الأربعاء 08 يناير 2025

رواية ظنها دمية بين أصابعه (الجزء الثالث من الفصول) بقلم الكاتبة سهام صادق

انت في الصفحة 6 من 16 صفحات

موقع أيام نيوز

ببعضهما.
شعرت زينب به لأنها صارت تعلم بعض الأمور عنه يزيد يفتقد أن يضمه أحدا ويطمئنه.
أسرعت نحوه وچثت على ركبتيها أمامه تحتضن وجهه بين راحتي كفيها وقد ارتعش جسد الصغير أثر فعلتها.
_ حبيبي أنت كويس.
هز الصغير رأسه نفيا لا يستطيع الكلام من شدة ذعره وهو يرى نظرات الأخرين.
بصعوبة نطق الصغير بتعلثم وحروف متقطعة.
_ نمشي نمشي من هنا.
ضمت الصغير إليها بعدما مزقها ذلك الشعور القاټل الذي ذكرها بوقوفها أمام عمها هشام عندما كان يحسابها على شئ فعلته.
_ حاضر يا حبيبي.
احتدت ملامح مازن الذي كان يتابع المشهد ونظر إلى السيدة نعمة قائلا
_ هي الاستاذة فاكره إني هسكت على اللي حصل فى ابني.
استدارت زينب إليه بعدما مسكت يد الصغير وكادت أن تجيب عليه وتخبره أن يفعل ما يشاء لكن السيدة صفاء المشرفة أسرعت بأخذ الصغار قائلة
_ أنا هاخد الأولاد يا ميس نعمة نقعد في الجاردن بره لحد ما مدام زينب و دكتور مازن يتكلموا ويحلوا المشكلة.
انسحبت المشرفة بهم وقد انصاع الصغار إليها لإعتيادهم على وجودها قربهم.
أشارت لهم السيدة نعمة قائلة بعدما غادر الصغار.
_ أظن دلوقتي نقعد نتكلم بهدوء أرجوكم المدرسة محتاجة تعاونكم معانا.
جلس الاثنين تحت أنظار السيدة نعمة التي هزت رأسها بيأس ثم تنهدت قائلة
_ زي ما يزيد طفل عڼيف يا دكتور ف عدي طفل مشاغب لأبعد حد حتى مستواه الدراسي ضعيف جدا.
حرك مازن رأسه متفهما لعلمه بسلوك صغيره ومستواه الدراسي لتنظر السيدة نعمة نحو زينب قائلة
_ يزيد مستواه الدراسي فوق الممتاز الولد ذكي جدا لكنه انطوائي وعنفه بيستخدمه لما بيحس بالخطړ من اللي حواليه.
انتبه كلاهما لحديث السيدة نعمة التي أردفت بعدما وضعت ساعديها على سطح المكتب.
_ العجيب إن الولدين بينهم شئ مشترك.
ضاقت حدقتاهم وهما ينتظرا مواصلة السيدة نعمة الكلام.
_ بيحبوا الرسم والألوان ليه متفكروش تخصصوا ليهم وقت يمارسوا هوايتهم سوا في أي مركز مختص.
تعجبوا من هذا الإقتراح الغريب لتهتف زينب بعدم اقتناع.
_ ياخدوا دروس رسم سوا اذا كان وهما في المدرسة وحضرتك بتشتكي من سلوكهم... طيب إزاي
ابتسمت السيدة نعمة ونظرت نحو مازن الذي يسمعها في صمت.
_ بيتهيألي يا دكتور أنت فاهم وجهة نظري.
اماء مازن برأسهفربما تقاربهم بمكان آخر يزيل ذلك العداء الذي زرع داخلهما دون سبب.
عادت السيدة نعمة تواصل كلامها لتوضح لها وجهة نظرها.
_ مكان غير المدرسه ممكن يخلق بينهم تقارب أفضل وده مجرد حل من الحلول... منقدرش نقول نتيجته غير لما تحاولوا.
