رواية شيخ في محراب قلبي بقلم رحمة نبيل
باشا
رمق مصطفى رشدي بشك قبل أن يتحرك للخارج وهو يفكر فيما حدث تبعه العسكري الذي أغلق الباب خلفه ابتسم رشدي بسخرية وهو يحمل كوب الشاي ليرتشف منه بعض الرشفات بعد أن ابتلع البرشام لكن أثناء رفعه لوجهه لمح شيء على الطاولة جوار الصينية التي أحضرها العسكري آثار انتباهه ليضع ما بيده على مكتبه سريعا وهو يحمل ما يتوسط طاولته والذي لم يكن سوى هاتف مصطفى الذي ألقاه على الطاولة في غمرة غضبه ونسيه أثناء خروجه
خلينا نشوف هببت ايه يا درش
يا شيماء متتحسنيش بالذنب ده هو كام ساعة وهرجع على طول
جلست شيماء على الفراش وهي تتحدث بحنق ناظرة للحقيبة التي تتوسط فراش ماسة
والله العظيم رشدي لو عرف ليطين عيشتي وعيشتك وينزل البيت ده على دماغي ودماغك رحلة ايه اللي تتنيلي تطلعيها دي انت صغيرة
اولا هي مش رحلة دي مؤتمر ثانيا بقى دي ليوم يعني هبدأها دلوقتي واخلصها الساعة ٧ بليل ورشدي انهاردة مسهر يعني هيرجع الساعة ١ اساسا فايه المانع بقى
ابتسمت شيماء بسخرية وهي تشير لصورة رشدي التي تجاور فراش ماسة
ألقت ماسة ما بيدها على الفراش وهي تهتف بضيق
يووه يا شيماء متخوفنيش اكتر ما انا خاېفة اساسا انا مش فاهمة اخوك ده مضيقها ليه
تحدثت شيماء بجدية شديدة تحاول افاقة تلك الغبية التي ستتسبب في انفجار بركان رشدي
ماسة متستهبليش أنت عارفة كويس اوي إن رشدي مش مضيقها وعارفة
برضو هو ليه بيرفض المؤتمر ده بالذات وبيسمح ليك تروح اي حاجة تانية
أنت عارفة اني تخطيت الموضوع ده من زمان يا شيماء بعدين انا مش البنت الهبلة ام ١٩ سنة اللي لسه بتدرس انا دلوقتي كبرت وبقيت ناضجة
خلاص انا جبت اخري يا ماسة اعملي اللي تحبيه اياكش يولعك فيك وفي مؤتمرك الزفت ده ونخلص انا مالي انا عليا حذرتك وأنت حرة
نظرت ماسة لاثرها بحيرة شديدة ما بين رغبتها في الذهاب ومواجهة مخاوفها التي تولدت لديها في ذلك العام ومابين إلغاء كل ذلك والجلوس هنا في منزلها تنتظر رشدي على الدرج كعادتها كل يوم لتقضي معه الليل كله في أحضانه الدافئة حسنا هي ستذهب وتعود قبله كما خطت ثم تنتظر كالعادة ولن يشعر بشيء أو هذا ما تتمنى
في المساء وفي منزل فاطمة كانت منيرة تتحرك هنا وهناك تخشى أن تنسى شيء فهذا اليوم الأول الذي يزورها به أهل زوج ابنتها بعد ذلك الزواج الذي تم بشكل عجيب صدم الجميع
كانت فاطمة في غرفتها وهي تقف أمام المرآة تشعر بضړبات قلبها تزداد كلما اقترب وقت مجئ زكريا تحاول اقناع نفسها أن ما قررته صحيح وأن زكريا هو الوحيد الملائم لها وأن كل ما سمعته من بثينة كان نابعا من ڠضب بثينة على زكريا فقط وأن زكريا ليس سيئا ابدا نعم هذا صحيح هي رأت كل شيء بعينها و
فاطمة يلا عشان الناس وصلت
فزعت فاطمة لصوت والدتها وهي تنبأها أنه أتى يا الله لما هذا الړعب الذي تلبسها فجأة وكأنها اول مرة تراه وهي من أضحت تراه أكثر من اي شيء في حياتها ابتلعت فاطمة ريقها وهي تتقدم من باب غرفتها والذي بمجرد أن فتحته حتى قابلت منار والتي كانت على وشك الدخول لتظل منار تنظر لها ثوان قبل أن تقول
