الأحد 24 نوفمبر 2024

رواية في ظلمة بيجاد بقلم ميادة مأمون

انت في الصفحة 17 من 33 صفحات

موقع أيام نيوز


يجذبها اليه بكلامه لتجلس بجانبه حتى تحاول أن تخفف عليه حزنه
يا حبيبي انت كنت بتحب زياد اوي كده! 
ايوه هو كان صاحبي كان بيلعب معايا وكان بيحكي ليا كتير عنك. 
ايه ده انت تعرفني 
ايوه انا سوفت صولتك على تليفون زياد وعالف اسمك كمان انتي ساله. 
يعني انت عارف اني مش زي ما باباك بيقول عليا 

ايوا عالف و سعلان منه كمان عسان بيخليكي تنامي في الاوضه القديمه اللي فيها العفليت. 
عفريت!! عفريت ايه مافيش عفريت و لا حاجه
انت مش تعرف مين اللي جوه الاوضه دي. 
كادت ان تتفوه وتخبره عن من يشاركها الجلوس في تلك الغرفه الا ان اتاه صوت من خلفهم. 
يامن تعالي ندخل جوه يلا
الټفت الي تلك السيده وأومئ رأسه بالموافقه
حاضل يا داده سعديه سلام بقى يا ساله وماتخافيس انا هافضل سعلان من بابي لحد ما يخليكي تيجي تقعدي معانا وتسيبي العفليت. 
جري الصغير من امامها وهي مندهشه على حديثه تريد ان توقفه لتخبره بالحقيقه. 
استنى يا يامن ده مش عفريت استنى ده يبقى 
ثم أكملت بصوت خفيض عندما دلف الصغير للداخل
دا جدك يا حبيبي ازاي بس يبقى عندك خمس سنين ومش تعرف انك ليك جد عايش
جالسا خلف مكتبه ينظر إلى ذلك الذي يقف عاقدا يديه خلف ظهره ووجهه يكسوه الوجوم يحدثه بضمة حاجبيه التي يعلم معناها جيدا.
هتافضل لحد امتى حابسها في المخزن 
وضع القلم الذي كان يلفه بين أصابعه ونظر له بريبة. 
بتسأل ليه يا حسن قولتلك الموضوع ده ملاكش فيه. 
وكنت بتشركني فيه من الاول ليه لما انا ماليش فيه يابا خلتني ادخل عليها واخوفها مني ليه 
اه قول كده بقى انت زعلان عشان ماطولتهاش. 
بيييييجاد انت عارف كويس اوي ان لولا الاتفاق اللي كان بينا انا ماكنتش هاعمل كده. 
عارف يا سيدي ومتشكر ليك جدا بس خلاص انت كده مهمتك انتهت واللي جاي ملاكش فيه بقى. 
يا ابني افهم انا خاېف عليك انت كده بتخسر كل حاجه حاسس انك بقيت في نظر الكل شيطان مش عارف دماغك دي هتوديك فين بعد كده انت خلاص اتحولت من دور المظلوم وبقيت ظالم ظالم
اوي يا بيجاد. 
انا باخد حقي من كل اللي ظلموني. 
وأخدته من الكل خلاص كفايه بقى انت كنت بتشتكي من ظلم عمك ليك زمان دلوقتي بقيت العن منه وعدلي العزيزي قتل اخوك اخدت بتارك منه وقټلته
لكن هي انت بنفسك قولت انك سمعتها و هي بتقول لعمك انها ملهاش ذنب. 
مش معنى اني سمعتها بتقول كده يبقى هصدق انها بريئه من ډم اخويا. 
وبالنسبه لأبنك
هب واقفا من مجلسه وتطاير الشرار من عينه المشتعله كالجمر. 
ابني مالو! يامن ابني بعيد عن أي حاجه واللي يحاول يقرب منه الله الوكيل اكل كبده ني. 
بأبتسامة سخريه اجابه. 
بس هو خاېف منك انت متصور انك حابس في المخزن عفريت وحبستها هي كمان معاه. 
جبت الكلام الفارغ ده منين 
منه هو يامن قالي يوم عزا زياد الله يرحمه انه سمع العفريت وهو پيتألم في المخزن وشافك وانت داخل هناك قالي اوعي تقول لبابي اني عارف حاجه عن العفريت. 
جلس مره اخرى على مقعده يفكر برويه ربما يكون صغيره يعلم شيئا اخر ويهاب الحديث معه. 
نعم هو يعلم أن صغيره يهابه كيف لم يلاحظ منذ مرور تلك الأيام انه لم يتحدث معه في شئ 
فقط ينفذ كل ما يأمره به دون أن يتفوه بكلمه واحده 
كان معظم وقته يقضيه مع اخيه في لعب وضحك ومنذ ان رحل وطفله صامت لا يتحدث ابدا. 
