رواية غير قابل للحب للكاتبة منال سالم
الهواء لأصرخ بصوت مبتهج
أوه الأجواء حماسية
تبعني في ضيق واضح وهو لا يزال يأمرني
ريانا تعالي معي
نفخت قائلة في سأم قبل أن انتزع عني الحذاء لأصبح أكثر خفة
أنت مزعج بحق
وثبت عدة مرات في مرح خلال سيري المتعجل ثم توقفت عن الهرولة لأشير بإصبعي في انبهار نحو إحداهن كانت ترقص بطريقة احترافية وتحلق عاليا وكأن جسدها مقاوما للجاذبية صفقت لها وصحت في انفعال فرح بشكل لفت الأنظار إلي
استدرت لأواجه فيجو بنظرات غير مبالية كنت في قمة سروري تعلقت بعنقه ورحت أتمايل وأنا أخبره بدلال
أريد أن أرقص مثلها
اشرأبيت بعنقي لأصل إلى أذنه وهمست له
أعلم أنك تحب ذلك لكن لا ضرر من التجربة معي ربما أكون جيدة بما يكفي لإرضائك
التعبير غير المقروء على وجهه سبب لي الحيرة ومع هذا واصلت غنجي وتدللي فسدد لي نظرة حادة لم أفهمها شعرت بانزعاجه المحسوس مني لكني لم أستاء لذا أرجعت رأسي للخلف ضاحكة في استهزاء قبل أن استل يدي من على كتفيه درت مرة أخرى حول نفسي ونظرت إليه مكملة باقي جملتي بغمزة من طرفي
من قال أن الرجل لا يغار ما حدث بعد ذلك كان سريعا بالكاد حاولت مجاراته حيث وجدته يندفع في إثري ثم قبض على رسغي شدني إليه في خشونة طفيفة ليشعرني بأنه المتحكم في زمام أمري وقبل أن أعترض على حدته معي وجدت الأرض تختفي من تحت قدمي كأنما ألقى عليها تعويذة فلم أعد أرها بعد لحظة تفقه ذهني لما حدث لم يكترث فيجو لحملي أمام الأعين المحدقة بنا رماني على كتفه كلعبة لا وزن لها ثم انطلق سائرا من حيث جئنا ركلت بساقي في الهواء مبدية تذمري
لم ينطق بشيء مما أغاظني حاولت رفع جسدي للأعلى لكون الدوار قد بدأ في احتلال رأسي صحت به في نفس اللهجة المعترضة
ألست من أتى بي إلى هنا دعني أمرح قليلا
زادت موجات
الدوار برأسي وهو يتحرك مسرعا كأنما يحاول الفكاك بي من هذه الأجواء غير المناسبة عاتبته وأنا ألكز ظهره بقبضتي
شعرت بالغثيان يجتاحني فطلبت منه
من فضلك دعني لا أشعر أني بخير
استجاب لمطلبي عندما بلغنا الممر المؤدي للمخرج الخلفي ما إن أنزلني لأقف على قدمي حتى ترنحت قليلا أحاط بي لئلا أفقد اتزاني فنظرت إليه عن قرب سائلة إياه مباشرة وبلا مراوغة
فيجو هل تحبني
شعرت به يتظاهر بأنه لم يسمع سؤالي ويتحايل عليه خاصة وهو يردف
كنت يائسة للدرجة التي دفعتني للاعتراف بنزق
وسط كل ما مررت به معك يبدو أني أحببتك ووقعت في غرامك فهل أنت تبادلني أي مشاعر
بدا متفاجئا باعترافي الصاډم فالتزم الصمت حز ذلك في قلبي فسألته بإحباط وبحزن ارتسمت أماراته على ملامحي
ألا تراني مناسبة لك
طالعني عن قرب خطېر دون أن يمنحني الرد فسألته بإلحاح معاتب
ظل على صمته المؤلم فزاد ذلك من شعوري بالهزيمة والهوان انتفض بي الڠضب لنكرانه مشاعري الإنسانية فدفعته من صدره لابتعد عنه وأنا أهتف في حنق
أم
لوهلة كنت أحدق فيه بذهول متعاظم لا أعي ما يحدث معي ففي لحظة جعلني أعانق السماء وأسبح في فضاءاتها الفستثور وتفرغ ما فيها حقا كنت في حالة مزرية وكريهة أبقيت رأسي منخفضا وظهري منحنيا للحظات حتى تهدأ اضطرابات معدتي ثم رددت في يأس
لقد اكتملت الليلة بذلك القرف
لم أجرؤ على رفع رأسي ناحيته لكني سمعته يسألني
هل أنت بخير الآن
حاولت الاعتدال وتجنبت النظر ناحيته ثم أخبرته وأنا أتحرك تجاه السيارة
نعم لنذهب
لم تكن المسافة المتبقية لبلوغ القصر طويلة عدة دقائق وكنا نجتاز البوابة الحديدية تباعا أوقف السائق سيارتنا عند مدخل القصر فلم أنتظر السائق للترجل وفتح خاصتي لي أردت استنشاق الهواء الليلي البارد تسمرت في مكاني لعدة لحظات وفيجو إلى
جواري يأمرني
هيا نصعد للأعلى
تجاهلت أمره الصريح وقلت وأنا أخطو للأمام متجهة نحو الحديقة
الأجواء رائعة للغاية!
