رواية جوازة نت بقلم منى لطفي
أسبوعان منذ ان بدأت منة التدريب لدى مكتب شقيقها احمد الهندسي وطدت علاقتها مع سحر وايناس زميلاتها في العمل كما كان عمر بمثابة أخ ثان لها فهو انسان خفيف الظل ومحترم لم يتجاوز حده معها ولكن تبقى نشوى التي لم تستطع الاندماج معها ليس عن كره لها ولكن شفقة عليها نعم فهي كانت تشعر بالعطف عليها مما تراه من سلوك نشوى المنفتح لدرجة كبيرة تخالف ما تربت عليه منة لذلك آثرت عدم الاحتكاك معها الا في اضيق الحدود ولكنها لا تستطيع منع نفسها من ان ترد لها الصاع صاعين اذا ما تجاوزت الاخرى حدودها معها
سحر تعالي شوفي كدا الديزاين دا قبل ما اسلمه لعمر
اقتربت سحر لتطالع ما اشارت اليه منة وقالت وقد اعتلت ملامحها البريئة ابتسامة فرحة
ابتسمت منة وقالت بلهفة
بجد يا سحر ولا بتجامليني
سحر مقطبة جبينها
انت هبلة يا بنتي هجاملك في الشغل
قامت منة وتناولت لوح الرسم العريض الموضوع على الحامل الهندسي امامها وقامت بطيه بشكل اسطوانى وقالت بحماس
سحر بدهشة
مش هتوريه لأحمد الأول
نعم علشان يعدلي فيه وبعدين لو عجب عمر يقول بفضل توجيهاتي ثم اشارت اليها براحتها الصغيرة متابعة
لا يا
ستي انا عندي عمر يشوفها ويقول لي ملاحظاته كدا احسن
سحر وهى تهز كتفيها بلامبالاة
خلاص براحتك
طرقت منة الباب بخفة فسمعت صوتا مرحبا يدعو الطارق للدخول فتحت منة الباب وما ان ابصرها عمر حتى انفرجت اساريره واشار اليها بالتقدم قائلا ببشاشته المعهودة
لاحظت منة ان الجميع يستخدمون أسمائهم المجردة بدون ألقاب فحذت حذوهم مرحبة بهذا الاسلوب
الذي أشعرها انها بين أسرتها واصدقائها
دخلت منة تاركة الباب مفتوح جزئيا خلفها وتقدمت راسمة ابتسامة صغيرة على شفتيها النديتين وهى تقول
معلهش لو هاخد من وقتك شوية بس انا خلصت الشغل اللي انت كلفتني بيه وجيت اعرضه عليك
والله اتجه عمر الى الحامل الهندسي ليضع عليها اللوح وهو يهنئها بصدق
هايل يا منة برافو
اقتربت منة من عمر لتستطيع مشاهدة اللوح والاستماع الى ملاحظاته قال عمر بإشادة
جميلة يا منة فعلا تستحقي تنجحي بامتياز مع مرتبة الشرف دا غير انك فنانة بجد ودا باين في اختيارك للألوان
اصطبغ وجه منة بحمرة خجل طبيعية لاستماعها مديح غير مديح اساتذتها وأخيها أو أبيها فمديح عمر يدل على نجاحها في مضمار العمل سألت بابتسامة متلهفة تشق وجهها الملائكي
بجد يا عمر رفع عمر رأسه ناظرا اليها بابتسامة
وأبو الجد كمان شوفي هو فيه طبعا كم ملاحظة كدا لكن مبدئيا انت موهوبة وفنانة بجد شكلي كدا هخليكي انت الديزاينير بتاعتي المسؤولة عن ديكورات المشاريع اللي ماسكها ايه رأيك نبقى فريق ها موافقة
ما ان همت منة بالكلام حتى قاطع حوارهما صوت يتحدث بجدية ممزوجة بسخرية طفيفة لم ينتبه اليها عمر ولكن منة التقطت رنتها الواضحة قال الصوت
موافقة على ايه بالظبط يا عمر مش ممكن نعرف ولا دا سر
نظر عمر خلفها في حين تسمرت هي مكانها وأصبح بأكمله مشدودا كالوتر في حين تحدث عمر بمرحه المعهود غير منتبه للشرارات التى تطاير من حوله
سيف تعالى يا سيف شوف فنانتنا الجديدة مبدعة ازاي
