم التي أصغت إليها باهتمام واضح وشاركتها بعض الأحاديث لكن قاطعتها أميرة التي جلست تضع ساق فوق الأخرى و قالت بلطف
نظرت إليها سديم ثم قالت بهدوء
سديم !
عقدت حاجبيها الأخرى و قالت باعتذار واهي
آه آه سوري أنا لسه متعودتش على الاسم ! المهم متهربيش من أسئلتي بقاا وقولي درستي إيه و كنت فين !
ابتسمت لها سديم ببرود و أجابت بسخرية واضحة
قاطعتها تقول بدهشة
مروة مين أنا أميرة !
عقدت سديم حاجبيها و قالت بلا مبالاة
آه آه سوري أنا لسه متعودتش على الاسم ! على العموم لو مستعجلة ومش هتقدري تستني للصبح بابا ممكن يحكيلك كل اللي نفسك تعرفيه عني !
سديم حبيبتي تعالي وصليني الأوضة بتاعتي
استقامت سديم و توجهت إليها و بذات اللحظة وقف عاصم يقول لصغيرته نورهان
تعالي ياحبيبتي شوفي جبتلك إيه وأنا بجهز أوضة سديم !
واصطحبها و غادر ثم تحركت سديم بجانب مقعد الجدة المتحرك لكن توقفت حين أردفت أميرة پغضب بعد أن تأكدت من مغادرة زوجها
كانت قد وصلت إليها و أمسكت ذراعها لتلتفت سديم و
تنظر إليها بهدوء بينما وقفت نريمان تقول بلطف
أميرة احنا مقدرين تعبك وأنك لسه راجعه من سفر بس دي مش طريقة !
اجابتها أميرة بحدة
ومين قال إن دا كلام تعب أصلا !
عقدت حاجبيها حين وبختها الجدة بحدة وقالت
أميرة صوتك عاالي ! و ده مش اسلوب تتكلمي بيه مع حفيدتي خدي بالك من طريقتك مع سديم بالذات !
وقفت سديم تنظر إلى دفاع العائلة عنها بحزن و داخلها يقول ماذا إن كانت تلك هي عائلتها الحقيقية لقد اعتادت صد هجمات من حولها بمفردها حتى أمها تركتها ذات يوم داخل التيار و فرت هاربة دون أن تودعها وداع يليق بأعوام عمرها التي افنتها في
سراب !
عقدت حاجبيها حين هدرت أميرة پغضب
ونورهان مش حفيدتك ولازم تخافي عليها زي سديم
كاد رأفت
والد آسر يتحدث لكن دلف آسر من باب المنزل المفتوح على مصرعيه وقال بهدوء
و الله يا أميرة الأحسن تخليك في حالك و مش أنت اللي هتعلمي الكبار يتعاملوا مع ولادهم ازاي وبدل ما تسألي سديم عن تفاصيلها احكيلنا أنت إزاي رجعتي في وقت زي دا لوحدك منغير ماتستني السواق لحد الصبح !
كادت تتحدث لكنه أكمل بحدة
هتقوليلي دي حاجه بينك وبين جوزك اللي هو عمي مش كدا حلو يبقا تفاصيل سديم اللي هي بنته متخصكيش ولا تخص أي حد غير عمي لو مش عايزة حد مننا يتدخل بينكم يبقا طبقي دا على نفسك وماتتدخليش في حاجة متخصكيش أتمنى يكون كلامي مفهوم و متفكريش تعلي صوتك على جدتي تاني أنت مش جديدة و الكل هنا تحت أمر جدتي هي الوحيدة المسموح ليها تتكلم في أي موضوع ووقت ماتحب !
صمت الجميع و نظرت إليه الجدة بامتنان ثم قالت بهدوء
يلا ياحبيبتي خلينا ننام !
