رواية ظنها دمية بين أصابعه (الجزء الثالث من الفصول) بقلم الكاتبة سهام صادق
على جسدها.
ابتسامة واسعة ارتسمت على محياها وهي ترى مظهرها.
دارت بجسدها حتى ترى الفستان من الخلف وقد عاد عقلها يعمل بكيفية تظبيطه حتى يناسبها كامرأة محجبة.
_ وبتقولي هترفضي الهدية وانت بتفكري هتظبطيه إزاي.
هتفت بها لحالها ساخرة لتمط شفتيها بعبوس ثم ضحكت على ما تفعله.
_ شكلي اتعديت مطت الشفايف من شهد.
عادت تنظر نحو الباب وقد احتلت الحيرة ملامحها.
خرجت تنهيدة عميقة منها وهي تلقي ببصرها نحو طاولة الزينة التي وضعت عليها نارفين أدوات التجميل خاصتها كما أخبرتها.
هي بحاجة لفعل شئ يخرجها من حالة الكآبة التي بها... مدت يدها بتردد نحو ظلال العيون لكن عاد التردد يرتسم مرة أخرى على محياها عندما مدت يدها نحو طلاء الشفاه.
حياها عزيز وقد استغرب من نظراتها المرتبكة له ولكنه لم يهتم بالأمر.
استكمل سيره إلى الداخل ثم زفر أنفاسه قبل أن يدفع الباب الداخلي للمنزل ليتحرك نحو الدرج قاصدا تلك الغرفة التي أخبره نيهان أن يدخلها فقد جعل نارفين تضع له ملابس نظيفة من ملابسه وتجهز له الحمام.
_ أنا أحلى منها.
غادرت تلك السعادة المؤقتة قلبها الذي قرر نسيانه حتى بعد علمها بأن تلك العروس قد انتهى أمرها.
نظر عزيز نحو الباب المغلق الذي وضع فيه المفتاح بالخارج هز رأسه وهو لا يفهم سبب غلق الباب ووضع به المفتاح ليكون علامة للغرفة التي عليه دخولها.
_ كده كده مصيرك هتتمسح بعد شوية بس أنا مبسوطة وانا بلعب بشكلي... أنا مش هنسي ابدا الموقف ده لمدام نارفين..
حدثت نفسها ثم تساءلت
_ أنا مش عارفة هي اتأخرت ليه...
انقطع حديثها مع نفسها عندما وجدت الباب يفتح ببطئ لتلتف بجسدها قائلة
انحبس الكلام في فمها وارتفعت وتيرة أنفاسها وهي تراه يقف أمامها وقد ارتسم الذهول على ملامحه.
_ ليلى
خرج اسمها بهمس من شفتيه وقد تسارعت نبضات قلبه من رؤياها بتلك الهالة المهلكة.
سقط أحمر الشفاة من يدها بعدما خانتها أطراف أصابعها.
تحرك نحوها وقد خرج الكلام منه متحشرجا.
اقترابه منها وتلك النظرة التي تراها في عينيه جعلتها تنتبه على وضعها أمامه... لا حجاب يغطي رأسها وعنقها يظهر بسخاء كما أن أكتاف الفستان مرتخيه قليلا لعدم غلقها لأحد أزراره من الوراء.
اتسعت عيناها عندما انتبهت لكل هذا وقد فاقت من صدمة وجوده أمامها فجأة وذهولها اللعېن الذي جمد حركتها وحبس أنفاسها.
_ عزيز بيه..متقربش أرجوك غمض عينيك.
_ وتفتكري هقدر ابعد يا ليلى.
قالها بصوت خاڤت لم يصل إليها وقد كانت تدور حول نفسها حتى تبحث عن مخرج لها أو شئ تضعه على رأسها ... اتجهت عيناها نحو باب الحمام وسرعان ما كانت تتحرك جهته.
_ ارجوك متقربش.
يده اجتذبت ذراعها عندما تحركت من أمامه يزدرد لعابه وقد خرجت أنفاسه في لهاث كمن يصارع شئ.
_عزيز بيه سيبني أرجوك.
همسها لاسمه بتلك النبرة المرتعشة لم تكن تزيده إلا حاجة لها.
_ مش قادر يا ليلي... أنا شايفك قدامي حلم جميل..
اتسعت عيناها في ذعر وانتفضت بين ذراعيه تبكي وتتوسله راجية.
_عزيز بيه متعملش فيا كده..أرجوك سيبني.
شعر بالصدمة من حاله هو لم يكن يحلم كما اقنع عقله..ليلى حقيقة أمامه... وهو ماذا كان يفعل بها.
ابتعد عنها كالملسوع يقبض على كفيه بقوة وأغلق جفنيه قائلا بصوت ضائع كصاحبه.
_ أمشي يا ليلي ارجوك امشي من هنا.
نظرت إليه بعيون زائغة وقد تمكنت الرجفة من سائر جسدها ثم خرج صوتها مكتوم ومهزوز.