اقترب سيف بخطوات بطيئة كالصياد الذي يقترب من فريسته على مهل خشية هروبها وقف بجوار منة ونظر الى اللوح المعروض امامه ثم نقل نظره الى منة التي لم تلتفت اليه وبدلا من ذلك سلطت نظاراتها على نقطة وهمية امامها زامة شفتيها بغير شعور قال سيف بلامبالاة
اممم كويس مش بطال
تحدث عمر بدهشة بينما طالعته منة بنصف عين
ايه مش بطال ايه يا بني تكسير المجاديف بتاعك دا بالنسبة لمنة وانها لسه مبتدئة فدا يعتبر فوق الممتاز
حرك سيف كتفيه بلامبالاة مجيبا وهو يلقى الى منة بنظرة غامضة بادلتها اياه بأخرى غاضبة من عينيها اللتين أطلقتا شرارات ڼارية باتجاهه قال سيف ببرود
والله انا بقول رأيي لو من دلوقتي سقفنا وهللنا وقولنا واو وتحفة وجميل يبقى هتفضل على كدا ومش هتحاول تطلع احسن من كدا
هم عمر بالكلام فقاطعته منة رافعة راحتها الصغيرة بصوت حاولت اخراجه ثابت وبصعوبة ولكنها نجحت في ابرازه واضحا وواثق
معلهش يا عمر انا مش متضايقه بالعكس من حق كل واحد انه يقول رأيه بحرية مطلقة ثم وجهت حديثها الى سيف الواقف امامها يطالعها بنظرة حملت اعجاب بثقتها الواضحة في نفسها سرعان ما اخفاه مستبدلا اياه بأخرى متحدية وهو يسمعها تتابع بثقة وتحد
أوعدك يا باش مهندس سيف ان المرة الجاية هتكون احسن ثم حملت اللوح معيدة ربطه ثانية وقالت وهى تهم بالانصراف
عن اذنكم وغادرت من غير ان تعير هذا الواقف يراقبها بنظرات كالصقر أي اهتمام
ألقت منة ما بيدها بنزق على مكتبها وهى تتأفف بحنق تبادلت كلا من ايناس وسحر نظرات الحيرة والتساؤل قبل ان تقترب منها ايناس مستفسرة بدهشة
مالك يا منون حد زعلك لتنضم اليها سحر في استفسارها باهتمام صادق
عمر قالك حاجه على الرسم معقولة يكون معجبوش
اجابت منة وهى تنفخ غيظا وكمدا
بالعكس الشغل عجب عمر اووي وكان طاير بيه كمان
قطبت سحر وتوجهت اليها بالسؤال
اومال ايه اللي مضايقك اوي كدا
منة بغيظ وقهر
اللي مضايقني وحارق دمي انه حد يتدخل في شغلك ويسفهه في الوقت اللي غيره بيحييكي عليه يبقى دا قصده ايه غير انه يحسسك انك فاشلة ويحبطك وخلاص
ايناس في محاولة لتهدئة منة فهما قد علما طبعها جيدا فمع انها مرحة وعطوفة ولكن عصبيتها مفرطة وكالأطفال تماما حين تغضب حيث يغلب انفعالها على تفكيرها العقلاني وتحتاج للمداهنة كالصغير المشاغب تماما
قالت ايناس
قصدك مين يا منة وبعدين يا ستي مهما كان اللي قال كدا لازم تكوني واثقة
في نفسك وشغلك اكتر من كدا انت يا ما هتقابلي ناس هيحاولوا يحبطوكي
ويكسروا مجاديفك لو كل مرة هتعملي كدا يبقى احسن لك تعتزلي من قبل ما تبتدي زي ما بيقولوا
منة في محاولة للتماسك وبنبرة خرجت قوية ونظرة واثقة لمعت في بركتي العسل في عينيها
لا من الناحية دي اطمني يا ايناس مش منة اللي تخاف ولا تتعقد وتبعد انا بس مش بحب النقد الهدام أنا مش غبية وبعرف أميز كويس أوي من اللي عاوز ينصحني بجد او اللي عاوز يحبطني
همت سحر بالكلام عندما صدح صوت سيف من امام غرفة مكتبهن مقاطعا نقاشهما الدائر بنبرة جدية صارمة لا تقبل النقاش
منة عاوزك في مكتبي ثم استدار مغادرا قاطعا عليها أي محاولة للرفض