انفزع مره اخرى وهب واقفا يلملم اشيائه قاصدا الذهاب اليه وترك صديقه يقف مندهشا
الله انت سايبني بكلمك ورايح على فين يا ابني انت 
هاروح لابني يا حسن و زي ما اتفقنا تفضل انت والرجاله في المزرعه 
مش عايزك تيجي ناحية الڨيلا خالص يا حسن
وصل إلى ڨيلته في وقت قياسي وجد حارسه يجلس خلف بوابتها الحديديه واعتدل واقفا ليفتح بابها حتى يلج سيده بسيارته داخلها. 
وبعد أن ترجل منها وقف ثابتا ينتظر الاخر ليلقي عليه بأخر الاخبار. 
شوفت اللي حصل يا سي بيجاد 
ها قول يا عم حماد سامعك. 
البت شافت الباب الصغير اللي في آخر الجنينه والظاهر كانت رايحه ناحيته 
بس سي يامن شافها ونده عليها وقعد اتحدت معاها شويه. 
واتحدت معاها في ايه بقى انشاء الله 
سعديه مرتي سمعته بيتحدت عن عفريت جوه المخزن وسمعتها وهي بتقوله ده مش عفريت ولا حاجه بس لحجته قبل البت ما تنطق واخدته منها ودخلت بيه جوه الڨيلا على طول
وبعدها جات وقالتلي روحت اني دخلتها جوه المخزن بعد ما لقتها واقفه بتحاول تشيل العشب اللي محاوط الباب. 
يعني لسه بتفكر تهرب تمام اوي انا بقى هاخليها تشيل الفكره دي من راسها خالص 
بس الاول هادخل ليامن اطمن عليه وبعدين أفضلها بقي
بحث عن صغيره في جميع أركان
الڨيلا ولم يجده 
حتى توقف امام غرفة اخيه هي الوحيده التي لم يبحث بها فأتجه إليها مباشرة. 
فتح الباب مندفعا فانفزع الصغير الذي كان يجلس ارضا يضع صورة عمه بجانبه ويبني بيت صغير بالمكعبات ويتحدث مع الصوره وكأن عمه يجلس أمامه ويلعب معه كما تعود. 
يامن بتعمل ايه هنا يا حبيبي 
وقف الصغير سريعا وسقطت من بين يديه قطع المكعبات وتهشم البيت وهو يهز رأسه يمين ويسار. 
اقترب منه قاصد حمله بين يديه. 
مالك يا حبيبي مش بترد عليا ليه كلمني قولي قاعد هنا ليه 
ااااانا مس عملت حاجه يا بابي اصل زياد وحسني وكنت بلعب باللعب اللي كنا بنلعب بيها سوي. 
رأي ملامح الخۏف ارتسمت على وجه صغيره و هذا ما المه بشده 
هو الذي يريده أن يكون مثله قوي لا يخشي احد ولا يضعف أمام اي انسان حتى لو كان والده. 
جلس على الاريكه منحني
بجزعه العلوي للأمام ضامم كفيه ببعض. 
ومالك خۏفت كده انا مش قولتلك الف مره مش عايز اشوف دموعك ولا نظرة الخۏف دي في عيونك ابدا. 
اانا مس خاېف يا بابي انا سعلان. 
اممم زعلان عشان عمك زياد ولا في حاجه تاني. 
عسان عمو زياد وعسان....
صمت مره أخرى ولم يكمل
الله سكت يعني ما تكمل كلامك
........ 
تعالي هنا يا يامن قرب مني ماتخافش
اقترب الصغير منه فمد يده وحمله على قدمه
قولي اي حكاية العفريت اللي انت قولت لعمك حسن عليها دي 
جحظت عين الصغير بأندهاش وحاول الانزلاق من علي قدم ابيه پخوف
ااااانا مس قولت حاجه هو ليه قالك 
ضمھ الي صدره محاولا ان يهدئه
اششششش اهدي يا حبيبي مالك خاېف كده 
انا خاېف احسن تحبسني انا كمان معاه زي ساله. 
تفاجئ هو برد صغيره وبأنه يعلم اسمها! 
بدء يحثه على التحدث اكث
انت عرفت اسمها منين هي اللي قالتلك عليه 
احنى الصغير رأسه مره ثانيه وقرر ان يفصح عما بداخله بنبرة حزن
لاء يا بابي زياد هو اللي قالي لما كان بيفلجني على صوتها. 
تنهد هو بحزن وارجع رأسه للخلف وهو مغلق على صغيره بين احضانه. 
اه يا زياد للدرجه دي كنت بتحبها فيها أيه البنت دي خلاك تتسحر بيها وتضيع نفسك عشانها بس. 
بابي يا بابي عسان خاطلي خلج ساله من عند العفليت هي حلوه وانا مس بحب اقعد لوحدي خليها تيجي تقعد معايا. 
