رواية القديمة تحلى بقلم نرمين محمود
كده...كفاية سنتين ونص إهانة بعده عني وإهانة نجاة هانم وخروجي الممنوع والضغط على تعبي كل ده مش هقدر استحمله تاني ...
زاد قدري من ضمھ لها وتعالي نحيب زمزم اكثر حتي قطعه دخول زوجته التي صاحت بإحدي الكلمات الإنكليزية التي تنم عن دهشتها ثم تبدلت ملامحها للعبوس والڠضب قائلة ...
_ قومي يا بنت انت روحي شوفي الاكل مع صفيه خلينا نتكلم ف معادنا مش كل يوم تأخير كده...
اغمضت عيناها بقوة واعتصرتهم پألم ثم تابعت السير دون أن تتفوه بكلمة حتي سارت الي المطبخ لتباشر عملها المعتاد..
بعد قليل كان الجميع يجتمعون علي طاولة الطعام وبالطبع اخذ مكان زمزم حتي تحتله الزوجة الجديدة والمرحب بها هنا علي عكس زمزم تماما....
ايه القرف ده...مين البهيمة اللي عملت الشوربة ديه...
_ انا...
_ طبعا ما لازم تبقي انت...بتعملي الاكل برجلك أن شاء الله...حاجة تقرف....قومي غوري من وشي ..
نهضت زمزم من مكانها ببطء وارهاق وبمنتصف الطريق لم تستطع التحمل فسقطت علي الارض وهي تلهث بتعب ..هرولت إليها سيلين تتفقدها بقلق قائلة...
_ ايه يا زمزم مالك..رجلك تاني بردو..
حاولت سيلين أن تجعلها تنهض من مكانها لكنها لم تستطع الا بمساعدة والدها ...
بالغرفة استطاعت سيلين أن تجعل زمزم تعري قدمها إذ أنها خجولة جدا ...كانت ساقها بداية من ركبتها الي آخرها تنتشر عليها بقع زرقاء وبنفسجية اللون...
_ يا نهار اسود...ايه ده انت لازم تروحي لدكتور فورا...بص يا بابا ..
ردت زمزم بارهاق...
_ حاضر يا بابا هروح والله...بس دلوقتي عاوزة انام انا تعبانة بجد...
_ لا مينفعش انا هتصل بياسر ييجي يشوفك لازم دلوقتي...
حاولت زمزم الاعتراض لكن حديثها ضاع وسط مكالمة عمها مع ذلك الطبيب...
بعد مرور ساعة تقريبا كان الطبيب يقف بالغرفة يحاول الكشف علي ساقها لكن خجلها هو ما جعله يتأفأف بضيق قائلا...
استشعرت زمزم ضيقه منها فلم تجد إلا أن تنظر إلي عمها وسيلين وما
كان من ياسر إلا أن هتف...
_ معلش يا جماعة اطلعوا برا لحد م اكشف ع المړيضة بعد اذنكم...
اذعن كل من قدري وسيلين اليه وخرجا من الغرفة الټفت ياسر اليها قائلا...
اومأت برأسها إيجابا ثم رفعت الغطاء حتي وصلت الي مكان الإصابة بالضبط...
_ يا ساتر يا رب...ده صعب جدا...كنت مستحملاها ازاي اصلا اكيد ديه مش بين يوم وليله ...
ردت زمزم برقة قائلة..
_ هي فعلا بقالها فترة بس مكانتش بالحجم ده...وده اللي خلاها تعبتني النهاردة...
اقترب منها ياسر ووضع يده على قدمها قائلا....
_ انا هفحصك بس لو فيه اي ۏجع قوليلي...ممكن يبقي فيه ۏجع جامد ...بس هي الإصابة ديه من ايه...انا ملاحظ أن رجليكي فيها إعاقة..
_ أأأ...أأيوة هي ديه سببها حاډثة ...
_اها تمام..لو فيه اي ۏجع قوليلي ...
اومأت برأسها إيجابا وبدأ ياسر يباشر عمله وضغط علي جلد ساقها ...لم تتأوه أو تصدر صوتا حتي...
_ مش حاسة بحاجة كده..
_ لل...لا..
غرس اصبعيه بساقها بقوة حتي وصل إلى عظامها قائلا...
_ ولا كده..
صړخت زمزم بقوة وحركت ساقها بعيدا عن مرمي يديه ...
_ اوكي ..اوكي ...خلاص ...واضح أن المشكلة ف العضم شوفي انا مقدرش اكتبلك الا ع مسكن ولازم تيجي المستشفي عشان الفحوصات والأشعة عشان نعرف سبب الالم ده..بس انا أرجح أنه سببه إرهاق لان الزرقان لأخر الرجل ده وخصوصا الجزء التاني من رجلك بس يبقي حضرتك محملة عليه زيادة...
سار ياسر نحو باب الغرفة حتي يأذن لوالدها وشقيقتها _كما يعتقد_ بالدخول ...
_ خير يا دكتور..
