الأربعاء 04 ديسمبر 2024

رواية غير قابل للحب للكاتبة منال سالم

انت في الصفحة 52 من 59 صفحات

موقع أيام نيوز


نفس الأسلوب الوقح
هل ضجر منك سريعا
تناوبت علي المزيد من مشاعر الخۏف وأنا أحاول لملمة شتات نفسي لأرد عليها في ثبات
هل محظور علي استخدام الحمام 
كنت قد أخرجت الإبرة وأخفيتها داخل راحتي ظللت قابضة عليها حين ارتكنت بظهرها على الحافة الرخامية بالقرب مني دندنت في لحن غير مفهوم لي وراحت تتأملني في بطء أصاب بدني بالخۏف حاولت أن أواجه مخاۏفي بادعاء قدرتي على التعامل معها نظرت إليها بوجه شبه عابس بالكاد أخفي ورائه رهبتي وجدتها تضع إصبعيها على طرف ذقنها وترد مفسرة كلامها بما أوغر صدري

لا لكن الزعيم فيجو عادة لا يترك امرأته تذهب بمفردها 
أطلقت ضحكة ساخرة مصطنعة قبل أن تتم جملتها
حتى وإن كانت ستأتي إلى هنا 
رددت عليها بشيء من الندية
وأنا لن أمكث هنا الليل بطوله أعذريني أريد أن أنتهي من ضبط مساحيقي 
لم تتركني سيلفيا لشأني وكأنها تتعمد استعجال لحظة زهق روحها كنت انتظر التفافها لأغرز سن الإبرة في أي موضع من ذراعها لكنها كانت تراقبني عن كثب كما لو كانت تتوقع تربصي بها مطت شفتيها وأكملت وهي تشملني بهذه النظرة الفاحصة
يبدو أن لديه مشكلة معك 
وجدتها تضع يدها على جانب ذراعي وهي تحاصرني بأسئلتها اللزجة
تحدثي معي بصراحة من امرأة لأخرى هل تستطيعين إسعاد زوجك أم أنه مل براءتك السقيمة
أصبحت
مفاهيم كالبراءة السلام والنقاء أمثلة للسخرية والتهكم بدلا من اعتبارها صفات محمودة تضفي سمات جيدة للشخصية الإنسانية لكن الخۏف في مسألة زواجي والمقارنة بغيري للانتقاص من قدري كأنثى أشعل جذوة الڠضب في أعماقي راحت ألسنتها تتأجج مع استمرارها في إهانتي لذا تحفزت للرد على وقاحتها غير المحدودة وقلت في ضيق شديد
أنت ما مشكلتك معي
حدقت في سيلفيا بتسلية هازئة مما زاد من احتقاني لهذا أكملت صياحي بها وقد تنامت بداخلي هذه الرغبة المتوحشة في إيذائها
إن كانت هناك خلافات مع فيجو فاذهبي إليه وقومي بتسويتها لكن لا تلقي بغضبك علي 
استقامت واقفة وأخبرتني في كراهية صريحة
جميعكم أصبحتم مشكلتي
لربما تعاطفت مع مشاعرها الأمومية المكلومة على فلذة كبدها لو أتاحت لي الفرصة لإظهار ذلك لكنها لم تفعل عاملتني كمدانة وأخذت تقذفني بوابل من الإهانات اللاذعة فرحت أهتف مدافعة عن اتهامها غير المنصف وقد للفت يدي القابضة على الإبرة خلف ظهري
أنا لم أعرفها لأتورط في شأنها وصدقيني لو كان لدي علم منذ البداية بما يحدث هنا من صراعات دموية لما جئت لهذا البلد اللعېن أو تزوجت من الأساس 
صاحت في حدة وعيناها تلوماني بشدة
وأنا غبية لأصدق لغوك الفارغ ذاك!
زويت ما بين حاجبي هاتفة في تجهم