غادرت بمقعدها الكهربائي المتحرك و تبعتها سديم وقد تعمدت عدم النظر إليه وهي تمر من جانبه بينما زفر يوسف وهو يقول متابعا بعينيه أميرة التي غادرت المكان كالعاصفة
أهي هتروح تشتكينا بس جيت في وقتك ياآسر يلا أنا هطلع بقا أنام أنا كمان مش هتيجي ياسليم
استقام الآخر و قال بتكاسل و هو يمط جسده
ايوا يلا عشان هنصحا بدري بكرة و شكلي هستنا الفطار وهتأخر شوية عشان هاخد سديم معايا !
سأله آسر عاقدا حاجبيه
تاخدها معاك فين
ليجيبه الآخر
الشركة أكيد ياآسر زي ماعمي عاصم قال النهاردة !
تشدق آسر قائلا بدهشة
ليه هي مش هتروح مع عمي عاصم
اجابه يوسف تلك المرة
لا عمو عاصم رايح الفرع اللي هو ماسكه وهي هتبقا معانا احنا ياآسر ده غير إن هي وسليم متفاهمين أوي سوا خليه هو اللي يدربها وريح أنت !
ثم ضحك و ابتسم سليم يقول بدهشة
أنا مش فاهم أنت قصدك إيه يابني مش أنت بنفسك قولتلي عدي عليها أنت وأنا هعمل مشوار و بعدها احصلكم
ضحك يوسف وقال بغيظ
قولتلك عدي عليها تروحوا العشا سوا مش سيب الأكل وقوم ارقص معاها وبعدين أهو عمي قالك تعدي أنت عليها بكرة كمان لما الباشا ضحكها النهارده على أساس أنا منكد عليها !
عقد آسر حاجبيه حين أدرك أنها بصحبة سليم منذ بداية الليلة وليس فقط وقت تناول العشاء ! لكنه تابع سليم وهو يردف موضحا
الموضوع مش زي ماأنت متخيل لو قعدت مع سديم هتعجبك
دماغها وطريقة تفكيرها حتى في الشغل أنت عارف عمو عاصم أصلا قال تنزل معانا شغل ليه ماهو عشان النهاردة كنا بنتنقاش في شغل قدامها و عمو أخد رأيها و بصراحة ابهرتني أنا نفسي بحلولها دي هي اللي تدربني مش العكس ! وساعة الرقصة أنا اللي أصريت كانت متضايقة و محبتش تحكيلي مالها و صادفت الرقصة اللي بتحبها روحت شديتها ورقصنا بس كدا !
نظر إليه يوسف باشمئزاز ثم قال مقلدا
شديتها ورقصنا بس كداا ! طيب و معديش عليها أنا بكرة ليه يعني اهو على الأقل هتحكيلي وتفضفض أنا هعرف اوقعها في الكلام واعرف اللي مزعلها !
شد قبضته بقوة و قال پغضب مبالغ به
ايه السخافة دي بتتكلموا على واحدة من الشارع !
تركهما و غادر ووقف رأفت يقول بتأكيد
صحيح ياولاد طريقتكم مش حلوة دي بنت عمكم و حتى لو بنت غريبة ميصحش تتكلموا على وجودها بالشكل دا !
نظر إليه يوسف بدهشة وقال
أنا مكنتش اقصد حاجه يابابا سديم زي اختنا أصلا منقدرش نتكلم عليها وحش دا هزار !
تحدث سليم رافعا حاجبه مندهشا من موقف ابن عمه المدافع عنها
أنا مش فاهم بصراحة آسر هو من امتى بيطيق تعاملات البنات ولا بيفهم فيها أصلا عشان يدافع عنهم كدا !
ابتسمت نريمان و أردفت بارهاق
لا انتوا رغايين أوي وأنا محتاجة اطلع أتطمن على أمجد وبعدها أنام تصبحوا على خير !
ربت رأفت فوق كتف سليم وقال
عندها حق أنا كمان هطلع أنام تصبحوا على خير ياولاد!