خفضت بصري ونظرت إلى ثوبي الملوث بآثار القيء ثم علقت عليه بإيماءة من رأسي
معك حق
تحولت بناظري تجاهه وأتممت جملتي
لا يصح التجول هكذا
امتدت كلتا يديه لتقبض على ذراعي هزني في عڼف وهو ينهرني بلهجته الصارمة
ريانا!!
سألته في استهجان عابس
لما أنت منزعج
رأيت كيف قست ملامحه وكيف بدت نظراته أكثر حدية وڠضبا
أتى رده مزعوجا ومصحوبا بهزة قوية
أنت لست في حالتك الطبيعية!
درت برأسي للجانبين قبل أن أهمس له بتحذير
ششش اخفض صوتك سيسمعنا أحدهم وقد يكون عمي مكسيم مستيقظا بعد
ثم ضحكت في ميوعة وتابعت
ولن يعجبه تقاربنا كزوجين
رمقني بهذه النظرة القاتمة فأوضحت أكثر
فالحب محرم هنا
أوه يا للهواء المنعش!
فجأة وجدت قدمي لا تلامس الأرضية حيث رفعني كالجوال على كتفه ليحملني اغتظت من تصرفه ودمدمت وأنا أضرب ظهره
اللعڼة توقف عن ذلك
رد في صوت أجوف
من الأفضل أن أعود بك للداخل
ولج بي لداخل بهو القصر فحاولت رفع جسدي والاستقامة لكن لم أستطع كانت قواي شبه معډومة توقفت عن المقاومة وأخبرته بأنين
أنت تضغط على معدتي إنها تؤلمني
بشيء من الحزم أخبرني وهو يصعد الدرجات للأعلى وحيث تقبع غرفة نومنا
كفى ثرثرة
الأغطية الناعمة أسفل مني فتمرغت فيها بدلال بينما راحت نظراتي الفضولية تفتش عنه رأيته يغلق الباب بالمفتاح فزويت ما بين حاجبي متسائلة بتعجب
ماذا تفعل
أجاب وهو يستدير ليواجهني نازعا عنه سترته
من الأفضل أن أبقي الباب موصدا
كما تريد
أبقيت نظراتي مسلطة على وجهه فوجدته لا يرمش يراقب ما أفعل بهدوء مريب رغبت في استفزازه وقلت وأنا أبدل ثيابي
ما أجمل ذلك الشعور بالراحة والاسترخاء
يبدو أن محاولة مقاومة الانجذاب بيننا كزوجين باتت عسيرة فدنا من الفراش ورفعت رايات استسلامي البيضاء وسألته وأنا أهمس بالقرب من أذنه
لما لم تحبني
لم يستسغ ما أطلعته عليه ومع ذلك لم أتوقف عن استخراج ما أريد سماعه منه فحاصرته بسؤالي التالي
ما الذي ينقصني لتشعر بوجودي
همس لي مناديا بنفس ثقيل
ريانا
جاء صوتي مهتزا خفيضا مغلفا بالمرارة والألم وأنا أنتقل للسؤال التالي
ألست كافية لإسعادك كزوجة محبة لك
سألته والدمع يترقرق في عيني تأثرا
إذا لماذا لا آ
لا داعي للحديث الآن
في لحظة فريدة متفردة ونادرة الحدوث تحول إلى آخر أكثر ترفقا وتلطفا كان كما أريد مفعما بما تعشقه الأنثى مما جعلني أمنحه السعادة الكلية حتى كانت مع انقضاء ظلامها الحالك ليلة مختلفة للغاية قد لا تعوض حين يعود الإدراك إلى كلينا !!!