ايه اللي انت لبساه ده ده لبس البيت احلى يا شيخة
فتحت فاطمة فمها پصدمة وهي تنظر لذلك الفستان الذي يصل لكاحلها باللون السماوي ولم تكد تجيبها حتى وجدت والدتها تندفع لها ساحبة إياها ولم تمنحها حتى فرصة أن تغير ثيابها لتصبح افضل بعد ما سمعته من منار
كان يجلس في غرفة الضيوف تلك الغرفة التي تحمل له اسوء ذكريات يوم صارحته بكل شيء لكنه الآن سعيد فها هو على وشك تبديل تلك الذكريات بأخرى سعيدة
نظر جواره ليجد والدته تجلس وهي تبتسم باتساع بينما لؤي كان يحرك تلك الكارفات على شكل فيونكةببيونة بضيق شديد وقد أجبرته وداد على أن يرتديها ليصبح كما تقول عليه دائما كلما ارتدى تلك البذلة جنتل مان
اقترب لؤي من زكريا المبتسم ببلاهة
طبعا فرحان ما انت مش مخڼوق زيي الليلة دي هتخلص وانتم شايلين چثتي عشان امك تستريح وابقى مت وانا جنتل مان اياكش روح البلوجر اللي جواها تستريح
كتم زكريا ضحكته وهو يتذكر تلك المشاجرة التي كادت تشتعل بين الإثنان قبل مجئيهم
يعني يرضيك كنتم تتخانقوا وتقوم لامة هدوم البيت كله ووقتها لا كنت هتطول لا بدلة ولا جلبية وكنت هتيجي للناس بالجلبية بتاعة اولى اعدادي ويبقى منظرك عرة
زفر لؤي بضيق وهو يعدل من وضعية الكرافات للمرة المائة وهو يلعن كل ما يحدث وفجأة دخلت منيرة وهي تردد عليهم عبارات الترحيب للمرة الألف بعد المليون تسحب خلفها ابنتها التي كانت أقدامها تأبى التقدم خطوة واحدة مړتعبة من ذلك اللقاء وكأنه ذلك الجالس غريب وليس زوجها وأن هذه اول مرة تراه به ولم يقبلها البارحة بالفعل
ابتسمت وداد باتساع وهي تنهض سريعا تضم فاطمة إليها بحب شديد تكنه لها منذ كانت تأتي لتحفظ عند ابنها وهي ترقيها ببعض ايات القرآن تثني على جمالها الطبيعي
تحدث لؤي وهو يضم فاطمة بحب ابوي شديد مربتا على ظهرها بحنان فالمرة السابقة لم تسنح له الفرصة بالترحيب بها في عائلته
نورتي عيلتنا يا بنتي من انهاردة اعتبريني ابوك
ابتسمت فاطمة بحزن شديد لتلك
الكلمة التي فقدت مذاقها منذ سنوات
تحدثت وداد وهي ترى نظرات ابنها الملهوفة والتي كانت تحاوط فاطمة
طب نسيب الاتنين سوا ونخرج احنا نتكلم برة بقى
كاد رشدي يصاب بالجنون مما وجده في هاتف مصطفى فبعدما فتحه بصعوبة شديدة لعلمه بمهارة رفيقه في التكنولوجيا صدم من كمية الصور الخاصة بفتيات كثر على هاتفه في وضعيات ميسئة جدا لكن الصدمة الكبرى أتت حينما وجد صور ماسة كذلك الشيء نفس الصور التي ارسلت لها في المرة الأولى حينما هددها ذلك الحقېر
شهق رشدي پصدمة كبيرة لا يصدق أن مصطفى قد يفعل شيء شنيع كهذا وهذا يفسر سبب صعوبة العثور على المرسل شعر بالدوار وهو يفكر أنه ربما فعل الشيء نفسه مع فاطمة وأرسل لها تهديدات وهذا سبب ڠضب زكريا منه لكن إن كان ذلك صحيح ما كان زكريا ليبكي ابدا ويقول ما قاله وقتها عن ټدمير حياته لابد أن مصطفى قد تجاوز مجرد الټهديد مع زكريا أو بالأحرى فاطمة