_ أنا متفهم وجهة نظرك يا أستاذه.
قالها مازن وهو ينظر نحو زينب هذه المرة بتهذيب.
_ اتمنى أولا يا مدام تقبلي اعتذاري على اسلوبي في البدايه أنا أب ومتحملتش اشوف ابني بالمنظر اللي أنت شوفتيه.
شعرت زينب أنها أساءت التصرف بالبدايه معه.
_ أنا برضوه بعتذر عن هجومي بس حضرتك متعرفش حالة يزيد...
حرك رأسه بتفهم فهو عندما رأي ارتجاف الطفل ونظرات الخۏف التي احتلت عينينه الصغيرتين شعر بالشفقة نحوه.
_ أنا بسبب طبيعة شغلي مش موجود مع الولد كتير و النهاردة جيت من المطار على المدرسة وانا مش فاهم حاجة وحضرتك طبعا ډخلتي معايا في هجوم.
ابتسمت زينب كما ابتسمت السيدة نعمة وقالت
_ أنا مبسوطة إننا قدرنا نتكلم بهدوء وعلى فكرة يا دكتور مازن طبيعة شغل كابتن صالح برضو كانت منعاه من التواصل معانا... والتواصل كان مع والدة حضرتك و شاكر بيه جد يزيد ومهما حاولنا نحل الأمر بين الاولاد مفيش نتيجة لكن دلوقتي وجود مدام زينب هيساعدنا.
هزت لها زينب رأسها بتفهم ليتمتم مازن قائلا
_ أنا و والدة عدي منفصلين من سنتين وهي حاليا مسافره بره ويمكن سلوكه العدائي بدأ بعد انفصالنا لكن إن شاء الله هحاول اظبط شغلي واكون متواجد مع الولد.
ثم أردف وهو ينظر إلى السيدة نعمة.
_ أنا موافق على اقتراحك.
انتقلت عيني السيدة نعمة نحو زينب التي اتخذت نفس القرار قائلة
_ وأنا كمان موافقه. 
.....
اقترب نيهان من مكان جلوس عزيز وقد احتلت الدهشة ملامحه لوجوده جالس هكذا مطرق الرأس ويضع على يده كيس من الثلج.
_ ماذا حدث عزيز لما أنت جالس هكذا وما الذي حدث ليدك
تمتم بها نيهان دفعة واحدة ليرفع عزيز عيناه نحوه ثم أشاح بوجهه عنه.
_ عزيز.
_ بلاش تتكلم يا نيهان لأننا ممكن نزعل من بعض.
قطب نيهان حاجبيه بعد حديثه ليجلس جواره قائلا
_ أفعل ما تشاء لكن أخبرني لما أنت مجهم الوجه... يا رجل أنا قلق عليك.
_ تبعتني البيت وهي موجوده هنا يا نيهان.
صاح به عزيز وهو يلقي بكيس الثلج الذي اصطدم بالجدار ليردف بملامح كساها الجمود.
_ عارف إني بحبها وھموت عليها تقوم تخليها في أوضة النوم قولي عقلك كان فين وأنت بتخطط لكده.
تهللت ملامح نيهان عندما تخيل أن المحظور قد حدث.
_ قبلتها أم فعلت أشياء أخرى.
لم يتحمل عزيز صفاقته بالحديث ليقترب منه يجتذبه من تلابيب قميصه.
_ عزيز سأختنق هل ستقتل صديقك من أجل تقبيلك لفتاة... يا رجل أنت في أي عصر تعيش.
دفعه عزيز بعدما شعر أنه بالفعل سيخنقه ليسعل نيهان بشدة.
_ إنه بالفعل خطأي لقد حاولت مساعدتك...
اندفع عزيز إليه وهو يقبض على كفه بقوه حتى لا يلكمه.
_ يا شيخ الله يسامحك هي دي المساعدة... في اوضة النوم.