_ الآنسة عندها مشكلة ف العضم وطبعا انا مقدرش احدد المشكلة بالظبط إلا بعد الإشاعة عشان ابقي متأكد من كلامي ...ولازم تتعمل ف اسرع وقت ممكن...عن اذنكم...
خرج ياسر من الغرفة ووراءه قدري حتي يوصله إلى باب المنزل شاكرا إياه ....
الفصل الثالث...
بعد مرور اسبوع...
اهو جبتلك طلبك...ايدك بقي ع الحلاوة.....
تعلقت عينا زهرة بما بيد تلك الممرضة بسعادة مرضية وهي تتأمل ذلك المسحوق الابيض الذي بيده راحتها وسعادتها كما تظن ...مدت زهرة يدها حتي تلتقط الكيس الصغير لكن الممرضة أبعدته عن مرمي يديها قائلة...
_ لاااا...حلاوتي الاول ...
عبست زهرة قليلا وهتفت بصوت باكي...
_ الله يخليكي اديهوني ...ااا..اانا مش معايا حاجة عشان اديهالك..
حولت الممرضة عيناها الي الحلقة الذهبية الملفوفة حول اصبعها فلم تتردد قط في نزعها واعطائها لها وتركت لها الممرضة الكيس وخرجت فرحه بما حصلت عليه من هذه المړيضة الساذجة...
بالداخل اسرعت زهرة بفتح الكيس ووضعت بعضا منه علي يدها واستنشقته باستمتاع وكذلك حتي انهت الجرعة كاملة وخبأت الكيس بداخل ملابسها الداخلية حتي لا يراه أحد وذهبت في سبات عميق...
باليوم التالي استيقظت زهرة علي ضوء الصباح يغزو الغرفة ففتحت عيناها ببطء ليطالعها وجه ناير المبتسم وهو يقول...
_ صباح الفل يا زهرتي...عاملة ايه النهارده ...
ابتسمت زهرة بشرود قليلا وهتفت..
_ انا الحمد لله...احسن
_ طيب الحمد لله...عملتي مشاكل الاسبوع اللي فات لحد م ربطوكي كالعاده ..
قالها ناير بمشاكسة الزهرة وهو يداعب أرنبة أنفها ...
رفعت زهرة قدميها ويديها حتي تريه كيف يقيدونها وقالت بسخرية...
_ حبيت اتسلي شوية..خصوصا انك سبتني الاسبوع اللي فات كله ومجتليش خالص...
ناير يأسف...
_ سماح المرادي يا زهرتي صدقيني كان عندي شغل ضروري ومكانش ينفع يتأخر...
رفعت حاجبيها الكثيفين بطريقة ساخرة وهي تمط شفتاها...
_ اممم...شغل ...ضروري...وميتأخرش...الكلام ده مبيفكركش بحاجة...
تغيرت معالم وجهه الي الجمود والألم ونهض من مكانه يقرب منها الطاولة الموجود عليها الطعام ...
_ سيبك من شغلي يا ستي اديني رجعت اهو وهجيلك كل يوم كمان ...اتفضلي افطري بقي...
_ عاوزة العلاج الاول...
ابتسم ناير بخفة واقترب منها حتي يحرر يدها قائلا...
_ تاكلي الاول وبعدين تاخدي علاجك..يلا انا هفطر معاكي اهو ..
اضطرت زهرة أن تتناول طعامها اولا حتي تحصل على ما تريده ...
_ بالهنا...كده بقي تاخدي علاجك..
تناولت علاجها ثم بدأ الصداع يخمد قليلا ونظرت إليه قائلة...
_ عاوزة اروح الحمام ممكن تفكني ...
ضحك ناير بقوة ثم هتف..
_ قولي انك عاوزاني افكك مفهاش مشكلة بس بلاش حوارات يا زهرتي..انت عارفة انا مش بخاف منك يعني..
ابتسمت له بسماجة هاتفة...
_ فعلا...ممكن بقي تفكني ..
_ طبعا بس ثواني صغيرين أد كده...
قام ناير من مكانه واوصد الباب بالمفتاح ووضعه بجيب بنطاله وسار نحوها وفك قيدها...
_ اهو يا ستي ...ها بقي تعالي استحمي كده وسرحي شعرك ده وخلينا قاعدين مع بعض اليوم كله النهاردة...
_ مش عاوزة ...عاجبني نفسي كده ...وكمان مش عاوزاك تقعد معايا اصلا ...
كان ناير ينظر إلي بقعه ما پغضب شديد حتي رفع بصره إليها وهتف...
_ مين..
_ مين ايه...
_ مين اللي لبسك بنص كم..
ابتسمت زهرة بتشفي وفرح وهتفت بابتسامة عريضة وعيون مدمعة...
_ امبارح يا سيدي طلبت منهم استحمي رفضوا..ف قولتلهم ع الأقل اغير هدومي وواحدة م الممرضين اخدت رأيي ف اللي هلبسه وانا اخترت ده اصل الجو حر جداااا...
