رواية لمن القرار بقلم سهام صادق_الفصل الثالث عشر إلى الفصل الثامن عشر_
علي مقعده ينظر إليها.. فتجمدت في مكانها تنظر إلى خطواته المغادرة في عجالة تهتف به
يا بيه مش هتفطر
هرب من نفسه ومن شيطانه..وها هو في الصالة الرياضية
يركض وتفاصيل خادمته الصغيرة ټقتحم عقله.. شهية وجميلة رغم الفقر ودنائة سائقه.. شيطانه يغويه وهو خير من يعلم متى يتحكم شيطانه به
سليم النجار
التف إليها وقد قطب ما بين حاجبيه ينتظر أن تكمل حديثها
أنا سمعت أنك محامي شاطر أوي.. ومحتاجة استشارتك في حاجة قانونية
ممكن رقم تليفونك عشان أقدر اتواصل معاك
أرتشف من زجاجة الماء التي التقطها للتو يرطب حلقه دون إهتمام.. شعرت بالحرج بعدما رمقها بتلك النظرة التي فهمتها
عنوان المؤسسة لو عملتي بحث بسيط في جوجل هتعرفيه يا مدام..
وأنصرف من أمامها فاتسعت عيناها ذهولا لا تصدق إنه بتلك الصفاقة
رمقت خطواته ومازالت واقفة في صډمتها
وقح.. لكن فظيع ويهبل.. مش مهم عجرفتك يا سليم باشا بكره أخليك تتمنى تنول نظرة مني
عيناه عالقة نحو هاتفه الذي أخذ يضيء باسمها لمرات عديدة.. يصارع قلبه بأن يتوقف عن التوق لإجابتها وعقله الذي يحثه على السير نحو ما قرره.. انطفأت إضاءة الهاتف كحال تلك اللهفة التي يحاول إخمادها.. زفر أنفاسه بزفرات متتالية يخرج فيها أنفاسه المثقلة يسأل حاله
يا ترى اللي بتعمله ده صح ولا غلط يا رسلان..
اللي جاي صعب وملك محتاجه تفهم مشاعرها صح.. وهتقدر تتخلي عن كل حاجة في سبيل الحب من غير ما تحس بالذنب ولا النهاية هتكون....
انتفض قلبه كحال جسده فنهض من مقعده يلتقط معطفه الطبي فما السبيل أمامه تلك الفترة إلا الإنغماس في عمله وإرهاق عقله
.............
تجمدت يديها على الهاتف وقد تعلقت عيناها بضحكة شقيقتها الصاخبة..تلاعبت بها المخاۏف التي زرعتها داخلها ناهد.. تنظر لملامح شقيقتها السعيدة مع من تحادثه
هكلمك تاني يا كريم ونشوف هنتقابل فين.. أنت حقيقي وحشني أوي
هل عادت روحها إليها الآن.. مها لا تحادث رسلان كما توهمت
اقتربت منها مها تنظر إلى ملامحها الباهتة
مالك يا ملك وشك أصفر كده.. أنت تعبانة
طالعتها ملك وسرعان ما رفعت كفيها نحو وجنتيها تتحسسهما
أنا كويسة.. مفيش حاجة.. هنزل أتمشى شوية أغير جو
دارت مها حول نفسها تبحث عن حقيبتها
وأنا كمان عندي مشوار مهم
وعادت تنظر نحو شقيقتها... أرادت أن تخبرها بوجهتها ولكن والدتها ونصائحها جعلتها تخشي من تلك الغيرة التي حدثتها عنها
يلا سلام.. عشان متأخرش
سارت من أمامها وقد التمعت عيناها.. ستذهب إليه وستفعل كما حفظت من دور ستكون بارعة فيه
............
لا تعرف كيف ومتى أصبحت واقفة أمام المشفى التي تعلم تماما بوجوده بها في ذلك الوقت.. طالت وقفتها التي صارت تجذب أنظار البعض لتدرك أن ما عليها إلا العودة كما أتت أو أن تحارب ضعفها وتذهب إليه حتى تراه
خليكي شجاعة يا ملك.. رسلان بيحبك أنت..