راقبته منة الى ان اختفى تماما وهى تخبط بقدمها الأرض في اشارة الى مدى سخطها اقتربت منها ايناس وقالت مهادنة
منون حبيبتي مهما كان سيف يبقى المدير بتاعك ومهما اختلفت معاه او اتضايقت من كلامه لازم تبيني انك فاهمه يعني ايه رئيس ومرؤوس روحي له دلوقتي وشوفي هو عاوزك ليه وعلشان خاطري اهدي خالص وفكري كويس اوي قبل ما تتكلمي ممكن
نظرت منة الى ايناس وقد برقت عيناها بالعزم والتصميم قائلة
ما تخافيش يا ايناس صاحبتك مش غبية عن اذنكم
وانصرفت مغادرة حيث ينتظرها هذا المتحذلق المغرور والذي عزمت على ايقافه عند حده
طرقت منة الباب فسمعت اذنه بالدخول بصوته القوي الرخيم جذبت نفسا عميقا وشدت قامتها ودخلت الى عرين الأسد بقدميها
تقدمت منة بخطوات واثقة فرفع سيف رأسه من فوق الاوراق التي كان يطالعها ثم أشار اليها بمهنية للجلوس جلست منة ونظرت اليه في انتظار سماع ما سيقوله
امسك سيف بقلم مذهب وتلاعب به بين اصابعه الطويلة الضخمة ونظر اليها من بين رموشه الكثيفة والتي استغربت منة لها اول ما رأتها فكأنها رموشا اصطناعية تحدث سيف بنبرة رخيمة قائلا
انا حابب أوضح لك شوية نقاط واضح انه احمد ما لفتش نظرك ليها خصوصا وانك لسه متخرجة جديد ودي اول مرة تشتغلي فيها انتظر لسماع ردها ولكنها واصلت النظر الى نقطة وهمية امامها وتعبير جدي يرتسم على ملامحها الفاتنة تابع سيف حديثه بجدية
لما الشغل اللي انت بتعمليه رئيسك يلفت نظرك لحاجات فيه ما ينفعش تزعلي وتبوزى وتاخديه بمحمل شخصي دا شغل وفي الأول والآخر مصلحة الشغل هي اللي بتهمنا كلنا
نظرت اليه منة وقد كټفت ذراعيها وقالت بنظرة جامدة ونبرة صوت باردة
اولا انا رئيسي عجبه الشغل جدا ثانيا انا عارفة كويس انه مش لازم شغلي يكون بيرفكت خصوصا وانا زي ما انت قلت بنفسك انى لسه جديدة ثم اعتدلت ناظرة اليه متابعة بقوة وثقة جعلت لمحة اعجاب خاطفة تمرق بين فحم عينيه ولكنها سرعان ما غابت تاركة نظرة يشوبها الغموض بينما لم تنتبه هي الى ما شاب نظراته من غموض واستمرت متابعة باندفاع تلقائي شابته بعض السخرية الطفيفة
وبعدين تسمح لي أسألك سؤال وبدون ان تنتظر اجابته قالت
هو حضرتك متعود ترفع معنويات اللي بيشتغل معاك بالشكل دا اسمح لي لأنه لو كدا انا متأكده انه كله هيجري بالمشوار من عندك ولو دا مفهومك لرفع المعنويات يا ريتك تعفيني من الشرف دا واذا حصل واضطريت اوي للرفع فيا ريت تنزل من معنويات اللي معاك يمكن ساعتها تجيب نتيجة أفضل
لم يستطع سيف تمالك نفسه وانطلقت ضحكة رجولية عميقة راميا برأسه الى الوراء بينما لا تدري منة ما هذه الدغدغة التي شعرت بها كتيار كهربائي يمر بها من أخمص قدميها وحتى منابت شعرها نفضت هذا الاحساس العجيب الذي خامرها وحاولت تمالك نفسها وهى تتحدث في سرها انه لا بد من منع ضحكته هذه بل وتجريمها قانونيا لما قد تتسبب فيه من سكتات قلبية مفاجئة هدأت ضحكات سيف ثم نظر اليها مليا قبل ان يتحدث بابتسامة خفيفة
اللاه انت دمك خفيف أهو اومال على طول ليه شايفك مبوزة لدرجة انى حاسيت انى مع أبلة كشړ
قطبت منة قائلة باستهجان
أفندم أبلة مين كشړ واصلت باندفاع غير آبهة بمحاولاته مقاطعتها
عموما حضرتك شكلك كدا بتطفشني