_ فستاني فى الحمام.
تنهد وهو مازال يغلق عينيه وقد استدار بجسده فصار ظهره لها.
_ ادخلي غيري هدومك وامسحي اللي حطاه على وشك.
انفلتت شهقتها وهي تتحرك نحو الحمام ليفتح عينيه بعدما سمع صوت الباب ينغلق.
استمع إلى صوت بكائها الذي مزقه يقبض على كفيه بقوه ثم لطم بهما على الجدار.
لقد سقط في شرك الخطيئة واستطاع الشيطان استدراجه.... سمية سعت لسنوات حتى تستدرجه حتى بعد طلاقها منه إلا أنه كان يصدها بقوه... ليس معصوما من الخطأ لكنه ظن نفسه يستطيع صد أهواء النفس.
عاد يغمض عيناه بقوة بعدما ارتفع صوت بكائها.
زفر أنفاسه وتحرك نحو باب الحمام ليسند جبينه عليه قائلا بصوت رخيم.
_ كل حاجه هتتصلح صدقيني.
وبصوت متهدج أردف.
_ بعد اللي حصل بينا لازم نتجوز يا ليلى.
زادت في بكائها بعد سماع عبارته الأخيرة ليخرج صوته برجاء.
_ أرجوك متعيطيش دموعك بتقتلني يا ليلى.
ابتعد عن الباب واتجه نحو شرفة الغرفة يفتح ستارها ليستطيع زفر أنفاسه المحپوسة.
تنهد بعدما ابتعد عن الشرفة وقد أزاح الستار مرة أخرى وتوقف في حيرة ثم تحرك نحو باب الحمام وهو يشعر بالقلق عليها.
ابتسمت سمية عندما لمحت طيفه من وراء الستار... لتتحرك نحو باب المنزل الداخلي الذي لم يكن مغلق بإحكام.
التمعت عيناها وهي تهندم من قميصها الشفاف وتعدل من تنورتها القصيرة... فسعادتها لا توصف منذ أن بكت إليها ابنتها بالهاتف وأخبرتها بغضبه منها بسبب فعلتها ورفضة لتلك الفتاة التي اقترحتها عليه.
صعدت الدرج بتمهل وببطئ وهي تعرف أي الغرف ستتجه إليها.
تنفس الصعداء وهو يراها تخرج أخيرا من الحمام وقد ضمت الفستان الذي كانت ترتديه نحو جسدها.
أخفض عيناه بخزي من نفسه وهو يرى خۏفها منه لتتجه نحو الفراش حتى تضع فستان نارفين عليه.
اتسعت حدقتي سمية في صدمة ممزوجة بالذهول وتراجعت منزوية وراء الجدار بعدما رأت ليلى تخرج من الحمام و عزيز يقف في منتصف الغرفة.
كتمت شهقتها بصعوبة تهز رأسها برفض... عزيز مع تلك الفتاة.
عادت عيناها تتجه إلى داخل الغرفة وقد وضعت يدها على شفتيها حتى لا تخرج أنفاسها التي تسارعت.
_ أنت كويسة صدقيني اللي حصل ڠصب عني..مقدرتش اتمالك نفسي لما شوفتك قدامي كده. مكنتش اعرف إنك موجوده هنا.
خرج الكلام منه دفعة واحده حتى يبرر لها جرمه الذي لن يغفره لنفسه إلا بعد زواجه منها.
أغمضت سمية عيناها بعد ما سمعته لا تصدق أن عزيز الذي رفضها حتى وهي زوجته بعدما فقدت صوابها في الليله الوحيدة التي لمسها بها وقالت له الحقيقة المخزية أنها عشقته وتمنته كلما كانت في أحضان أخيه.
شعرت بعدم قدرتها على الوقوف وانسحبت في صمت لكن داخلها اشتعلت نيران الحقد.
وضعت ليلى الفستان وبهمس خفيض خرج صوتها متقطع.
_ ده فستان مدام نارفين.
_ليلى خلينا نتكلم ممكن.
هزت رأسها برفض وهي تتحرك ليهتف بلوعه وهو يراها تتحرك من أمامه.
_ في أقرب وقت هنتجوز يا ليلى.
اختفت من أمامه ليغمض عينيه بقوة وقد ازدادت ضربات قلبه وخرجت أنفاسه الهادرة كأنه كان في سباق ماراثون طويل.
...
دلفت زينب إلى الغرفة التي وجهتها لها المشرفة بعدما حكت لها عن سلوك يزيد وعدم قدرتهم على التعامل معه.
_ مدام زينب يا ميس نعمة.
قالتها المشرفة فنهضت السيدة نعمة مديرة المدرسة كما وجه الجالس عينيه عليها.
تحركت زينب نحو مديرة المدرسة لمصافحتها بعدما مدت لها المرأة يدها مرحبة بها.