شعر رشدي بأن عقله على وشك الدخول به في أزقة مظلمة لذا توقف عن التفكير وقرر مواجهة زكريا بما خمنه و بعدها سيرى ما سيفعله مع ذلك القذر يقسم أنه سيجعله يبكي ندما ولن ينفعه حتى إن توسله
وبس يا سيدي انا يا دوبك لسه بمد ايدي بالجواب من هنا وعينك ما تشوف إلا النور لقيت مرة واحدة الجحش ابنها خارج من الشباك وهاتك يا خناق مش فاهم انا ماله كده فيه ايه
أنهى فرج قص ما حدث معه أثناء تسليمه للرسالة لأم اشرف بنفسه على مسامع هادي الذي قابله أثناء عودته من عمله يجلس على مقعده بحزن ربت هادي على كتف فرج وهو يتنهد بحزن
معلش يا فرج ياخويا هو الدنيا كده مش بتديك كل حاجة عندك انا من يوم ما كتبت الكتاب وانا أقصى حاجة عملتها هي اني مسكت أيدها
ارتشف فرج بعضا من مشروبه وهو يتنهد بشجن
امتى ربنا يفتحها عليا وأمسك ايد ام اشرف
نظر له هادي بحنق وأحد حاجبيه مرفوع لينتبه أثناء ذلك لشيماء التي تقف أمام باب البناية الخاصة بها ويبدو عليها الړعب نهض هادي سريعا يسير صوبها وقد اقلقته تلك الملامح المرتعبه على وجهها
شيماء فيه ايه
انتبهت شيماء والتي كانت تتحرك ذهابا وإيابا أمام الباب على صوت هادي والذي كان بمثابة قشة تتعلق بها لتركض صوبه تهتف بړعب شديد وهي تبكي
هادي الحقني ماسة
مالها ماسة
وياليته كان هادي
هو من طرح هذا السؤال لكن ليس كل الاماني تحقق
اقترب رشدي والذي كان ذاهبا في طريقه لمنزل زكريا غافلا عن أنه اليوم عند فاطمة ليرى أثناء ذلك هادي الذي يقف مع أخته أمام المنزل وملامح أخته الفزعة والتي كانت تبدو أنها على وشك البكاء ليقترب منه ويتناهى لمسامعه صوت شيماء تنتحب مرددة اسم ماسة
كرر رشدي سؤاله مجددا وقد بدأت شياطينه تتراقص أمامه مفكرا أن ذلك الحقېر فعل بها شيء آخر أو أنها تعرضت لنوبة الهلع التي تصيبها
مالها ماسة
رفع عيونه لها يبتسم تلك البسمة البشوشة والهادئة تنحنح قليلا يجلي حلقه حتى يتحدث وما كاد يفتح فمه حتى سبقته هي بالتحدث سريعا
تشرب إيه
ضيق عيونه بتعجب ثم أبتسم لها بسمته الساحرة وهو يتحدث بهدوء شديد ونبرة حنونة
متتعبيش نفسك أنا كويس إنت بس اسمعيني ارجوك
نظرت له تفرك يديها بتوتر شديد وكيف لا و هي تجلس الآن أمامه حقا غباء اوليست تجلس مع زوجها الذي نامت يوما في أحضانه وكان عناقه هو ملجأها الوحيد والان تعاني كل ذلك الخۏف والتوتر أهذا تأثير تلك الجلسة التي تتحدث الفتيات دائما عليها الرؤية الشرعية
ابتسم زكريا يعلم ما تفكر به الآن ليتحدث بصوته الهادئ الرزين
خاېفة مني ولا قلقانة
رفعت عينها سريعا له تتعجب كيف قرأ دواخلها وكأن ذلك كان عسير على أي أحد ملاحظته اخفضت عينها سريعا تهز رأسها برفض ليبتسم هو متنهدا بيأس من تلك الصغيرة
طب عايزة تسأليني في حاجة
هزت رأسها برفض تام هي فقط كل ما تريده الآن أن تختفي من أمامه صمتت وصمت هو بدوره حتى كادت أصوات الأنفاس تسمع في المكان ثواني مرت قبل أن تستمع لنبرة صوته المميزة يحدثها بالفصحى
غريبة هي الدنيا كيف يتحول شخص ما من مجرد غريب في حياتك