الإثنين 06 يناير 2025

رواية ظنها دمية بين أصابعه (الجزء الرابع من الفصول) بقلم الكاتبة سهام صادق

انت في الصفحة 3 من 15 صفحات

موقع أيام نيوز

خطيبته.
بتوتر أجابته ليلى وهي تجلس على المقعد وراء طاولة مكتبها.
_ آه الحمدلله شكرا يا بسام.
اقتربت سلوى من مكتب ليلى واتكأت عليه قائلة
_ أنت متعرفيش أد إيه بسام كان قلقان عليك.
بحرج قال بسام حتى يبعد لسان سلوى عن ليلى.
_ طبعا لازم اكون قلقانليلى زميلتنا في الشغل يا سلوى ولو أنت مكانها هقلق عليك.
احتقنت ملامح سلوى واتجهت نحو مكتبها لتجلس عليه ولم تمر الدقائق إلا وتساءلت بكلام تقذفه.
_ وعلى كده الأسبوعين اللي اخدتيهم اجازه هيتخصموا من مرتبك ولا من جاور السعيد يسعد.
ارتفعت ضحكات سلوى عقب كلامها الذي خرج كالسم ولم يكن مغزاه غير مفهوما حتى بسام فهم ما تقصده فقال بضيق.
_ بلاش تلميحاتك دي يا سلوى مش معنى إن عم ليلى شغال عند عزيز بيه فهي بره قوانين الشغل ولو حتى جامل عزيز بيه السواق بتاعه واداله بعض الامتيازات فيها إيه... الراجل بيخدمه لسنين طويلة واكيد ليه معزه عنده.
تنهدت ليلى وهي تلقي بنظرة سريعة نحو سلوى التي تأففت كعادتها عندما تجد الكلام لا ينصفها ثم أخفضت رأسها نحو الملف الموجود على مكتبها لتفتحه وفي داخلها تحمد الله على عدم امتلاكها لسان سئ فهي تعلم أن سلوى تغار منها بسبب بعض عقد النقص التي تعكسها بالتقليل من الآخرين. 
....
اختفت تلك الابتسامة التي كانت تزين شفتي عزيز ورفع وجهه عن طبق طعامه يتساءل
_ عيد كلامك تاني يا سيف لاني منتبهتش عليه.
مضغ سيف الطعام ببطئ ونظر له وقد كسا التوتر ملامحه... رمقت نيرة شقيقها وشعرت بالتوتر هي الأخرى.
_ صوتك راح فين يا دكتور.
قالها عزيز بصوت حاد جعل كارولين تنتفض من مقعدها خوفا ونظرت إلى زوجها الذي أخذ يسعل بعدما وقف الطعام بحلقه.
ارتشف سيف كأس الماء دفعة واحده ونظر إلى عمه.
_ كنت بقول كان لازمته إيه تشغل نفسك وتسافر الإسماعيلية وتقعد المدة دي...
رمقه عزيز بنظرة حادة فأردف سيف بعدما ازدرد لعابه.
_ ده طبعا بعد كلامك يا عمي على ضغط الشغل اللى عليك الايام ديه وتأخير بعض الطلبيات.
اشتدت ملامح عزيز بصلابة ومال قليلا للوراء.
_ مش عارف ليه حاسس بقالك يومين بترمي كلام مش مفهوم... عموما يا بشمهندس أنا ادري بمشاغلي ووقتي ركز أنت في رسالة الدكتوراه ومتشغلش بالك بيا.
نهض عزيز بعدما ألقى بالمحرمة التي مسح بها شفتيه لتهتف نيرة قائلة
_ أنت لسا مخلصتش طبقك.
ابتسم عزيز لها وتمتم قبل أن يتجه نحو غرفة مكتبه.
_ أنا شبعت يا حببتي كملوا اكلكم انتوا.
بضيق رمقت نيرة كارولين التي كانت سبب في قڈف تلك الشكوك برأس شقيقها.
_ عجبك كده... بسببك مكملش اكله... أنا مش عارفه دماغك فيها إيه.