لست بحاجة للكذب عليك فأنا ضحېة مثلها 
صغيرة بوضع علامة في وجهك تمنع فيجو عنك فهو لا يقبل بالمشوهات 
أبعدت يدها بقبضتي المضمومة على الإبرة وأنا أصيح بها
أنت غير طبيعية 
ضحكت ضحكات مخيفة أجفلتني فانتهزت فرصة التهائها عني لأقوم بحقنها لكن قبل أن أتمكن من غرز الإبرة في جلد ذراعها انتبهت لما أفعل سرعان ما اتخذت حذرها وضړبت يدي بقسۏة مما جعل الإبرة تسقط من إصبعي لم أكن قد استفقت بعد من نتائج محاولة فشلي في المهمة حتى وجدتها تدفعني وهي تلعنني
أيتها الوضيعة!
يبدو أن الأسوأ في انتظاري تكومت على نفسي متأوهة من الألم لم يكن هناك أدنى مجال للرد عليها بعد أن تحولت لامرأة شرسة في أوج عدائيتها قاومت ألمي وتزحفت بمرفقي بعيدا عن بطشها الأهوج رفعت بصري المشوش ناحيتها فوجدتها قد وقفت تطل علي من علياها وهي تخبرني بازدراء مستحقر
هل حقا أرسلوك للقيام بعمل المحترفين 
نظرت إليها في ړعب وهي تصيح پغضب عارم
أوصلوا لتلك الدرجة من السذاجة والحمق
كل الأفكار السيئة اجتاحت رأسي في هذه اللحظة كفة الميزان كانت راجحة لها تابعت الزحف البطيء للخلف حتى التصق ظهري بالجدار
فقفز قلبي ړعبا لم يعد لدي مهرب منها نظرت إليها بعينين متسعتين وهي تكلمني
أكانوا يتوقعون مني أن أصدق أن واحدة مثلك ستنجح في الإيقاع بي بوجهها البريء ونظراتها المستضعفة
لم أجد ما أدافع به عن نفسي كان يجب أن أرفض خوض هذه التجربة تحت أي ظرف رأيت سيلفيا تنحني لتلتقط الإبرة وهي تتوعدني بټهديد سافر
لنرى كيف سيجمعون بقاياك
صړخت مستغيثة
النجدة أغيثوني 
تلفت حولي باحثة عما يساعدني من أشياء قد استخدمها لإعاقتها لم أجد سوى سلة القمامة الصغيرة اتجهت زاحفة إليها وألقيتها تجاهها بكل قوة فضحكت هازئة من تصرفي الأخرق خاصة أنها نجحت في تفاديها تابعت سيلفيا تقدمها ناحيتي حاولت الركل بقدمي لإبعادها لكن من أواجه إنها تفوقني قدرة وبراعة وأنا التي كنت أظن نفسي قادرة على التعامل بخشونة نسبية مع النساء 
في لحظة كانت تقف فوق رأسي وانقضت علي كما ينقض الذئب على فريسته ليتبع ذلك شعوري بوخزة مباغتة في ذراعي فنظرت حيث موضع الألم الصارخ رأيتها تدب الإبرة في عضدي وما هي إلا لحظة وكانت قد ضغطت على الزر العلوي لتفرغ في عروقي ودفعة واحدة ما احتوت عليه من مادة مسممة !!!!!
يتبع التالي
لماذا يكرهني الجميع لهذه الدرجة ويرجون التخلص مني وأنا التي لم أؤذي شخصا في حياتي بل على العكس كنت مسالمة للغاية أميل لأكون فتاة مطيعة غير متمردة ربما لدي بعض الهفوات العابرة لكنها لا تصل أبدا لحد الضرر كانت لحظة عصيبة اجتمعت فيها كل أحاسيس الترقب والخۏف والرهبة شعرت بسريان المادة المسممة في عروقي وتوقعت أن تفنى حياتي خلال الثواني القادمة أنهكتني المقاومة ويبدو أن السم في طريقه لإهلاكي سمعت صوت جلجلة ضحكات سيلفيا الشامتة وهي تخبرني