يعني انت كنت عارف مين هي قبل ما انا اقولك عليها طب ليه لما شوفتها سألتني هي مين 
خۏفت اقولك اني اعلفها احسن تدخلني انا كمان عند العفليت. 
أولا مافيش عفريت في المخزن 
ثانيا مين قالك انها هتوافق تيجي تقعد معاك هنا 
بس انا سمعت العفليت وهو تعبان وكان بيقول اه بصوت عالي واكيد هي خاېفه تقعد معاه. 
ابتسم على براءة صغيره ولكنه تريث في الحديث لربما تكون تلك اللعينه أخبرته من يكون. 
انت شوفتها النهارده واتكلمت معاها يا يامن 
ايوه سوفتها كنت قاعد عند الورد بتاع مامي وهي كانت في الجنينه. 
طب وليه مسألتهاش اذا كان في عفريت ولا لاء. 
سألتها بس داده سعديه نادت عليا ودخلتني جوا الڨيلا. 
طيب يا يامن لو هي قالت ليك مثلا ان اللي في المخزن ده مش عفريت بس حد يقربلك هتصدقها من غير ما تسمع مني وتخاف تتكلم معايا ولا هاتيجي تسألني اذا كان كلامها صحيح ولا لاء 
بالحق يا بابي 
مش عايز غير الحق يا يامن.
تملص الصغير من علي قدمه وتباطئ في خطوته برويه الي ان اقترب من باب الغرفه ثم الټفت الي ابيه وهتف.
مس هسألك يا بابي وهخاف منك احسن تحبسني زيها هي وزياد.
ثم جري الصغير للخارج ليحاول الاختباء من نظرة ابيه المرعبه. 
علم الان انه من الممكن أن يفقد ثقة ابنه فيه بل وأكثر من ذلك سيكرهه طفله حتما عندما يعلم بوجود جده طيلة هذه المده دون أن يدري او يشعر بحنانه 
والذي يعلم هو جيدا ان تلك الكلمه لا توجد في قاموس حياة مهران الالفي حتي لو كان طريح الفراش 
صدق رفيقه في تلك الكلمه لقد تحول من مظلوم الي ظالم قاسې القلب لايعرف سوي الكره 
عليه اذا ان يعدل كفة الميزان اليه. 
هب واقفا وترجل خارج الغرفه نزولا من علي الدرج الي الخارج بأتجاه ذلك المخزن الموصود على من سلبو منه احبائه وداق طعم الحزن على ايديهم 
وقبل أن يقتحمه عليهم ارتسم الهدوء على وجهه. 
وأخرج من جيب سرواله ورقه مطويه خبأها في يده وفتح الباب برويه
بحث عنها في جميع ارجاء المخزن الي ان وجدها جالسه على ذلك الفراش الذي امر خادمه ان ينصبه
لها لتنام عليه. 
كانت متكوره في نفسها شارده في شيء ما لم تشعر بوجود ذلك الذي تبغضه وتكره مجرد النظر في عينه
ولج للداخل إليها وقرر ان يخرجها من شرودها هذا فألقي تلك الورقه في وجهها واعطاها ظهره متجها
نحو فراش عمه الراقد مستيقظا وكأنه ينتظره 
جلب المقعد بيده وجلس أمامه وانحني بجزعه العلوي نحوه. 
قولي اعمل ايه دلوقتي ابني عرف ان في حد غريب محپوس هنا غيرها وخاېف يسالني تفتكر لو قولتله ان جده عايش ومحبوس هنا هيسامحني ولا هبقي في نظره مهران نمره اتنين يا عمي. 
كلماته كانت قويه أسقطت العبرات من عين عمه والمته بشده يذكره بحفيده الذي يطوق بشده لرؤيته لضمھ واحده منه الي صدره ليستنشق رائحته على الاقل. 
ليشهق بصوت متقطع
اوعي تقوله حاجه خليه فاكر ان جده راح هو كمان مع اللي راحو
اصلا خلاص مبقاش فاضل في العمر كتير انا حاسس ان الاجل قرب بس خاېف من ساعة الحساب قوي يا بيجاد
مش طالب منك غير انك تسامحني عشان ربنا يخفف من عليا شويه يا ابني سامح وانسى بقى. 
صمت طويل عم المكان بينهم حتى من جهة من قرأت تلك الورقه المصوره وهبت واقفه بعين كالجمر مشتعله تحاول أن تفهم ما يدور حولها. 
لكنها تصنمت مكانها أثر تلك الكلمات 
بالله هل يطلب منه المغفرة والسماح كيف بذلك الكهل الذليل ان يتغاضي عن رؤية حفيده الذي لم يراه 
كيف بعد أن رأت قسوته
 

16  17  18 

انت في الصفحة 17 من 33 صفحات