تركت طعامها وهتفت بعدما فقدت شهيتها.
_ استمتعوا انتوا بالأكل.
زفر سيف أنفاسه بضيق فهو لم يكن يقصد أن يزعج عمه لكنه بالفعل منزعج من كل الأمور التي صارت تحدث بوضوح مؤخرا لكن شقيقته لا ترى كل هذا.
نهض هو الآخر عن مقعده وقد اندهش العم سعيد الذي خرج للتو من المطبخ وأتى نحوهم حتى يسألهم إذا يحتاجون لشئ.
_ إيه ده هو انتوا لحقتوا تاكلوا.
حاول سيف إزاله حنقه والتبسم في وجه العم سعيد وقال بنبرة مبطنة لم يفهمها العجوز.
_ في ناس بقت لما تجيي سيرتهم تعمل فوضى ربنا يستر من اللي جاي يا عم سعيد
اندهش العم سعيد من كلامه وهز رأسه دون فهم.
_ والله يا بني أنا مش فاهم حاجة. 
....
رفع عزيز عيناه عن أوراق عمله وابتسم عندما دلفت نيرة له وهي تحمل كوبين من الشاي بالحليب.
_ ممكن اعطلك شوية.
على الفور رد عليها وترك ما بيده.
_ تعالي يا حببتي.
وضعت أحد الأكواب أمامه وابتسمت.
_ بقالنا كتير مشربناش مشروبنا المفضل سوا.
قرب عزيز الكوب منه قليلا وجلست هي قبالته.
_ اخبار معتز إيه
زمت نيرة شفتيها بعبوس بعدما تذكرت ذلك الشجار الذي حدث بينهم أمس من أجل عودتها.
_ عايز يحجزلي على اخر الأسبوع.
تنهد عزيز بعدما ارتشف القليل من كوب الشاي بحليب الساخن.
_ مقدرش ألومه على موضوع رجوعك... اكيد محتاجك و أنت تفهمي ده واعذريه.
حركت له رأسها بإيجاب.
_ يعني اقوله خلاص احجز... بس أنت هتوحشني اوي... كلكم هنا هتوحشوني.
ابتسم عزيز وفتح لها ذراعيه حتى تأتي لحضنه فأسرعت على الفور نحوه.
_ مفيش رأي بعد جوزك طبعا يا حببتي لأن ده حقه... بس أنا هكلمه واطلب منه يسيبك معانا شويه كمان.
قبلته نيرة على خده وهتفت بحب.
_ وهو مش هيرفض ليك طلب لأنه بيحبك وبيحترمك أوي يا عمو.
ضمھا عزيز إليه ومرر يده على رأسها.
_ وأنا بقدره وبحترمه.
ثم أردف بحنان.
_ أومال أنا اديته وردتي الجميلة إزاي ووافقت تسافري معاه.
ابتعدت عنه تنظر له بحب وابتسمت.
_ أنا محظوظه بيكم انتوا الاتنين يا عمو.
صعد عزيز إلى غرفته بعدما قضى بعض الوقت مع ابنة شقيقه.
عندما دلف غرفته أسرع نحو الشرفة حتى يرى هل انغلقت أنوار مسكن العم سعيد أم مازالوا مستيقظين.
ظل يدور بالغرفة بدون هوادة لبعض الوقت وكلما أراد أن يبعث لها برساله حتى يسألها متى يستطيع التحدث معها كان يشعر بحماقته.
استلقى على الفراش مقررا النوم لكن اشتياقه لسماع صوتها أضاع النعاس من عينيه.
اعتدل في رقدته ووضع رأسه على الوسادة التي رفعها لأعلى قليلا والتقط هاتفه حتى يهاتفها.
اهتزاز رنين هاتفها الذي تضعه قرب رأسها جعلها تفتح عينيها التي أثقلها النعاس لتتورد وجنتيها وهي ترى رقمه يضئ على الشاشة.
ارتفعت دقات قلبها عندما فتحت الخط وأتاها صوت أنفاسه الهادرة.