نهض من مكانه وسار الي الحقيبة الموجودة
وأخرج محتواها حتي عثر علي كنزة أخري بأكمام طويلة أمد يده بها ...
_ خدي البسي ديه...
هزت رأسها نفيا ببراءة مصطنعة..
_لا ...ديه مريحاني اكتر ..مش عاوزة اللي ف ايدك..
_ البسيها يا زهرة بدل م البسهالك ڠصب عنك...يلا..
ربعت يديها والتفتت للجهة الأخري واردفت..
_ لا ...مش هلبسها انت جاي تقعد معايا ولا تدايقني..
زمجر پغضب واقترب منها يحاول تبديل تلك الكنزة التي ترتديها بالموجودة بيده لكنها نهضت من مكانها بسرعة وركضت في الغرفة وهي تضحك بطريقة غير طبيعية جعلته يجعد جبينه في شك...
_ زهرة انت مالك النهاردة فيه ايه ..
_ مفيش حاجة بس عاوزة اجري وطبعا مش مسموحلي اني انزل الجنينة ف بحاول اعمل ده ف الاوضة الكبيرة ديه...
_ ماشي يا زهرة بس غيري التي شيرت ده الاول والبسي التاني..
_ لا..انا هفضل بده يا اما انت تمشي لو مدايق ...
زفر ناير بضيق وحنق قائلا...
_ خلاص ماشي ..تعالي اقعدي بقي ...
انا الحمد لله كويس...انت اخبارك ايه ...
فتحت الرسالة بلهفة وكتبت...
الحمد لله..كويسة..
اخبار رجلك ايه...احسن ...
ظلت تنظر الى الهاتف بيدها بابتسامة فرحة وشعور بالكمال لاول مرة فها هي لأول مرة يهتم أحد لامرها سوي شقيقاتها وعمها وابنته ...قطع شرودها صوت وقاص وهو يدلف الي المطبخ ...
_عاوز ميه
لم تستمع إليه زمزم من الاساس فقد كانت شارده في الرسالة كما هي ...حول بصره ناحية ما يلهيها عنه فوجد الهاتف بيدها فاقترب منها وهزها بقوة قليلا...
ذعرت زمزم من الحركة المفاجأة وسقط هاتفها منها ..
_ نن..نعم..
كانت تتهرب بعينيها من نظرات عيناه التي ثبتت عليها واخترقتها ..
_ عاوز مية..مش سامعاني ...
اخفضت رأسها عندما شاهدت إصراره علي تفحصها وهتفت بصوت خاڤت...
_ كنت عاوز حاجه..
_ اه...مية وتجيلي ف اوضتي يمكن تفوقي م السرحان ده شوية ...
وخرج من المطبخ وانحنت هي حتي تجلب الهاتف الذي سقط منها وذهبت الي البراد حتي تجلب له الماء....
دق باب الغرفة ففتحت شيما الباب ونظرت إلى زمزم باستهزاء...
_خير!!...
امدت لها يدها بزجاجة مياه وكوب قائلة برقتها المعهودة...
_ وقاص كان طالب مية وقالي اجبهاله ف الاوضة ...
_ طيب هاتيها ممكن تمشي بقي...
التفتت زمزم حتي تغادر لكن صوت رنين هاتفها فردت بسرعة غافلة عن هذه المرأة وراءها وهي تتسمع علي مكالمتها ..
_ الو..انا الحمد لله..لا كنت بعمل حاجات كده ف المطبخ ومعرفتش ارد ...
جاءها صوت ياسر يقول...
_ مروحتيش شوفتي الأشعة ليه ..استاذ عبد القادر قالي ديه رجلك مينفعش تسكتي عليها كده خصوصا أن منظرها كان صعب جدا..
_ لا لا...انا اصلا مبحبش الدكاترة ...والمرة اللي فاتت بابا هو اللي أصر على دكتور عشان رجلي ..وسبحان الله يعني ارتحت لحضرتك وخليتك تكشف عليا ...يعني تجارب الدكاترة مش سهلة اوي كده بالنسبالي ...
_عقدة صح...بسبب الحاډثة اللي سببتلك الاعاق...الو ..الو..
علي الجهة الأخري ...
اغلقت زمزم الهاتف دون قصد فقد ارتعشت يداها بسبب خروج وقاص من الغرفة علي حين غرة وهو يستدعيها حتي تتبعه الي غرفتها ...فأغلقت الهاتف وإزالة اخر مكالمه من سجل المكالمات ...
_ تعالي ..اقعدي بقي مش هفضل اقولك كل حاجة كده...
سارت زمزم حتي جلست علي الكرسي وانتبهت له ...
_دلوقتي انت واحدة بس..انا وشيما اتنين ..طبعا من ساعة م جينا واحنا بنام ف الاوضة الصغيرة ديه..وانت بتنامي ف الكبيرة لوحدك ...ف احنا عاوزين الاو...
قاطعته زمزم قائلة...
_ مفيش مشكلة انا اصلا كنت عاوزة