رواية ظنها دمية بين أصابعه (الجزء الثالث من الفصول) بقلم الكاتبة سهام صادق
بما ستفعله وطلبت منهم أن يختفوا أيضا من هنا والعودة لمزرعتهم وترك كل شئ الآن.
ضحك العم سعيد وهو يستمع إلى خطتها.
_ ياريت بعد ده كله يحصل المراد.
_ هيحصل يا راجل يا طيب يلا بس بسرعه هو معاه مكالمه مهمه خاصة بالشغل وأنت عارف مكالمات الشغل بيطول فيها ف إحنا هنستغل الفرصة ونسيب ليهم المكان واكيد دي فرصه حلوه عشان يتكلموا.
_ حاسبي يا ليلى ايدك لتتعور.
قالتها عايدة بلهفة واتجهت نحوها انغرزت شظية زجاجية في باطن يدها لكنها استطاعت سريعا إخفاء چرح يدها عن أعينهم بعدما قبضت على كف يدها بقوة.
_ مش مهم يا ليلى دلوقتي الطبق... يلا بسرعه ارجعوا على مزرعتنا.
كانت شهد تسير جوارها أثناء اتجاههم نحو بوابة المزرعة الجانبية للمغادرة منها.
_ تفتكري يا ليلى لو أبيه عزيز اتجوز مراته هتعاملنا كويس... بصراحة أنا مش عايزاه يتجوز لأنه ممكن يتغير معانا.
استمرت شهد بالكلام عن مخاوفها ولم تنتبه على ملامح ليلى التي جلى الحزن بوضوح عليها.
نظرت إلى المكان الذي يحاوطه الأشجار ثم انزوت وراء شجرة ضخمة الجذع.
حررت دموعها وارتفعت صوت شهقاتها بحړقة.
سيتزوج هكذا أخبرت قلبها تلومه على ما فعله بها و به.
....
اندهش عزيز من خلو المكان بعدما أنهى مكالمة العمل التي استمرت لأكثر من نصف ساعة وقد وجد الحديث عن العمل والإبتعاد أفضل حل حتى يمضي الوقت.
تساءلت مريم التي تظاهرت بالدهشة فاستدار عزيز إليها متعجبا من وجودها هي وحدها معه.
_ أنا كنت في الحمام ولما طلعت ملقتش حد موجود.
تحرك عزيز من أمامها دون الرد عليها وهو يضغط على رقم نيهان.
_ أنا كنت جوه ومفيش حد موجود حتى في المطبخ.
توقف عزيز مكانه بعدما وجد رقم نيهان مغلق وكما وجد هاتف نيهان مغلق وجد أيضا هاتف سيف.
سار من أمامها ليتجة نحو مزرعته وفي داخله كان يتوعد لابنة شقيقه لأنها بالتأكيد من خططت لهذا الأمر السخيف.
_ هو أنت هتسبني هنا لوحدي... أنا حتى تليفوني فاصل شحن ومش عارفه اكلمهم اسألهم انتوا فين.
توقف عزيز عن سيره وزفر أنفاسه بقوة حتى يهدأ قليلا.
خرجت صړخة مريم التي لم تتظاهر بصړاخها... لتنظر نحو يدها التي قرصتها النحلة.
_ إيه اللي حصل
نظرت له ثم عادت تنظر إلى يدها بۏجع.
_ شكلها نحلة قرصتني.
لم يعرف عزيز كيف يتصرف وقد ارتفع صوت أنينها من ألم يدها.
تنهد بضيق وهو يخبرها.
_ ممكن توريني ايدك كده.
ظنته سيلتقط يدها ويمسكها لكنه جعلها تمدها له وهو ينظر إلى موضع لسعتها من بعيد.
شعرت بسخافة الأمر فحتى وهي تتألم بصدق لا يظهر لها اهتمامه.
.....
شعرت نيرة بالصدمة وهي ترى عمها ينظر إليها بتحذير أن تتحدث.
نظرت إلى شقيقها وهي تتساءل.
_ هو أنا عملت إيه دى حتى المقابله باظت والموضوع شكله انتهى.
_ اول مره اشوف عمي كده.
احتضنها سيف وقد أتى نيهان إليهم يسأل عنه.
_ فين عزيز
أسرعت نيرة بالالتفاف إليه وقد ارتسم الحزن على محياها بسبب غضبه منها.
_ طلع اوضته ومرديش يرد عليا.
تنهد نيهان وهو يرى حزنها البائن في عينيها.
_ اتركيه حتى يهدأ.
ثم أردف بلطف فهي للأسف لا تعرف بأنه صار عاشقا لأخرى تعيش تحت سقف بيته وقد شاهدت اليوم كل ما حدث.
_ عزيز غاضب منا جميعا بسبب إغلاقنا لهواتفنا وتركنا له وحده مع الفتاة.
لم يتناول عزيز عشائه معهم حتى أنه لم يخرج من غرفته ولم يرد على اتصالات نيهان المتكررة.
....