_ نمتي
تثاءبت قبل أن تجيبه ليبتسم.
_ يا بختك.
بصوت هامس تساءلت بعدما استدارت بجسدها لتتأكد من نوم شهد.
_ يا بختي على إيه.
_ إنك بتعرفي تنامي وقلبك مشتاق.
تخضبت وجنتيها بحمرة الخجل وتسارعت دقات قلبها.
_ليلى هنأجل لحد امتي موضوعنا...قوليلي سبب مقنع للتأجيل إلا إذا كنت رفضاني.
بسرعة أجابته.
_ لا أنا تأجيلي مش عشان كده.
تنهد وهو يسألها.
_ قوليها يا ليلى.
دون فهم تساءلت.
_ أقول إيه!
_ إنك عايزانى زي ما أنا عايزك.
خفق قلبها بقوه ولم تتحدث.
_ تمام يا ليلى جوابك وصلني.
كاد أن يغلق المكالمة لتهتف قائلة بلهفة.
_ أه عايزاك.
التمعت عيناه وابتسم وهو يمرر يده على خصلات شعره.
_ وما دام أنت عايزانى ليه بتعذبيني ومخلياني مش عارف اصارح عمك...ليلى أنا بخون الراجل اللي عاش عمره كله بيخدمني بإخلاص.
انسابت دمعة منها مسحتها سريعا وهتفت برجاء.
_ أنا محتاجه شوية وقت.
تقلب عزيز في تسطحه وتساءل بنبرة لينة.
_ قوليلي بس خاېفه من إيه.
هي لا تستطيع إخباره بمخاوفها فالفروق الإجتماعية بينهم تقلقها. عائلة عمها يعيشون بمنزله ويعملون لديه وهي كذلك...
ابتلعت ريقها وتنهدت.
_ يا بنت الحلال تعبتي قلبي معاك.
ابتسمت على كلامه فابتسم هو الأخر وكأنه يراها.
_ عزيز بيه أنا لازم اقفل عشان شهد ممكن تصحى.
تقلب عزيز علي الجانب الأخر وتمتم بتوق لسماع اسمه مجرد من شفتيها.
_ مش هقفل غير لما تقولي عزيز وبس.
وهل مع رجل مثله تستطيع العناد... مع إصراره خرج اسمه من شفتيها بهمس 
_ عزيز. 
.....
قطب صالح حاجبيه بدهشة وهو يرى والده يقف أمامه طالعه صفوان بنظرة طويلة قبل دلوفه.
_ بقالك اسبوع مختفي...كنت فين الأيام اللي فاتت.
تحرك صالح ورائه بعدما أغلق الباب فزفر صفوان أنفاسه بعدما استرخي بجلوسه على الأريكة.
_ مش متعود تسيب دقنك مش محلوقه.
أطلق صالح نفسا قويا وجلس قبالته يجيبه على أسئلته.
_ كنت في اليخت الايام اللي فاتت اما بخصوص دقني أنا اجازه من الشغل... فعادي لما محلقهاش.
_ وليه كنت قايلنا إنك في رحلة شغل.
أغلق صالح جفنيه وارجع رأسه للوراء متنهدا.
_ ما أنا كنت في رحلة فعلا.
اعتدل صفوان في جلوسه ونظر له.
_ بتهرب من إيه يا صالح
_ بهرب من نفسي يا دكتور.
قالها وهو مغمض العينين فطالعه صفوان بنظرة حزينة بعدما شعر بيأسه.
_ المرادي الهروب هيضيعك وهتطلع منه خسران.
فتح صالح عينيه فتنهد صفوان قائلا
_ أنت اتحججت بموضوع سفرك في شغل عشان زينب.
تنهيدة قويه خرجت وهو يستمع إلى والده.
_ وأنت فاكر البعد ده هيصلح حاجة تبقى غلطان يا ابن صفوان...
نهض صفوان من مكان جلوسه وتحرك بالشقة.