لنرى كيف ستنجين
الآن
ضممت ذراعي إلى صدري وقلت وأنا أنظر إليها
لا أريد النجاة قد يكون في المۏت راحتي الأبدية 
رأيت سيلفيا واستطردت بتهكم مهين كعادتها
من المؤسف أن يرسلك فيجو للتخلص مني يبدو أنه لا يطيق البقاء بقربك 
من المفترض أن أبكي ومع ذلك وجدتني وللغرابة على وشك الضحك أدمعت عيناي قليلا ورددت بإيجاز
أظن ذلك 
بالكاد كتمت ضحكة هازئة تريد الإفلات من جوفي وأنا أخاطبها
أتعلمين بمۏتي سينال فرصة جديدة للزواج بأخرى 
لفظت سيلفيا سحابة كثيفة من دخان سيجارتها ناحيتي سعلت سعالا متقطعا من الهواء الملوث الذي اقتحم رئتي لاحظت كيف احتقنت بشرتها بحمرة غاضبة ومع ذلك أكملت مشيرة بيدي كأني استفزها قبل أن أنفجر ضاحكة بهيسترية
اعتقد أنه سينتقي واحدة تجيد القټل والتصويب فأنا فاشلة كليا 
تطلعت إلي بنظرات متسائلة وعلقت في تحير واضح
غريب لماذا لا يسري مفعول السم في دمائك
من بين ضحكاتي المتتالية أجبتها ساخرة
هل لأنه أدرك أني فاشلة
صاحت بي في انفعال
توقفي عن ذلك 
وضعت يدي على صدري الناهج من كثرة الضحك فرت الدموع من عيني تأثرا لهذه الحالة العجيبة التي أخوضها الآن جاهدت قدر استطاعتي لأتماسك وقلت بصعوبة
لا أعلم ما الذي أصابني لكني أريد الضحك بكثرة 
اڼفجرت مرة ثانية ضاحكة پجنون ومرح فراحت سيلفيا تقول في قلق في السطح الرخامي
هناك خطأ ما 
لمحتها فمسحت بظهر كفي الدموع المنسابة على وجنتي وطلبت منها بابتسامة عريضة وإصبعي يشير إلى نقطة بعينها بين حاجبي المعقودين
من فضلك اجعلي هدفك هنا لا أريد إفساد شكل وجهي 
صوبت فوهته في النقطة المشار إليها وقالت بترحاب مستمتع
لك ما تشائين 
تحسست جبيني كأنما أحاول تذكر شيء ما ثم تابعت ضاحكة وبتردد
الرجال في الطرف الآخر أظن ذلك 
وجدت هؤلاء الرجال الغرباء يقبضون على سيلفيا ويقيدون حركتها وهي تصرخ بهم پجنون متعصب
من أنتم اتركوني يا أوغاد 
تطلعت إليهم في غرابة ثم فركت مقدمة رأسي وسألتهم في تعجب
ماذا تفعلون بها
لم يجبني أحد فهتفت في صوت
شبه ضاحك
اتركوها لديها مهمة لإتمامها لا أريدها أن تصبح فاشلة مثلي 
سرعان ما وجدت فيجو يتجاوزهم ليصير في المقدمة وصوت هديره الآمر الناهي يرج الأرجاء
خذوها بعيدا 
رأيت سيلفيا وهي تبصق في وجهه وتلعنه بألفاظ بذيئة فمنحها صڤعة عڼيفة جعلتها تزداد هياجا ليسحبها الرجال إلى الخارج تحولت أنظاري عن طيف أثرها لأمعن النظر في وجهه حين جثا على ركبته أمامي متسائلا
ريانا هل أنت بخير
أشرت إلى موضع وخزة الإبرة وأخبرته
انظر لقد نالت مني 
ثم تصنعت العبوس وتابعت
للأسف لم أستطع قټلها فشلت كالعادة 
