السبت 04 يناير 2025

رواية ظنها دمية بين أصابعه (الجزء الرابع من الفصول) بقلم الكاتبة سهام صادق

انت في الصفحة 1 من 15 صفحات

موقع أيام نيوز

ظنها دمية بين أصابعه.
الفصل الخامس والثلاثين
الصدمة ارتسمت على ملامح الواقف وقد ضاقت حدقتاه وهو لا يستوعب رؤيتها بهذا المظهر. أتاه صوت جده المتساءل عن هوية ذلك الضيف الذي أتى إليهم بهذا الوقت.
_ مين على الباب يا قصي.
بصوت مازال يحمل ذهول صاحبه أجاب على جده وهو يبتعد عن الباب.
_ دي زينب يا جدي.
وسرعان ما كان يتساءل بعدما بدأ يفيق من دهشته.

_ مالك يا زينب! ..
لم يكد ينهي قصي كلامه وقد وجد جده يقف ورائه ينظر إلى قرة عينه بفزع.
_ إيه اللي عمل فيكي كده
وللمرة التي لم تعد تحصى عددها كانت تكذب على جدها تخبره عن الحاډث الذي رأته على الطريق بعدما ودعت صديقتها بعد لقائهم.
كان نائل يضمها إلى حضنه ويستمع إليها لكنه بحداسته يشعر بأن هناك شئ أخر تخفيه عنه. مرر يده على ظهرها حتى تهدأ وتساءل
_ معقول يا زوزو لسا منستيش تفاصيل الحاډثة.
أغمضت عينيها بقوة فقد فتحت كذبتها ذكرى ذلك اليوم الذي مر عليه أعوام. ف صورة المرأة التي أطاحت بها السيارة لا تغادر رأسها كلما تذكرت الأمر.
ازدردت لعابها ودفنت رأسها أكثر في حضڼ جدها تستمد منه قوتها وتتأسف له بصمت على عدم قدرتها لمصارحته عن السبب الذي أوصلها لهذه الحالة وأتت من أجله إليه.
_ أحلى عصير ليمون لأحلى زوزو.
هتف بها قصي وهو يتجه بكأس العصير نحوها.
_ كل ده بتعمل كوباية عصير لبنت عمك ده إحنا نسينا اصلا إنك دخلت تعملها حاجة تشربها يا سيادة الرائد.
قالها نائل حتى يجعل تلك القابعة داخل أحضانه تبتسم.
فهم قصي ما يرمي إليه جده وتحدث معاتبا له بعتاب مصطنع.
_ عمايل العصير بيحتاج تكتيك ده ظبط مقادير يا باشا.
رفع نائل وجه زينب إليه ولوى شفتيه مستهزء.
_ ده فاكر نفسه في مهمة بحرية هات العصير يا ابو تكتيك.
_ علم وينفذ يا فندم.
بنبرة عسكرية هتف بها قصي ثم مد كأس العصير إلى زينب التي ابتسمت.
التقطت منه كأس العصير فحثها نائل على الإرتشاف منه ثم قال بمزاح.
_ اشربي خلينا نشوف التكات والحركات في كوباية ليمون.
ترقب قصي النتيجة وقال
_ اشربي يا زوزو واحكمي بنفسك.
عادت الډماء إلى وجهها الشاحب بعدما ارتشفت من العصير قليلا.
_ تسلم ايدك.
هلل قصي ونظر إلى جده الذي اتسعت ابتسامته عند سماع صوتها.
_ أنا قولت عصير الليمون ليه تكات وحركات عشان يروق الډم ويعمل إنتعاش.
_ خد بعضك وامشي يا ابن هشام.
قالها الجد فرمقه قصي پصدمة.
_ بتطردني بعد ما نجحت في مهمة العصير.
رغما عنها كانت تبتسم على مناكفة جدها و قصي. ولأول مرة تكتشف أن ابن عمها الذي لا تجتمع معه إلا قليلا لظروف عمله بالبحر شخص لطيف لا يشبه عمها هشام.
ارتفع رنين هاتف الجد لينظر إلى زينب التي انتهت للتو من ارتشاف كأس عصيرها.
_ ده صالح غريبه بيتصل بيا... هو عارف إنك هنا
ضاقت عيني نائل في حيره وتجعد ما بينهما وهو يرى ارتعاش يديها. انتبهت على حالها وابتلعت ريقها وهي تتحاشى النظر إليهم ثم هزت رأسها نافية معرفته بوجودها هنا.
احتدت ملامح نائل ونظر إلى الهاتف الذي توقف عن الرنين.
_ أنا ليا كلام معاه لما يجيلي إزاي كل الوقت ده وميعرفش أنت فين.
بصوت خفيض تمتمت وهي تخفض رأسها.
_ تليفوني فاصل شحن يا جدو.
ازدادت نظرات نائل حدة.
_ وده بالذات المفروض يخليه يقلق عليك أكتر.
تدخل قصي بالحديث مؤكدا على كلام جده.
_ بالظبط يا زينب كلام جدو صح... الساعة داخله على عشرة.
ارتفع الرنين مجددا فحسم نائل قراره وأجاب عليه.