_ اتصلنا بحضرتك لان صالح بيه حط رقم تليفونك بعد رقمه ومنبه أي حاجة خاصة ب يزيد يا اما توصل ليه أو ليكي... هو للأسف مردش على تليفونه.
أصابتها الدهشة من تصرفه لكن سرعان ما حصلت على الجواب داخلها... فهو تزوجها من أجل أن ترعى صغيره.
اماءت برأسها متفهمه و تساءلت
_ ممكن افهم حصل إيه بالظبط من يزيد.
_ ابنك مش متربي يا هانم.
هتف بها الجالس الذي عند مجيئه رأي وجه ابنه الذي أصابه الچروح من عڼف ذلك الولد الذي لا يكل من ضړب صغيره.
تدخلت السيدة نعمة على الفور لتوضح الصورة التي تعلمها.
_ مدام زينب مش والدة يزيد هي زوجة كابتن
صالح والده.
_ برضو ابنها مش متربي و ولد عڼيف مينفعش وجوده مع أولادنا.
لم تتحمل زينب سماع المزيد منه وقد فارت دمائها على الصغير الذي يعاني من سلوك مرضي واضطرابات نفسيه...... فهي تعاملت مع الصغير الذي دائما منزوي مع حاله لكن عندما يشعر بالخطړ من حوله يصبح عڼيف ليدافع عن نفسه.
_ وليه مش شايف إن ابنك كمان ممكن ميكونش متربي بتحكم على سلوك الولد بصفتك إيه
احتدت عينين الجالس ونهض على الفور يحذرها بيده.
_ ابني متربي كويس شوفي سلوك ابنك الأول.
ثم أردف بتهكم قائلا
_ وهتشوفي سلوكه إزاي وأنت من الأساس مرات أبوه.
_ احترم نفسك وحاسب على كلامك.
رفعت زينب يدها مثله لتحذره على تطاوله لتقف مديره المدرسه مذهولة مما يحدث أمامها.
_ يا حضرات مينفعش النقاش كده لو سمحتوا اهدوا عشان نشوف حل.
تدخلت المشرفة الخاصة بمتابعة سلوك الأولاد قائلة
_ مش هنوصل لحل غير لما نتكلم بهدوء... مدام زينب دكتور مازن نتمنى تتعاونوا معانا بهدوء لأن سلوك ولادكم الفترة الأخيرة بقى عڼيف.
زفر مازن أنفاسه بقوة وهو يلقي بنظرة غاضبة نحو زينب التي طالعته بنظرة يملئها الضيق.
_ ممكن نتكلم أنا و والدة الطفل لو موجودة لكن مع الشخص الھجومي ده اعذريني يا فندم.
إستشاط ڠضبا بعد سماع حديثها ليقبض على يديه بقوة قائلا
_ سلوك الطفل واضح إنه نابع من أسرة فاقدة التأهيل.
اتسعت حدقتي زينب من كلامه المهين الذي أعقب كلامها ثم أردف بإصرار.
_ أنا محتاج والد الطفل اتكلم معاه.
تنهدت مديرة المدرسة ثم نظرت نحو المشرفة صفاء التي تقف مثلها في حيرة من شجارهم.
_ مدام زينب إحنا افتكرنا حضرتك هتتعاوني معانا لأن شاكر بيه دايما الأمور مكنتش بتتحل معاه بطريقة لطيفه.
عندما ذكرت السيدة نعمة اسم الجد امتقعت ملامح مازن لعلمه بسخافة هذا الرجل الذي بسببه رفضت والدته المجئ إلى المدرسة بدلا عنه لأنها لا تجد منه إلا أسلوب فظ.
_ وعلى فكرة دكتور مازن دايما والدته هي اللي كانت بتابع أي مشكله بتحصل مع عدي وهو اكيد مش واصل ليه الصورة كويس فاحنا محتاجين نتكلم بهدوء.
استطاعت السيدة نعمة بسلاسة أسلوبها أن تجعلهم يقبلون الحوار سويا ومعرفة الصورة بوضوح.
_ طيب يا فندم ممكن افهم إيه اللي حصل.
قالتها زينب بهدوء بعدما جلست على المقعد المقابل ل مازن الذي جلس أمامها بعنجهية مقتتها.
_ ممكن تجيبوا الولد عشان تشوف ابنها عمل في وشه إيه.
كادت أن تتحدث زينب بسبب أسلوبه الفظ إلا أن السيدة نعمة قاطعتها وأشارت نحو المشرفة.
_ هاتي الاولاد يا استاذة صفاء.
لم تستطيع زينب التحدث بعدما رأت چروح الطفل وقد انزوي يزيد حول نفسه ونظر إلى الأرض.
ركض عدي لحضن والده.
_ بابي.
ضمھ مازن إليه يمسح على شعره قائلا وهو يقبل رأسه.
_ متخافش يا حبيبي.
تحركت عينين يزيد نحو المشهد ليزيد من ضم كفوفه