أجاب يوسف قائلا وهو يتبعهم
يلا احنا كمان ورانا يوم طويل بكرة
بعد مرور ساعة و هي جالسة داخل غرفتها استمعت إلى طرقات هادئة يليها صوت عاصم يقول
نمتي ياحبيبتي
كانت تنوي تجاهل الطرقات لكن حين استمعت إلى نبرته الحانية اعتدلت و هي تطلق أنفاسها بإرهاق ثم توجهت إلى الباب و فتحته بهدوء و هي تقول ببسمة صغيرة
لا صاحية اتفضل !
ثم تنحت جانبا ليتمكن من المرور لكنه قال بلطف
لا ياحبيبتي أنا عارف انك مرهقة ومحتاجة ترتاحي كنت هقولك لو تحبي أنام هنا مش فوق مفيش مانع عندي !
عقدت حاجبيها تقول بهدوء
لأ لأ اطلع نام فوق مش مشكلة إحنا في نفس المكان روح ارتاح أنت ومتقلقش عليا
هز رأسه بالإيجاب ثم اقترب يطبع قبلة صغيرة فوق جبينها و انصرف وهو يقول
تصبحي على خير ياحبيبتي
تنهدت و أغلقت الباب ثم توجهت إلى المرآة تنظر إلى انعكاسها بها پألم وحزن و هي تهمس بصوت مبحوح قائلة لنفسها
معرفش إيه اللي بيحصل بس أنا لأول مرة أخاف من اللي جاي !
تلك المرآة ليست عاكسة إنما هي ڤاضحة تنتظرني فور إنتهاء يومي فقط لتخبرني أنني كاذب و أنني لست على مايرام كما تظاهرت طوال يومي تخبرني أن صراعي مستمر إلى ما شاء الله و معاركي الداخلية حولتني إلى هيكل بلا روح طالما صارحتني و أخبرتني أني مجرد حطام !
الفصل الخامس ذكرى!
شعرت بالاختناق داخل تلك الغرفة و رفعت يديها تسير فوق عنقها بحركات خفيفة و شعرت بمرارة حلقها و دموعها الحبيسة داخل مقلتيها تهددها بالسقوط نظرت إلى تلك الشجرة اليافعة من خلف الزجاج و قد إلتفت حولها الأزهار بشكل جميل خرجت من غرفتها وسارت بخطوات هادئة إلى أن وصلت إليها وجلست أرضا تراقب المنزل من بعيد حاولت تنظيم أنفاسها و وضعت يدها أعلى صدرها ثم أغمضت عينيها وتركت نسمات الهواء تداعب خصلاتها و تتراقص معها كيفما أرادت !
تدريجيا هدأ روعها و أرخت جسدها ثم فتحت عينيها و بدأت تتأمل المشهد من حولها المنزل جميل و هادئ و منزله المنفصل مميز و رائع وهي هنا لفترة مؤقتة و سوف تنتهى كما أنهت جميع مهامها من قبل لما تلك الحالة إذا ما سبب انسياقها خلف بضعة مشاعر سوف تقودها إلى الهلاك منذ متى و هي تهتم لنظرات من حولها هل أنقذتها النظرات حين كان أبيها طريح الفراش لقد تركه الجميع الأصدقاء و الأحبة و العمل أيضا تدهورت حالته النفسية و الصحية بشكل كبير هي ليست آسفة على مافعلته منذ أعوام من أجله لقد كانت مدللة أبيها تحيا بسلام بين عائلة جميلة أم حنون و أب رائع عطوف و شقيقة صغيرة مشاكسة تسر الناظرين و بين ليلة وضحاها أصبحت هي مصدر طاقة العائلة و مصدر قوتها ! طريق ملبد بالغيوم سارت داخله الصبية اليافعة و الآن تكمله الأنثى المحتالة كما لقبها هذا الآسر ! منذ أعوام وضعها الخال باختيار إما هي أو شقيقتها داخل الطريق و أكد تهديده حين فقدت والدتها الحركة و أصبح علاجها الباهظ على نفقته و أيضا مستقرها داخل منزله برغبة واضحة من والدتها ولا تعلم إن كانت رغبتها أم إجبار منه ولا يشغلها الآن سوى مصير شقيقتها الصغيرة !
