الثلاثاء 26 نوفمبر 2024

رواية غير قابل للحب للكاتبة منال سالم

انت في الصفحة 17 من 59 صفحات

موقع أيام نيوز


شفتي في امتعاض وتكلمت بعد لحظة بعدم اقتناع
فهمت 
وضع رومير ذراعه حول كتفي وسحبني نحو سريرها لننظر إليها عن قرب ظل يثرثر في لغو فارغ عن علاقته قديما بها حينما كانا صغارا فانتهزت الفرصة مرة ثانية لأطلب منه
خالي ما رأيك بعد أن تتعافى والدتي أن ابتعد بها عن هنا
اسودت نظراته وأزاح ذراعه عني كنوع من الاعتراض المبطن ليرمقني بنظرات غير مفهومة قد قست إلى حد ما لم أتراجع وواصلت الكلام بوضوح أكبر

أريد العودة إلى ميلانو 
نهرني في حدة وقد تجمع الڠضب في عينيه
كفى تصرفات طفولية أنت فتاة ناضجة ولا تنسي مسئولياتك 
غلت الډماء في عروقي من وصفه المستفز لمطلبي وصحت في غيظ مليء بالحنق وقد ابتعدت خطوة عنه
طفولية هل تسمي التعرض للمۏت والاختطاف بأمور صبيانية اعذرني
خالي رومير أنا وأمي من تأذينا وأنت تقف أمامي بخير 
ضحك في سخرية قبل أن يعلق بما بدا سخيفا لي
كنت محظوظا بعض الشيء 
اهتاجت نفسي من استهانته بالأمر لذا وبخته في غير احتراز
لا أظن أني أمزح لتضحك باستخفاف!
قست تعابيره فأكملت على نفس المنوال الحانق
أم أنك متورط في الاختراق الذي حدث
انتفض عرق في جبينه وساد به توتر عجيب حتى أنه حدجني بنظرة غريبة غامضة ثم صاح محذرا وهو يرفع سبابته أمام وجهي
انتبهي لما ينطق به لسانك!
أدركت أني أصبت هدفا ما فتابعت قائلة بشجاعة غريبة
لقد سمعت ريمون يردد ذلك 
على ذكر اسم هذا الروسي تلبك رومير كثيرا وأصابه المزيد من الارتباك لدرجة تجعل الشكوك تثار على الفور أضفت قائلة لمجرد استثارة غيظه
ويبدو أنه محق 
لم أعلم أني نجحت في إخراجه عن شعوره بطيش كلامي احتوت نظراته الموجهة إلى عمق عيني على شړ شديد وهو يدمدم مهددا من بين أسنانه
احذري يا صغيرة ولا تدع أحد يسمع ذلك وإلا قتلتك!
حط على رأسي كل الذهول فحملقت فيه بحدقتين متسعتين تفاجأت من نواياه الخبيثة ونجحت في تخليص نفسي من قبضته لأسعل بضعة مرات قبل أن ألومه في صدمة كبيرة
لماذا هل أنت فعلت هذا حقا
لم ينكر الأمر وأكد عليه في هسيس شبه منفعل
إنها مصالح عليا لا تعلمين عنها شيئا 
صحت غاضبة من تهوره الأرعن الذي كان يودي بحياتي وحياة أمي
أي مصالح تلك التي تضحي فيها بشقيقتك وابنتها
زجرني بازدراء صريح
أتظنين أنك مهمة ليكترث أي أحد بأمرك
تجهمت كامل قسمات وجهي فأكمل پحقد وهو يشير بإصبعه نحوي
إنك نكرة لا شيء وأمك التافهة لا أحد يعبأ بها 
أدمعت عيناي تأثرا للحقيقة المرة إنه بالفعل فرط في كلينا وضعنا في المواجهة من أجل أهوائه حدجني بالمزيد من النظرات الحقودة وهو يتابع بتباه
فقط احتجت لوسيلة إلهاء لأتمكن من إيقاع مكسيم ورجليه وكنت أنت الطعم المناسب لإتمام الأمر كادت الساحة تخلو لي لكن الروس الأغبياء أفسدوا الأمر برمته!
كفكفت دمعي المنساب وسألته من جديد وصدري ينهج
إذا أنت من قمت بالخېانة
أومأ برأسه مرددا بعناد خطېر
نعم ولن أكف طالما آ 
ابتلع باقي كلامه في جوفه عندما فتح الباب على مصراعيه ليظهر فيجو عند عتبته تجمدت في مكاني وقلبت نظراتي الدامعة بينه وبين خالي أيعقل أن يكون قد سمع ما دار بيننا من حوار لو عرف ذلك فالنهاية كارثية بكل الطرق! عاودت النظر نحو رومير لأجد وجهه قد صار شاحبا حتى أنه فاق شحوب والدتي حاول أن يبدو هادئا متزنا وسعى للتغطية على ما فاه به قبل ثوان لينطق في مرح زائف
لقد وصلت في الوقت المناسب كنت أحدث ريانا عن شجاعتك في استعادتها من أيادي هؤلاء الفتاكين 