.......
احتل الإرتياح ملامح صالح عندما علم بمكان وجودها بعدما يأس من العثور عليها لكن ذلك الإرتياح غادر ملامحه حين تلاقت عيناه مع ذلك الواقف أمامه.
_ اهلا يا صالح اتفضل.
دعاه قصي للدخول بعدما تنحى جانبا وقد احتل الوجوم ملامح صالح.
_ مساء الخير.
قالها صالح بنبرة حاول إخراجها ثابته عندما اقترب من مكان جلوس الجد ليرفع نائل عيناه إليه.
_ تعالا يا صالح اقعد.
أشار له نائل بالجلوس على يمينه لينظر صالح حوله باحثا عنها.
_ هي فين زينب.
أعطاه قصي الجواب وهو يجلس على المقعد المقابل له.
_ دخلت اوضتها ترتاح.
ضاقت حدقتي صالح عندما أتاه الرد من قصي واعتلى الجمود ملامح وجهه.
_ لسا فاكر تدور على حفيدتي يا صالح ويا ترى آخر اتصال كان بينكم أمتى.
باغته نائل بتساءله وسرعان ما كان يواصل كلامه.
_ هي دي الأمانه اللي وصيتك عليها يا ابن الزيني.
ازدرد صالح لعابه وغادرت الډماء وجهه توجسا فهل حدث ما صار يخشاه.
_ البنت جيالي مڼهارة بسبب الحاډثة اللي شافتها على الطريق و تليفونها فاصل شحن مش عارفه حتى تكلم حد...
لوهلة حاول إستعاب مع سمعه يتساءل بقلق.
_ حاډثة إيه
رمقه قصي بنظرة ممتعضة ثم أخذ يسرد عليه لحظة قدومها وهيئتها التي كانت عليها.
_ كانت جايه مڼهارة زينب عندها فوبيا من الډم.
حاول تلاشي ذلك الڠضب الذي يشعر به من قصي ولا يعرف سبب له وبصوت أجش قال
_ طيب هي كويسه دلوقتي لو محتاجه لدكتور اتصل فورا.
لانت ملامح نائل قليلا بعدما استشف صدقه من ذلك التخبط والقلق الذي يراهم عليه.
_ متقلقش هي كويسه دلوقتي.
تعلقت عيني صالح ب قصي الذي أعطاه الرد على حالتها مما جعله يزفر بقوة حتى يكبت ضيقه.
تحدث نائل بنبرة تحمل اللين.
_ المفروض يا بني يكون معاك رقم واحده من أصحابها عشان لما تتأخر او يحصل اي ظرف تعرف تتواصل مع حد وتعرف هي فين وتفهم سبب تأخيرها... هي حفيدتي مش غالية عندك ولا إيه.
باغته نائل بكلامه الأخير وانتظر رده الذي أثلج فؤاده.
_ أكيد غالية عندي يا سيادة اللواء وصدقني أنا من ساعة ما انتبهت على قفل تليفونها وأنا القلق هيموتني ومردتش اقلق حضرتك في البدايه لكن لما حسيت إن عقلي هيشت ولازم اخد خطوة البلاغ قولت اكلم حضرتك الأول.
طالعه نائل ليتنهد صالح ثم واصل كلامه حتى يكمل تلك الكذبه التي صنعتها هي وأشعرته بمدى خسته.
_ أنا لولا معرفتي بسفر سما في رحلة جوية لسويسرا كنت كلمتها لاني عارف انها أقرب حد ليها بعد حضرتك.
حرك نائل رأسه بتفهم وأشار إليه.
_ روح شوف مراتك يا بني واطمن عليها وبعدين نكمل كلامنا.
نهض صالح بمجرد أن سمح له نائل وتحرك نحو غرفتها تحت نظرات قصي.
_ أنا حاسس إن فيه حاجة في علاقتهم الزوجية مش مظبوطه.
رد نائل على حفيده وهو يغمض عينيه.
_ جوازتهم جات بسرعه ودي كانت غلطتي أنا... الله يسامح ابوك وعمك خلوني اعجل بجوازتها خۏفت اقابل وجه كريم قبل ما اطمن عليها.
أسرع قصي إليه والتقط كف يده يقبله.
_بعيد الشړ عنك يا جدو. 
...
توقف على أعتاب الغرفة يحدق بها وهي غافية ثم أخفض رأسه وشعور العاړ يخترق روحه فهي اليوم كان بيدها أن تكشف سر زواجه منها لكنها مازالت تحتفظ بالسر... ازدرد لعابه ثم جال ببصره بنظرة سريعة في أرجاء غرفتها القديمة.
بصعوبة تحرك نحو الفراش يهتف اسمها بهمس خاڤت.
_ زينب
لم تجيبه فتأكد أنها نائمة... لقد هربت بالنوم لعلها تنسى ثقل أوجاعها. اقترب من الجهة التي تسمح له برؤية وجهها الذي انطفئت بهجته منذ دخولها عالمه.
وجهها كان شاحب وآثار الدموع عليه...ابتلع المرارة التي في حلقه وجلس على طرف الفراش متنهدا.