أغلق المحتال سامح جميع طرق العودة بوجهها و لقد أخبرها حين قررت الابتعاد بشكل واضح وصريح أن تلك أحلام لن تتحقق !
أنا مش عايزة أكمل ياخالو ! اللي بنعمله دا اسمه ڼصب كنت بعمل كدا عشان بابا و هو دلوقت مش موجود !
وقف سامح يراقب ملامح ابنه شقيقته المجهدة ثم نظر إلى عينيها التى يتراقص داخلها ألم الفقد و ثورة ڠضب تعلمت جيدا إخفائها لكنها الآن في أسوأ حالاتها على الإطلاق كان على يقين أن ۏفاة والدها لن تمر عليه مرور الكرام و لكن كيف يفقدها هي لقد أصبحت فتاة أخرى في عامين فقط لقد أصبحت ابنته التي لم ينجبها أصبحت كما أراد منذ أن قابلها أول مرة !
تعلمت متى ومتى تصمت و كيف تتمكن من إخفاء مشاعرها بل و إظهار النقيض منها علمها الكثير و لم يبخل عليها يوما ما ماهرة و ذكية و سريعة البديهة بشكل كبير حققت له ما يتمناه فقط في عامين هل تظن أن يتنازل عنها هكذا ببساطة
تنهد و وضع يديه فوق كتفيها يقول بلطف
سديم ياحبيبتي مش محتاجة اقولك أن بابا كان متعذب و أنت كنت مشتتة وقتها دلوقت الأمور أحسن وشغلنا تمام ومفيش عقبات قدامك مالك بقاا !
سقطت دموعها و قالت پغضب واضح
بابا عمره ماكان عقبة ليا !!! أنا اللي دمرته لما عرف أنا بعمل إيه أنا اللي ضيعت كل تعبه لما مشيت وراك و سمعت كلامهااااا !
أنهت كلماتها وهي تشير إلى والدتها التى جلست فوق
الأريكة تبكي پألم شديد ابنتها محقة لقد فعلت كل هذا لأجل زوجها و بناتها لكنها فقد الأب والآن تفقد فتاتها الكبرى التي أصبحت على علم بكل ما يدور من حولها وأن أبيها كان على صواب منذ أعوام و أن أسباب امتناعهن عنه كان لأفعاله المشينة و ليست كما أخبرتها والدتها لأجل الزواج و كل هذا الهراء !
صمتت نبيلة ونكست رأسها تضع يدها تكتم شهقاتها و تستمع إلى اخيها يقول
ولما مشيتي ورايا عملتي ملايين في سن زي دا و بتتعلمي أحسن تعليم و لغات و ومزيكا و مدارس رقص و أماكن لا يمكن كنت تقدري تجربيها و أنت معاه !
انتفضت نبيلة و هرعت تجاه ابنتها التي صړخت پعنف و اهتز جسدها بقوة و هي توبخه بنبرة لاذعة قائلة
إيااااك تتكلم عنه نهااائي ! أنا مطلبتش كل داااا انتوااا اللي كنتوا عاوزين الفلوس و النوادي والأماكن دي !
ثم نظرت إلى أمها و عاتبتها پبكاء مرير و نظرات لوامة وهي تبتعد عن أحضانها
أنت السبب !! أنت وعدتيني هيبقاا كويس ! قولتيلي اعمل كدا عشان نقدر نجيب العلاج ! قولتيلي أنه هيشوف وهيقوم يمشي أنت استغلتيني أكتر منه و أنا كنت عارفة دا ومحبتش ازود وجعك على بابا عشان عارفة إنك بتحاولي عشاني و عشانه وعشان نيرة وللأسف قبلنا كلنا كان عشان نفسك ! أنت استغنيتي عني ووافقتي إني اشتغل منغير حتى ما تعرفي تفاصيل الأماكن اللي هروحها ولا الناس اللي هتعامل معاها ! أنت كبرتيني وأنا لسه صغيرة بنت كل
حلمها خروجة مع صحباتها بقى كل همها هتكدب إزاي النهاردة على أقرب واحد ليها في الدنيااا