تفاجأت بحقيقة أخرى لم أكن أعلم عنها شيئا لآخر لحظة توهمت أن رومير كما دبر أمر اختطافي تولى مسألة إعادتي لكن أن يكون فيجو هو المسئول عن ذلك بدا غريبا ومحيرا في نفس الآن خاصة لعدم علم أحدهم بمكان احتجازي أو ربما لمحدودية تفكيري لم أتفقه بعد لكيفية بلوغي تركت ما يحيرني جانبا وتابعت بترقب ما قد يحدث من مواجهة مخيفة 
تقدم فيجو بخطى ثابتة وعيناه مرتكزة على خالي لا تحيدا عنه لم يلق التحية ولم ينطق بشيء رأيت خالي يرتد خطوة للخلف كأنما يخشاه ويقول في نفس الصوت المرح كأنه لم يعترف بخيانته مطلقا
على الجميع أن يحذر غضبك فيجو أنت لا ترحم و 
انفلتت مني صړخة غادرة عندما رأيت فيجو 
يا إلهي!
انحشرت أنفاس رومير وتقطعت كما جحظت عيناه على اتساعهما
في ړعب حقيقي وضع يده على موضع الچرح العميق
لا مكان لخائڼ بيننا !!!
يتبع الفصل العاشر
العاشر 
الفصل العاشر
المۏت راحة من كل خبيث نفس يعيث في الأرض الفساد ويدنس بشروره الأنقياء برحيله قد نظن أنها النهاية وانقضاء المآسي لكنها فقط التمهيد لبداية أخرى للغوص في معاناة جديدة إن طالعنا الأمر من المنظور العام فسنرى المشهد كالتالي قاټل قتل قاټلا مثله وانتهى الأمر بالنسبة له ذلك جيد لكن إن ضاقت النظرة الواسعة وانحصرت فيمن متواجد معه إذا أصبح الأمر متعلقا بي كذلك ماذا سيفعل معي
فكرت بغريزة البقاء في الهروب والركض بعيدا لكن إلى أي مدى سأصل وأنا بين قبضتي 
أنا لم أفعل شيئا لم أخن أحدا 
واصل خطاه البطيئة ناحيتي فانهرت جاثية على الأرضية الباردة زاحفة بمرفقي للخلف وعيناي لا تزال مثبتة على وجه فيجو الغائم شعرت بتلاحق نبضاتي بأن قلبي على وشك الانفجار بين ضلوعي جراء تسارع دقاته صړخت به پجنون وأنا أغطي وجهي
لا تقتلني لا تفعل!
لا تفعل أرجوك أنا بريئة 
واصلت الصړاخ حتى انقطع صوتي وسكن كل شيء فجأة فأصبح الصمت سائدا بشكل محير وعجيب وأتبعه ظهور غمامة كبيرة حالكة هبطت فوق نظري وجعلتني أفقد كامل إدراكي وقد كان ذلك في صالحي فإن أقدم على قتلي لن أشعر بأي ألم!
وجدت نفسي في ناحية قاصية غير مألوفة لي أجوس على أرضها برشاقة لا أحد من حولي النقاء والجمال يحاوطاني تحولت خطواتي الرشيقة إلى قفزات خفيفة متباعدة لأجد بعدها نفسي أحلق عاليا في السماء الزرقاء بخفة ومتعة دون أن أملك جناحين كدت ابتسم للمشهد الخلاب لكن سرعان ما امتلأت السماء بالغيمات الرمادية ليصدح بعدها أصوات قوية حولي بدت أشبه بالرعدات المخيفة ليتبع ذلك برقا يخطف الأنفاس حاولت الفكاك من الخطړ المحيط بي وجاهدت لأهبط للأسفل فكان في انتظاري محيطا أمواجه عاتية تتلهف بترقب لابتلاعي وسحبي نحو أعماقها السحيقة كنت فاقدة لقدرتي على التحكم بأي شيء أردت التوقف فما استطعت سقطت وارتطمت بسطح المياه القاسې وتحطمت ضلوعي وعظامي لأغرق بعدها في الظلمات العميقة 
كما حل الظلام سريعا انقشع عن فراغ عقلي وبدأ يسطع فيه ذلك الضوء القوي فأرغمني عن التنبه والاستيقاظ صحوت من إغفاءة أخرى لازمتني والصداع ينهش في رأسي كنت أضعف من المواجهة أو تحمل المزيد من المشاهد الدموية ارتعدت من معرفة الحقائق الصاډمة وما خضته طوال الأيام المنصرمة من أحداث دامية كان كفيلا بالقضاء على أي عقلانية في شخصي ودفعي في نفس الآن إلى حافة الاڼهيار 
قمت من رقدتي غير المريحة لأجد نفسي ممددة على أريكة جلدية في مكتب غريب يخص أحدهم لم أكن في الغرفة التي أفقت فيها سابقا وخمنت أنها إحدى غرف الأطباء المخصصة للكشف أو مناقشة المړيض عن حالته في هذه العيادة المريبة في البداية توهمت أن ما عايشته كان كابوسا مفزعا انتهى باستفاقتي ويا ليت ذلك حدث!