اغمضت عيناها تستجمع أنفاسها إلى أن حسمت قرارها وسارت بخطي بطيئة لداخل المشفى
إنها تقترب كما هو كان يقترب... تجمدت خطواتها عندما التقطتهما عيناها.. رسلان يسير وجواره مها التي تتسع ابتسامتها باشراق
مروا من أمامها كالطيف دون أن يروها ولكن هي كانت الحقيقة ټصفعها.. إنها تنغمس في بؤسها وهم يتواعدون.. لا يجيب على اتصالها ولكن ها هو يرافق شقيقتها
اتبعتهم تجر أقدامها خلفهم بصعوبة..صعدت مها معه السيارة والسعادة تعلو ملامحها الجميلة
المخاۏف ټقتحم عقلها.. وقلبها ېصرخ بها أن رسلان يحبها هي وليست مها
اتبعتهم بسيارة أجرة ووتيرة أنفاسها تتزايد..لم تعد تشعر بقدمها حتى وهي تترجل من سيارة الأجرة .. أعطت السائق المال دون النظر نحو الذي أخرجته
يا أستاذة أستنى خدي الباقي
ولكنها كانت تسير پضياع.. والأصوات تتداخل من حولها... والدتها أصبحت بعيدة عنها ليس بوقتها فقط بل وقلبها الذي لم تعد تشعر بحنانه.. والدها لم يعد يطالعها إلا بتلك النظرة التي لا تفهمها أهي حسرة ام كسرة ام خيبة.. ميادة أصبحت نائية عنها وكأنها باتت شخص غريب عنها.. خالتها كاميليا الجميلة لم تعد كما هي.. الكل يوجد به شيء لم تعد تفهمه وهي تائهه في تلك الحلقة المفقودة
اقتربت من المطعم الذي دلفوا إليه وأتخذت ركنا بعيدا حتى لا تبدو واضحة إليهم
تتأملهم وهم جالسين سويا..
مها أنا حقيقي مش فاضي.. فقولي الكلام المهم اللي عايزه تقوليه بسرعة
طالعته مها بابتسامتها التي تأسر القلوب ولكن قلبه هو كان مع أخرى.. استرخت في جلستها تحاول أن تستجمع نفسها حتى تتقن الدور كما أخبرتها والدتها
رسلان أنا
رمقها بنظرة أخافتها فاطرقت عيناها تفرك يداها بتوتر
رسلان أنا عارفه أنك مش بتحبني.. وأنا خلاص بقيت فاهمة ده كويس.. يمكن أتعلقت بيك بسبب كلام ماما وخالتو عليك ديما.. أنا أسفه يا رسلان لو في يوم ظهرت ليك البنت المستهترة أنت عارف أني لسا صغيرة وملك وميادة ديما بعاد عني حتى عمرهم مانصحوني أعمل إيه ومعملش إيه غير دلع ماما ليا.. بس أنا بحاول أتغير مش عايزه أفضل كده
كان مشدوها من حديثها ومن تلك النظرة المستكينة التي تنظر بها إليه
رسلان هو أنا ممكن أتغير وأكون شبه ملك وميادة.. وتقدر تشوفني زيهم وتحبني
تجمدت عيناه عليها وسرعان ما أدركت فداحة خطأها
مش زي ما أنت فهمت يا رسلان.. أنا قصدي ألاقي منك نظرة الأخ زي زمان.. فاكر يا رسلان كنت ديما تدافع عني لما ميادة تضربني
مها أنا عمري ما كرهتك أنت بنت خالتي وعندي زي ميادة
وملك مش كده
ألجمته عبارتها طالعها يدقق النظر في ملامحها.. ولكن مها تلك اللحظة لم تكن مخادعة.. إنها لا تظن السوء في ملك حتى لو وضعت جميع الإحتمالات صوب عينيها إنها تعرف ملك شقيقتها جيدا لا تسرق منها شيء تريده.. دوما عطوفة مضحية مخلصة
ملك كانت أبعد من أن تكون شقيقة بالنسبة له .. لم يعطيها الجواب وهي لم تنتظر منه ذلك
اتسعت عينين الواقفة تطلع المشهد.. مها تنهض من علي مقعدها تقبل خد رسلان وتحتضنه
ولم تكن الدهشة أصابتها وحدها ولكنها أصابته هو الأخر فانتفض من علي مقعده يزجرها بعينيه
لو عايزه تتغيري يا مها يبقى ياريت تفهمي إن أنا ابن خالتك وفي حدود مهما كان
والرجولة التي تضج بها معالمه قولا وفعلا تعجبها بشدة
ڠصب عني يارسلان بتعامل معاك كده عشان عارفه أنك مش هتفهمي غلط
رأف بحالها عندما وجدها تخفض عيناها ندما
عمرك شوفتي ملك عملت كده
...................
ولو ملك من كانت فعلت هذا لكان الآن أكثر الرجال سعادة
سارت في الطرقات هائمة على حالها تبكي حسرة لا تصدق أن رسلان خدعها وتلاعب بها بل ويتلاعب بشقيقتها.
ساعتان وهي مازالت جالسة في تلك الحديقة التي أخذتها إليها