يتبع التالي
الفصل الثاني والثلاثون
حين بدأت استفيق من سباتي العجيب بدا وكأن برأسي عشرات المطارق تدق بقوة في جنباته رحت أدعك جبيني وأفركه برفق محاولة إسكات الصخب المزعج المتفشي فيه بعد لحظات كنت شبه واعية مدركة تقريبا لما يدور من حولي بادرت بفتح عيني ونظرت إلى ما يوجد أمامي من زاويتي خلال لحظة أخرى أدركت أني بغرفة نومي تثاءبت في تعب سحبت الغطاء نحو كتفي وتثاءبت من جديد استغرقني الأمر عدة لحظات لأستعيد نشاطي حينئذ اعتدلت في نومتي وأرجعت ظهري للخلف لأستند على عارضة الفراش
وضعت يدي على مقدمة رأسي وتساءلت بإرهاق وبصوت شبه مسموع
ما هذا الصداع
مددت ذراعي نحو درج الكومود لأفتش فيه عما يخرس هذه الطرقات العڼيفة ولساني لا يزال يتكلم
أشعر برأسي على وشك الانفجار
وجدت شريطا مسكنا أفرغت منه قرصا وتناوله بقليل من الماء الموجود أعلى سطح الكومود دعكت عيني لأزيل آثار النعاس ثم تطلعت حولي فرأيت ما كان على الغرفة من عدم ترتيب افترت شفتاي عن صدمة عجيبة قبل أن أتساءل عاليا وأصابعي تتخلل خصلات شعري
ما الذي حدث هنا وما هذه الفوضى
اتجهت بناظري نحو الباب عندما ولج منه فيجو وهو يقول ببسمة صغيرة استرعت حيرتي
أخيرا استيقظت
سألته وأنا أحاول التطلع إلى الساعة الموجودة على الكومود الآخر الملاصق لناحية زوجي من الفراش
ما الوقت
برقت عيناي في ذهول وهتفت من فوري عندما رأيت كيف تخطت عقارب الساعة الرابعة عصرا بقليل
يا إلهي هل نمت كل ذلك لا أصدق
كانت من عادتي الصحية الاستيقاظ مبكرا لا أتجاوز حاجز التاسعة صباحا إلا في العطلات يمكن أن استيقظ قبل الظهيرة لكني لم أصل مطلقا لهذا التوقيت نظرت إلى فيجو مرة ثانية وهو يكلمني بشيء من التلميح غير المريح بعد أن خلع سترته مظهرا حامل أسلحته
بعد ما حدث بالأمس
تجمدت نظراتي عليه متوقعة حدوث الأسوأ فاتسعت بسمته وهو يتم جملته
أظنك كنت بحاجة للراحة
بلعت ريقي واستطردت قائلة في توتر خفيف
ملامح وجهك توحي بالكثير
ظل يرمقني بهذه النظرات النافذة التي تجعلني أبدو في عينيه ككتاب مفتوح يسهل قراءته تنحنحت بصوت خاڤت وسألته
هل هناك ما لا أعلمه
تقدم ناحيتي ولم يبعد نظراته إلى أن وقف قبالة الفراش أحسست بازدياد سرعة دقات قلبي وبتغير شبه ملحوظ في أنفاسي خاصة عندما أوضح بعبثية جعلتني أرتبك بشدة
بل الأصح أن تقولي هل هناك ما لم تفعليه
شهقت أولا قبل أن أهتف مذهولة
اللعڼة يبدو أني أساءت التصرف
لا أعلم إن كنت أتخيل سماعي لضحكة عابرة منه أم أن ذلك حقيقة لعقت شفتي وسألته
هل تجاوزت معك في الكلام أخبرني
جلس على طرف السرير قاومت بصعوبة تأثير ما يجتاح مشاعري من تلبك وارتباك من وديته ولطافته ورفعت نظري إلى فيجو وجدته ينظر مباشرة في عيني وقال في صراحة
حسنا
أنت كنت مختلفة كثيرا عن المعتاد
وضعت يدي على
فمي أكتم شهقة
غادرة لأبعدها قليلا بعد لحظة وأنا أردد بذهول مصعوق
يا للهول!
تمسكت بيد مرتعشة نسبيا بطرف الغطاء وأصغيت إليه
وهو يتابع مؤكدا
لن أنكر أني أحببت ذلك فيك
صدمني اعترافه ورددت غير مصدقة ما أسمع
ماذا
الخيال الخصب يكفي أن تحفزه ببعض الأفكار العشوائية الثرية ليتحول من فراغ أبيض باهت إلى لوحة زاخرة بكل المثيرات والتناقضات تخشبت في موضع جلوسي وأخذت أنظر إلى فيجو في تحير متزايد ما الذي فعلته يا ترى ليبدو مستمتعا بهذا الشكل فقلت في تعجل لأنهي الحوار
حسنا هذا يكفي
اقتحم عقلي ومضات مشوشة لبعض الأحداث المبهمة وقلت
لندع النقاش في هذا الأمر جانبا وأخبرني عن سيلفيا
سألني في اهتمام
ماذا عنها
جاهدت ليخرج صوتي ثابتا وأنا أخبره
آخر ما أذكره أنها تمكنت من الإيقاع بي وحقني بالإبرة
جاء رده هادئا
لقد تدبرت أمرها لا تقلقي
سألته في لعثمة خفيفة وأنا أرمش بعيني
هل لا تزال حية
أومأ برأسه مجيبا إياي
نعم هي كذلك
تنفست الصعداء لأني لم أحبذ كوني متورطة في التخلص من أحدهم فكيف يمكنني التعايش مع شعور الندم وعذاب الضمير انتبهت إليه وهو يكلمني بوعيد
المۏت راحة لا تستحقها ولن أمنحها لها بسهولة
سألته في توجس حين طرأت تلك الفكرة المفزعة في رأسي
هل تحتجزها بالقبو هنا
راوغ في الرد قائلا بشبح ابتسامة
لا يهم أين هي في الأخير ستنال جزائها
طلبت منه بوجه شبه عابس
من فضلك لا أريد رؤية أحدهم ېقتل هنا أنا أعاني كوابيسا مفزعة سيصبح