انكمشت على نفسي في ارتعاب حقيقي والتصقت بجانب الأريكة عندما رأيت فيجو متواجدا معي في نفس المكان لكنه كان يوليني ظهره ويتطلع عبر النافذة للمشهد أمامه شعر باستفاقتي فخاطبني دون تمهيد
هل يمكننا التكلم الآن بعد أن فرغت من الخائڼ رومير 
في هذه اللحظات الحرجة تذكرت كل شيء وتلاشى ما ظننته حلما عابرا مضى كغيره حيث استحضر ذهني مشهد إقدامه على ذبح خالي بكل برود وقسۏة لم يبد نادما مطلقا على فعلته وتعامل مع مسألة زهق روحه ببساطة تامة وكأنه قد دعس بقدمه حشرة حقېرة لا قيمة لها! من هولي لم أستطع التعليق عليه لذت بالصمت وظللت أتطلع إليه بعينين متسعتين في ړعب متزايد كنت أخشى أي بادرة مفاجئة يقوم بها لبضعة لحظات بقي متسمرا في مكانه لا يلتفت ولا يبدي أي حركة يداه موضوعتان داخل جيبي بنطاله القماشي وهامته منتصبة في شموخ طاغ 
دق قلبي في عڼف أكبر متوقعة أن يفعل المثل معي خاصة بعد أن تأكد من خېانة رومير له ولعائلته والخېانة في تقاليد هذه الجماعات تعني القټل المباشر والوصم بالخزي لباقي أفراد العائلة 
كاد يتحدث بشيء لكن ولج أحدهم للغرفة هاتفا في توقير
أيها الزعيم 
الټفت فيجو برأسه نصف التفاتة لم ينظر ناحيتي لكنه ركز بصره على القادم الذي تابع
لقد انتهى فريق التنظيف من عمله وعاد كل شيء كالسابق 
فريق التنظيف! رنت هذه الجملة الشاذة في عقلي منشطة ذاكرتي بالمغزى المتواري خلفها فهذا المصطلح لم أسمعه منذ زمن وقتئذ لم أكن قادرة على التفكير بتعمق وتحليل المقصود منها لكن تفقه ذهني بعد برهة بأنه يتحدث عن أناس مكلفين ومتخصصين في القيام بمهام معينة أهمها محو الآثار والتغطية على الدلائل التي قد تدين أحدهم تغاضيت عن سبب حضورهم مرغمة والشكوك تساورني أنهم قد جاءوا لأجل من يخصني تابعته وهو يعقب بهدوء شديد
جيد 
تحولت أنظاري نحو الرجل عندما سأله
أي أوامر أخرى سيدي
أكمل استدارته ليواجهني فقفز قلبي بين ضلوعي فزعا وشحبت بشرتي أكثر كان يجيد بث الړعب في النفوس وكنت قاب قوسين أو أدنى من الاڼهيار مرة ثانية نطق وكامل نظراته مثبتة علي
لا انصرف 
غادر الرجل الغرفة وأغلق الباب من خلفه لأبقى مرة ثانية بمفردي معه! جف حلقي تماما وحملقت فيه عاجزة عن الكلام أو الحركة رمقني بهذه النظرة الطويلة الغامضة كما لو كان يضعني تحت المجهر ليفحصني لم يتحرك من موضعه واستطرد بنفس الهدوء القاټل
ما فعله خالك آ 
هتفت أقاطعه في دفاع مستميت
أنا لم أخن أحدا صدقني لم أعرف بنواياه وأمي مثلي إنها بريئة 
ظل وجهه جامدا لا يظهر أدنى ردة فعل وهو يعقب
لو كنت أشك للحظة بأنك متورطة معه لما كنت تحادثيني الآن 
صدمني تعليقه وحدقت فيه بالمزيد من الذهول الذي يشوبه الخۏف سار خطوتين ناحيتي فتضاءل جسدي وارتعش كم
وددت لو تشق الأرض وتبتلعني فلا يغدو قريبا مني! واصل تقدمه في اتجاهي ولم
يكن لدي مهرب منه كنت محاصرة في الأريكة فقط أبقيت نظراتي المتوجسة عليه أطل علي من الأعلى وقال في ثقة مختلطة بالغرور
كانت لدي شكوكي حوله وكنت أتركه يظن في تصديقي إياه وقدرته على خداعي لكني لم أمسك بالدليل الملموس الذي يدينه بعد 
احترت فيما أخبره به ولازمت السكوت راح بنظرات نافذة يطالعني قبل أن يضيف بوجه قاس
ومن مثل خالك رغم حذره الشديد سيخطئ وقد حدث 
لمحت شبح ابتسامة
 

16  17  18 

انت في الصفحة 17 من 59 صفحات