_ زينب حياتها معاك على البر لتحارب وتاخدها على سيفنتك لتسيبها لسفينه تاني.
حدق بوالده الذي واصل كلامه.
_ قوم وخد نفس طويل وصلح اللي عملته... رجع البنت تاني ليك.
_ كرهتنيزينب عايزه تطلق.
قالها وهو يزدرد لعابه فضاقت عينين صفوان متسائلا.
_ طلبت منك الطلاق.
أغلق صالح جفنيه بقوة يتذكر يوم ذهابه لها بالصباح حتى يعيدها.
_ وأنت موافق على طلبها.
_ أنا ظلمتها دخلتها في لعبة ملهاش علاقه بيها.
تنهيدة عميقة خرجت من صدر صفوان.
_ قولتلك أنا و أمك ده من الأول لكن العتاب ملهوش لازمه دلوقتي...
أخفض رأسه فربت صفوان على كتفه.
_صالح ابنك بدأ يتعلق بالبنت فعلا لو هتطلقوا فاعملوا ده من الاول حرام تخلي ابنك يعيش نفس مرارة فقد سارة من تاني.
وهل هو سيتحمل فقدها وبعدها عنه... لقد تأكد في هذا الأسبوع الذي ابتعدت فيه عنه وطلبت منه تخليصها من هذا الزواج بأنها تسللت داخله قلبه الأحمق بدأ في حبها... ليته أحس بهذا الشعور منذ البداية قبل جرحها.
_ حاول ترجعها ليك يا صالح زينب تستاهل المحاولة. 
....
ابتسم نائل بسعادة وهو يراها تتجه إليه بطبق الفاكهة.
_ يا زوزو رجعتي تدلعيني من تاني طب أعمل إيه لما
صالح يرجع ياخدك مني تاني.
اختفت تلك الابتسامة التي كانت تداعب شفتيها و ازدردت لعابها فهي تركت له العثور على حل حتى يخلصها من رابط الزواج المزيف.
_ وحشك مش كده قالك هيرجع امتى.
رنين جرس الباب جاءها كالنجدة فهي ليس لديها معرفه بأمر عودته من رحلة سفره المزعومة.
_ هروح افتح الباب.
تحركت نحو الباب وقبل أن تفتحه التقطت أنفاسها لكن سرعان ما انحبست أنفاسها داخل صدرها وهي تحدق بالواقف أمامها.
يتبع...
سيمو
ظنها_دمية_بين_أصابعه. 
ظنها دمية بين أصابعه.
الفصل السادس والثلاثين
ابتسامة عريضة ارتسمت على ملامح هشام عندما رأي تلك النظرة التي يتلذذ في رؤيتها بعينيها...ارتعشت أهدابها وهي تطالعه وهتفت بصوت خفيض.
_ اتفضل يا عمو.
رمقها هشام بنظرة طويلة بعدما أغلق الباب ورائه وتساءل بنبرة خرجت مستهزئه.
_ هتفضلي قاعده كتير هنا مالكيش بيت ترجعيله
سقط الكلام عليها كالسوط فابتلعت لعابها بمرارة وتحاشت النظر إليه.
_ مين على الباب يا زينب.
ارتفع صوت هشام عاليا ونظر إليها.
_ أنا يا سيادة اللواء.
تعجب نائل من دق هشام لجرس الباب فهو معه مفتاح الشقة... فبعد زواج زينب صار معه نسخة من المفتاح تحسبا.
تحركت زينب لكن يد هشام قبض على ذراعها ليتمتم بنبرة قاسېة.
_ حذاري اسمع في يوم إنك رجعالنا بشنطة هدومك.
_ أنت كل ده على الباب يا هشام.
ترك ذراعها وتحرك أمامها وارتفع صوته.
_ مساء الخير يا سيادة اللواء.
انحنى ليقبل رأسه ثم يده وابتسم.
_ اخبار صحتك إيه
أجابه نائل عندما رأي زينب تأتي ورائه وقد انطفأت بهجة

انت في الصفحة 3 من 15 صفحات