التمعت عينين نيهان بالدهاء ليرفع أحد حاجبيه متسائلا
_ يبدو أن الأمر تعدى القبلة أخبرتك تزوجها لكن رأسك اليابس هو من أوصلك لما فعلته بالفتاة المسكينة... عليك الزواج منها عزيز حتى تصلح ما افسدته.
لم يشعر عزيز بحاله إلا وهو يلقي المزهرية نحوه.. لتتسع عينين نيهان پصدمة بعدما تفادي المزهرية التي كادت أن تصطدم برأسه.
....
هبط من الطائرة في مهبط الطائرات بعدما قام مع بعض أعضاء الفريق بجوله صغيره ب إحدى الطائرات التي قامت الشركة بشرائها مؤخرا.
سار بخطوات واثقة تعبر عن شخصيته القوية في عمله وجواره سار مساعده الشخصي.
_ التقرير يكون على مكتبي بعد ساعتين مفهوم.
حرك كريم مساعده رأسه وهو يحاول ملاحقته بالسير ليتوقف صالح بعدما قام بفتح هاتفه وتوالت عليه الرسائل.
ضاقت حدقتاه عندما وجد أن مدرسة يزيد هاتفته ثم رقم زينب... ربط الأمور ببعضها ليضغط سريعا على رقم هاتفها.
أشار إلى مساعده أن يتحرك أمامه ليستكمل هو سيره بخطى بطيئة قلقة.
_يزيد امسك علبة الآيس كريم بتاعي عشان اشوف التليفون.
قالتها زينب للصغير الجالس جوارها على المقعد في إحدى الحدائق العامة وقد أخذته في نزهة بعد مغادرتهم المدرسة.
التقط منها الصغير العلبة ونظر إليها وقد هتف باسم والده.
انقطع الرنين قبل أن تخرج الهاتف من حقيبتها.
أسرعت بمسح يديها بالمحرمة الورقية ثم أخرجت الهاتف لتجد أنه بالفعل قام بمهاتفتها.
عاد الرنين يرتفع مرة أخرى لتجيب على الفور فأتاها صوته بقلق.
_ زينب فيه حاجة حصلت مدرسة يزيد كلمتني وبعدين لقيت رقمك...
قالها وهو يحرك أصابعه في خصلات شعره التي شعثتها قوة الهواء.
_ كانت مجرد مشكله مع طفل واتحلت ودلوقتي أنا وهو قاعدين سوا في الجنينة...
تنهد بإرتياح بعدما اطمئن عليهم.
_ قلقت عليكم.
_ لا متقلقش يا كابتن أنت اخترت مربية شاطرة وقد المسئولية.
أغمض عينيه بعد ما تفوهت به فهي أصبحت لا تنفك عن ترديد تلك العبارة.
كاد أن يتحدث ويخبرها أنها زوجته وليست مربية صغيره لكنها قطعت كلامه قائله
_ أنا و يزيد هنروح الڤيلا طنط حورية عزمانا على الغدا.
_ تمام هجيلكم على هناك.
تنهدت وهي تتمتم بإقتضاب.
_ يزيد عايز يكلمك.
أخذ منها الصغير الهاتف ليحادث والده عن نزهتهم.
جلست بالحديقة مع الصغير لبعض الوقت ثم أخذته متجهه نحو الڤيلا وفور أن فتحت لهم الخادمة الباب أسرعت السيدة حورية نحوهم تتساءل بقلق.
_ إيه اللي حصل في مدرسة يزيد يا زينب.
خرج الجد شاكر من غرفة مكتبه وانتظر معرفة الأمر من زوجة حفيده.
جلسوا في الصالون وقصت لهم زينب كل ما حدث وإقتراح مديرة المدرسة.
_ إقتراح المديرة صح يا بنتي.
قالتها السيدة حورية وهي تحتضن الصغير القابع في أحضانها.
لتومئ زينب برأسها لها.
_ أنا و والد الطفل اتفقنا إننا هنقدم ليهم سوا وأهو محاولة مننا.
ابتسمت حورية وخاطبت حفيدها الغالي.