_ كذبتي ليه ومقولتيش حقيقة وجعك ليهم والسبب اللي وصلك للحاله دي ليه عايزني اكره نفسي اكتر...
طأطأ رأسه أرضا و زفر أنفاسه ليشعر بتقلبها على الفراش... ظنها ستفتح عينيها عندما تحركت لكنها كانت نائمة.
حدق بظهرها الذي صار قبالته وقد انفك رباط شعرها.
إنها تمتلك سحر خاص بشعرها الأسود الناعم... خانته يده نحو خصلات شعرها ليحرره بالكامل من ذلك الرباط ثم مرر أصابعه برفق عليه. توقفت يده التي يحركها بخفه على خصلات شعرها وسرعان ما كان ينهض من جوارها و ينظر إليها.
غادر الغرفة بعدما دس رباط شعرها داخل سترته. 
عاد إلى مكان جلوس الجد وبحث بعينيه عن قصي.
_ اطمنت عليها
تنهد بصوت مسموع وجلس جوار الجد متمتما بأسف.
_ أنا آسف على القلق اللي سببتهولك يا سيادة اللواء.
ابتسم نائل وربت على فخذه.
_ سيبها النهاردة معايا.
لم يعترض ولكن سرعان ما انتبه على ما تغافل عنه... وجود قصي في منزل الجد.
فهم نائل نظراته وقال
_ قصي نزل.
انصرف صالح بعدما أخبره أنه سيأتي في الصباح لأخذها. 
...
أيعقل أنه صار كالمراهقين بعد هذا العمر
كل شئ بات يعيشه مؤخرا لا يستوعبه... لقد ضاع رشده وضاعت مبادئه العتيقة وأمام الحب لا توجد حكمة ولا يفهم المرء حاله.
خرجت تنهيدة طويلة متقطعه منه وابتسامة عريضة ارتسمت على شفتيه ثم أسدل جفنيه متلذذا بذلك الشعور الذي يعزف على أوتار قلبه.
_ آه يا عزيز بقيت عاشق متيم.. الحب خبط على بابك بعد العمر ده كله يا راجل.
قالها لنفسه وهو يبتسم ثم التقط هاتفه متمنيا أن تجيب على رسالته. تحديقه بشاشة هاتفه استمر لوقت طويل حتى سقط بالنوم رغما عنه. 
...
عيناها مازالت عالقة بالرسالة وكلما أزاحتهما عادت تحدق بها ورغم قلة أحرفها وحفظها لها إلا أنها قرأتها مرارا.
أغلقت جفنيها وهي تضم الهاتف نحو موضع قلبها الذي ارتفعت دقاته وعلى محياها ارتسمت ابتسامة واسعة.
توردت وجنتيها وهي تفتح الرسالة مجددا وقد ارتفعت دقات قلبها كقرع الطبول.
تنهيدة حارة خرجت من بين شفتيها ثم رفعت يدها وحركتها عليهما... ازداد خفقان قلبها عندما تخيلت تلك القبلة التي أرسلها لها حقيقة وسرعان ما كانت تنفض رأسها لا تصدق ما وصلت إليه بأفكارها.
بالصباح تقابلوا عندما غادر كل منهما غرفته لتخفض رأسها سريعا ثم ضمت شفتيها دون إرادة منها.
تنحنح عزيز بخشونة بعدما التقطت عيناه فعلتها.
_ صباح الخير.
ثم تساءل ببحة رجولية.
_ نمتي كويس
بصوت خاڤت أجابته دون أن تنظر إليه.
_ صباح النور اه الحمدلله.
ابتلع عزيز ريقه وأشار إليها بالتحرك ليخرج صوتها هذه المرة مسموع.
_ لاء اتفضل أنت الأول.
ابتسم رغما عنه وسار أمامها حتى لا يزيد من ربكتها تحركت ورائه بخجل وقد اكتست وجنتيها بحمرة خفيفة.
لم يتحدث كلاهما بكلمة منذ صعودهم السيارة لكنه كان مبتسما بسعادة كلما وقعت عيناه عليها خلسه ورأها تتهرب من النظر إليه.
تنهيدة طويلة خرجت منه جعلتها تنظر إليه فالتقط فعلتها بطرف عينه وقال
_ هوصلك واروح اخلص شوية أمور وبعدين هرجع اخدك ونروح الشقة عشان تلمي الحاجات اللي أنت هتتبرعي بيها والحاجات اللي محتاجه تحتفظي بيها.
استطرد قائلا عندما شعر بتوترها فهل ستكون وحدها بالشقة معه.
_ على فكرة أنا كلمت الست صفية عشان تكون موجوده معانا.
أوصلها إلى المشفى ثم غادر حتى ينهي بعض الأمور العالقة.
طيله تلك الساعات كانت شاردة وقد انتبه عمها على شرودها لكنه فسر الأمر بسبب ما حدث معهم.
مضى الوقت وآتى لأخدها ولكن قبل دلوفه إلى غرفة عزيز ذهب إلى الطبيب المختص بحالته ليطمئن

انت في الصفحة 1 من 15 صفحات