_ليلى لسا تعبانه يا عايدة چرح ايدها كويس.
تساءل عزيز بقلق وهو ينظر إلى زوجته التي جلست جواره وفردت ساقيها لترتاح.
_ يعني أحسن دلوقتي أنا بقول عين وصابتها... أنا عايزه أرقيها يا عزيز.
ضحك عزيز على ما تتفوه به زوجته.
_ أنت بتضحك على كلامي يا عزيز.
رفع عزيز يديه باستسلام.
_ وانا اقدر برضو.
قالها وهو يميل جهتها بعدما اطمئن ألا أحد حولهم لتبتعد عنه بفزع بعدما اقتطف قبلة من شفتيها.
_ أنت بتعمل إيه يا عزيز.
لم يمهلها عزيز لتثرثر بالمزيد من الحديث ليلتقط ذراعها قائلا
_ أنت مش ملاحظة إنك بقالك مدة كبيرة بعيدة.
لم ينضب حبهم رغم مرور السنوات وأعباء الحياة... سرقوا من الوقت ما يجعلهم يستعيدوا لحظاتهم الجميلة.
...
لم يستطيع عزيز النوم هذه الليلة وقد قضى ليلته ساهدا.
في الصباح الباكر خرج في جولة حول المزرعة.
لم يجتمع معهم على الإفطار وقد أتت سمية اليوم بعدما علمت من نيرة ليلا ما حدث.
فالسعادة ملئت قلبها لفشل ما سعت إليه ابنتها.
...
جلست زينب على الأريكة تشاهد التلفاز بذهن شارد إلى أن ارتفع رنين الهاتف وأخرجها من شرودها.
توترت وهي تبحث عن هاتفها فهي تخشى أن تكون
سما من تهاتفها لكن سما أخبرتها أنها في رحلة عمل خارج البلاد لمدة ثلاث أيام وحين عودتها لابد أن يتقابلوا حتى تفهم منها سبب وجود ملابس النوم خاصتها كما هي..
عاد الإسترخاء إلى ملامحها ف الثلاث أيام لم يمضوا وبالتأكيد ليست سما من تهاتفها.
نظرت حولها فصوت الهاتف قريب منها لكنها لا تعرف من أين يأتي الصوت.
زفرة ارتياح خرجت منها عندما وجدته لتفتح الخط في أخر لحظة.
قطبت حاجبيها وهي تستمع إلى تعريف المتصله بهويتها لتنتفض بفزع بعدما أخبرتها أن عليها المجئ إلى مدرسة يزيد.
....
توقف نيهان خلف عزيز الذي وقف منتصبا ينفض يديه من الطمي بعدما قضى وقته في مساعده عمال المزرعة.
_ ألم تكتفي عزيز أنت منذ الصباح هنا.
تحرك عزيز من أمامه ثم توقف.
_ هنتحرك بعد العصر إن شاء الله.
اماء نيهان برأسه وتحرك ورائه وقد تجنب الحديث عما حدث أمس.
_سمية هنا.
احتقنت ملامح عزيز عندما علم بوجودها فهل كان ينقصه مجئ سمية.
أغمض عيناه ثم تنهد واستدار نحو نيهان.
_ أنا هروح عندك اخد دش وأغير هدومي وبعدين اريح شوية لاني مصدع جامد ومعنديش دماغ لحد... ممكن يا نيهان تستأذن نارفين.
ربت نيهان على كتفه ثم أخرج هاتفه ليحادث زوجته.
_ بالطبع يا رجل ولا تقلق لن أجعل أحد يزعجك.
ابتسم عزيز وتحرك أمامه ببطئ إلى أن ينتهي نيهان من مكالمته مع زوجته.
شعرت ليلى بتوتر بعدما دلفت وراء نارفين غرفة النوم... وقد اتجهت نارفين نحو خزانة ملابسها لتخرج أحد الاثواب قائلة
_ هذا الثوب سيليق بك بشدة ليلى ولا تقلقي لم ألبسه.
نظرت ليلى إلى الثوب الذي تريد أن تهديه لها نارفين.
_ مقدرش أخده أنا أسفه.
قالتها ليلى بالعربية وسرعان ما أدركت أن نارفين لا تفهم إلا كلمات بسيطة من العربية لكن نارفين فهمت من ملامح ليلى أنها ترفض هديتها.
_ أنا أحببتك ليلى فلا ترفضي هديتي رجاء.
لم تعرف ليلى بما تجيبها لتدفعها نارفين نحو الحمام قائله.
_ ادخلي الحمام وارتدي الثوب حتى أراه عليك...
كان الثوب من قماش الستان الحريري ومناسب للمحجبات ف نارفين محتشمة بعض الشئ في ملابسها.
ارتفع رنين هاتف نارفين في نفس اللحظة التي كانت تدفع فيها ليلى نحو الحمام حتى تبدل الثوب الذي عليها وترتدي ما أعطته لها لتراه عليها.
_ سأجيب على نيهان وأتي إليك.