_ أنت پتكره الولد ده ليه يا حبيبي.
لم يخبرها الصغير بشئ بل نظر نحو زينب.
_ أنت مش كنتي بتشتغلي في مدرسة يا زينب قبل جوازك من صالح ليه متشتغليش في مدرسة يزيد.
قالها الجد وهو ينظر إليهم وسرعان ما كان ينهض من مكانه قائلا
_ أنا هعمل اتصالاتي.
اتجه الجد نحو غرفة مكتبه دون انتظار معرفة ردها لتنظر إليها حماتها تتساءل بحيرة .
_ أنت موافقة على شغلك في مدرسة يزيد يا زينب.
يتبع... 
سهام_صادق
ظنها دمية بين أصابعه.
الفصل الثلاثون
جلس العم سعيد و عايدة بالمطبخ يرتشفون الشاي وعلى وجوههم ارتسم الوجوم... دخلت نيرة عليهم وهي تستعجب من السكون الذي خيم على الأرجاء بعدما كان المرح في نفس الوقت أمس يملئ المكان.
نظرت لهم لتقول بفتور.
_ عم سعيد بعد ساعتين هنمشي إن شاء الله...
اماء العم سعيد برأسه وتساءل في الحال.
_ هو عزيز بيه رجع من مزرعة نيهان بيه.
هزت نيرة رأسها بحزن فعمها يعاقبها بسبب ما فعلته أمس ونأى بنفسه منذ الصباح بعيدا عنهم.
_ لا يا عم سعيد الكلام ده قالهولي سيف بعد ما عمي اتصل بيه.
شعرت عايدة بحزنها لتسبل نيرة جفنيها وتتنهد قائلة 
_ أنا مش عارفة أصالحه إزاي.
_ مجرد وقت وهيهدى يا بنتي ده أنت الغالية بنت الغالي الله يرحمه. 
قالها العم سعيد الذي أحزنه حزنها لتنفرج شفتيها بابتسامة صغيرة.
ليردف العجوز قائلا  
_ تعالي اشربي الشاي معانا ولا خلاص عشان شربتي شاي لولو مبقاش يعجبك شاي عايدة.
ثم نظر إلى عايدة التي امتقعت ملامحها ورفعت كوب الشاي خاصتها لترتشف منه. 
_ شوفي قلبت بوزها إزاي عشان بقول الحقيقة يا ست البنات.
وضعت عايدة كوب الشاي پعنف على الطاولة لتقول بحنق. 
_ يا راجل ده أنت من شوية لسا بتقولي قومي اعملي لينا كوبايتين شاي حلوين من ايدك يا عايدة ده أنا مبتعدلش دماغي غير كوباية الشاي بتاعتك.
_ أنا قولت كده 
هتف بها العم سعيد وهو يحك أسفل ذقنه وسرعان ما كانت تطلق نيرة ضحكات عالية على مناكفتهم. 
جلست معهم ترتشف الشاي ونظرت حولها تتساءل. 
_ هما فين البنات صحيح ليلى من امبارح مختفية... حتى النهاردة الصبح مفطرتش معانا. 
خرجت تنهيدة عايدة بحيرة عقب سؤالها. 
_ والله يا ست نيرة ما عارفه مالها من امبارح وهي فيها حاجة غريبة... والنهاردة نارفين هانم طلبت منها تروح معاها على المزرعة التانية عشان تاخد رأيها في حاجة رجعت لينا وشها أحمر وكأنها كانت بټعيط. 
هز سعيد رأسه بحيرة هو أيضا وقال
_ كنا فاكرين جو المزرعة هيبسطها. 
نظرت لهم نيرة وارتشفت ما تبقى من كوب الشاي قبل أن تنهض من أمامهم. 
_ هروح أشوفها وافهم منها.. إحنا بنات زي بعض.
تحركت نيرة من أمامهم لكن توقفت وعادت

انت في الصفحة 6 من 16 صفحات