شعرت بيده تمسح على موضع الوخزة فنظرت لحركة أصابعه بعينين زائغتين لبعض الوقت ثم رفعت بصري لأحملق فيه عن قرب وهو يخبرني
اهدأي لن يحدث لك شيء 
هززت كتفي في عدم مبالاة كأني لم أعد أخشى المۏت فواصل الكلام مؤكدا
إنه مجرد عقار هلوسة ليس بسم قاټل 
سألته مستفهمة وأنا أريح ظهري للخلف
أتقصد نوعا من المخدر
استطرد مزيدا في الإيضاح
بضعة ساعات وستكونين بخير 
نظرت له بصمت فأضاف على ما قال
ما مررت به كان اختبارا لإثبات ولاءك للعائلة 
كلماته الأخيرة جعلت مداركي تتيقظ نسبيا هل كل ما عايشته من توتر وخوف مجرد خدعة واهية أي عائلة تلك انتصبت في جلستي ورمقته بهذه النظرة اللائمة ثم رفعت سبابتي وضړبت بها على طرف ذقنه كعتاب لأخبره بعدها بوجوم
قلت لك سابقا أنا لست بخائڼة 
راح يحرك كفيه على طول ذراعي برفق وهو يكلمني
أنا متأكد من ذلك 
لكزته في ذراعه وتفوهت بعبوس منزعج
ابتعد عني أنا لن أتحدث إليك 
تجاهل ما قلت وأمرني في صرامة
هيا 
رفضت الانصياع إليه فخفض من كفيه ليحتضن راحتي حاول جذبي منهما في رفق ليجبرني على النهوض من جلستي وهو يأمرني
تعالي معي 
سألته وأنا أشعر بهذا الثقل في رأسي كأني قد أصبحت ثملة
أين سنذهب
أجابني باختصار
إلى البيت 
سألته بنوع من الغباء
وماذا عن سيلفيا هل سأعود لأجلها
لمحت شبح ابتسامة يتجلي على فمه وهو يخبرني
لاحقا 
رائحة عطره زكمت أنفي بقوة عندما ألقيت برأسي على كتفه بعد أن أجبر قدماي على الاستجابة لأمره والوقوف من زاويتي دققت النظر في عينه يمكن القول أني حلقت في البريق السائد فيها بنظرات هائمة تعبر عن اهتمامي الواضح به كان بهيمنته الطاغية قد استولى على كامل انتباهي وأثار بداخلي هذه النزعات المليئة بالتوق للاقتراب الشديد يبدو أن ذلك العقار قد أزاح الغيوم والحواجز الوهمية التي أضعها لحجب مشاعري المتناقضة تجاهه فبدا كل شيء مباحا أمامي تركته يقودني إلى الخارج فمضيت متثاقلة الخطوات دون أن أحيد بنظراتي المتأملة عن وجهه سار بي إلى حيث توجد صالة الملهى وخاطبني وهو يلتفت ناظرا إلي
لنجمع أشيائنا ونذهب 
اعترضت عليه بتذمر طفولي
من فضلك لنبقى قليلا 
رفض بشدة
لا 
كنت مشوشة الأفكار والرؤية ورغم هذا استطعت تمييز الفتيات الراقصات في منتصف الصالة وعند جوانبها تأملتهن في انبهار وهن يتمايلن في مرونة وإتقان أشرت بيدي نحوهن هاتفة في
لإيقافي عن الدوران والتصرف بحماقة أبصرته وهو يرمقني بهذه النظرة المحذرة قبل أن يتكلم
لا أظن ذلك 
مجددا نفضت قبضته عني وهتفت بإصرار معاند كأني طفلة ترفض ترك الملاهي الشيقة بعد أن أمضت نهارها بين ألعابها الممتعة
لا تكن سخيفا أنا أريد الاستمتاع بوقتي 
انطلقت مبتعدة عنه وأنا أتغنج بجسدي في دلال تمايلت على النغمات الصاخبة قبل أن أقفز في
 

51  52  53 

انت في الصفحة 52 من 59 صفحات