دخلت ليلى الحمام بحرج فهي لن تنكر أن الثوب أعجبها لكنها تعتقد أنه سيكون طويل عليها لأن نارفين طويله عنها.
_ نارفين عزيز سيأتي لأخذ حمام لدينا... اذهبي لبيت المزرعة خاصته واجلسي مع الفتيات هناك ولا تخبري أحد أنه لدينا.
_ لكن نيهان أنا و ليلى هنا... البنت مكتئبه منذ الصباح وأردت أن أرفه عنها هنا.
اخترق اسم ليلى أذني نيهان... فابتعد قليلا عن أنظار عزيز.
_ليلى لدينا! نارفين ركزي معي قليلا حبيبتي...
يتبع....
سهام_صادق
ظنها دمية بين أصابعه.
الفصل التاسع والعشرين
شعرت ليلى بالحرج وهي تنظر إلى الفستان ثم ألقت نظره خاطفة نحو باب الحمام الذي أغلقته نارفين بعدما دفعتها داخله عادت تنظر إلى الفستان ذو الملمس الناعم لتتنهد وتبدأ في إزاله الثوب الذي ترتديه.
انتفضت عندما سمعت طرق نارفين على الباب وقد ظنت أنها ستفتح الباب لذلك أسرعت في تغطية جسدها بالفستان الذي بيدها بعدما أصبحت شبه عاړية.
_ ليلى سأذهب لأسفل حتى اصنع لنا كأسين من العصير...
قالتها نارفين وهي تبتسم بعدما لمع المكر في عينيها لتسرع ليلى قائلة
_ لا مينفعش..أنا مش عايزه عصير.
ابتسمت نارفين وهي تتحرك بخفه من وراء الباب.
_ لا تقلقي ليلى.. لا أحد غيرنا هنا..ارتدي الفستان على مهلك وقد تركت لك أدوات الزينة خاصتي حتى تضعي منها القليل.
_ مدام نارفين أرجوك استنى.
وقفت نارفين على أعتاب الغرفة وأردفت وهي تسحب الباب ببطئ حتى تغلقه.
_ لما أنت قلقة ليلى استمتعي يا فتاة قليلا ألا تحبي أن تري نفسك جميلة... الاكتئاب يزول عنا نحن النساء عندما نفعل شئ يعيد ثقتنا بأنفسنا.
_ لا أنا هلبس بس الفستان عشان تشوفيه عليا.
لطمت ليلى جبينها بعدما خرج منها الكلام بالعربية من شدة توترها ونسيت أن نارفين تفهم الإنجليزية كلغة ثانية بعد لغتها الأم لكن قلما تحدثت العربية أو فهمتها.
_ سأغلق باب الغرفة حتى تأخذي راحتك ليلى.. لا تقلقي أنا بالأسفل لن أغادر.
قالتها نارفين ثم أغلقت الباب وأوصدته بالمفتاح الذي تركته بالباب.
_ مدام نارفين.
زفرت ليلى أنفاسها بعدما أدركت أنها تركتها وذهبت إلى الأسفل.
_ شكلها نزلت المطبخ عشان تعمل العصير.
تمتمت بها ثم مطت شفتيها بعبوس ورفعت الفستان لترتديه انساب بنعومه على جسدها لتتلمسه بيديها.
رفعت قبة الفستان لتستطيع غلقه من الخلف ثم استدارت نصف استداره بجسدها لكن سرعان ما احتل الضيق ملامحها عندما انتبهت على طول فتحته...
هزت رأسها بنفاذ صبر فالفستان ليس له سحاب لإغلاقه بل كان غلقه ب اثنين من الأزرار التي كل منهما يبعد عن الأخر بضعة إنشات.
أغمضت عيناها لتحاول غلقهم لكن اليأس تملك منها خاصة أن إحدى يديها تؤلمها منذ الأمس.
_ ليه ملهوش سوسته..كان يبقي أسهل.
عبست بملامحها بعدما أصابها الضجر وقد تعرق جبينها لتزفر أنفاسها بقوة فأخيرا تمكنت من غلق واحدا.
هبطت بعينيها نحو أطراف الفستان لتبتسم قائلة
_ محتاج يتقص ويتظبط شويه.
واستطردت وهي ترفع أطرافه.
_ الفستان عاجبني لكن مينفعش أقبله الهدية لازم تترد بأحسن منها وأنا مش هقدر اقدم ليها حاجه تناسبها.
حسمت أمرها واتجهت نحو باب الحمام تهتف من ورائه.
_ مدام نارفين أنت موجوده.
تنهدت بإحباط ثم وضعت أذنها عليه وأعادت الهتاف باسم نارفين.
لم تجد أمامها إلا الخروج من الحمام فبالتأكيد مازالت نارفين بالأسفل.
خرجت بتوتر تنظر حولها لتجد الباب مغلق كما أخبرتها...
شعرت بالفضول لرؤية مظهرها بالمرآة رغم أنها لمحت جزء من الفستان عليها بمرآة الحمام لكنها كانت بحاجة لترى مظهر الفستان بأكمله