رواية مهمة زواج (الجزء الرابع من الفصول) بقلم دعاء فؤاد
عقيم و مش هتجيبلك عيال تساومك بيهم... دا غير ان هي متقبلة جوازكم بكل ما فيه و معندهاش مشكلة لو اتجوزت بنت بلدك طالما مش هتحرمها منك...
تنهد بعمق ثم رفع عينيه للسماء و كأنه يناجيها لتتركه و شأنه ثم عاد لينظر لها مجددا بتوسل
عشان خاطري يا عيشة سيبيني دلوقتي... انا بجد تعبان و متلغبط و حاسس ان الدنيا بتلف بيا من كتر التفكير...مش قادر افكر ولا اخد قرار.. عايز ابقى لوحدي شوية.
أنا بس حبيت الفت نظرك للي هيحصل... و القرار بعد كدا في ايدك انت...
ثم تركته تائها هكذا و غادرت الغرفة و اغلقت الباب خلفها.
عودة للقاهرة...
عاد أدهم في ساعة متأخرة من الليل و كانت أمه في استقباله فلم تستطع النوم من فرط قلقها عليه..
قبل مقدمة رأسها و هو يقول
الله يسلمك يا حبيبتي... صاحية ليه لحد دلوقتي!
كنت مستنياك... مالك يا أدهم شكلك متغير كدا ليه.. في حاجة مزعلاك يا حبيبي!
أخذ يتهرب من مرئى عينيها و هو يقول
مفيش حاجة يا ماما... دا عشان بس آسر لسة مكلمني و قالي ان ميريهان اټوفت و باباها هيرجع بالچثة بكرة من ألمانيا عشان يدفنها... و طبعا آسر مڼهار على الآخر و مش قادر أعمله حاجة.
بعد اذنك يا ماما.. انا داخل انام.
سار باتجاه غرفته فاستوقفته هاتفة
رايح فين يابني... ندى نايمة في قوضتها..
هز رأسه بلا اهتمام متمتما
تمام براحتها... انا هنام في قوضتي..
هزت رأسها بعدم رضا و هي تقول
ايه الكلام دا بقى... انتو زعلانين من بعض ولا ايه!
خلاص روح نام انت في قوضتها المرادي... انا و الله مش عارفه ايه اللي غير رأيك و سيبتو القوضة اللي كنا مجهزنها ليكو و رجعت لقوضتك.
عادي يا ماما بنغير..
ربتت على كتفه بحنو و هي تقول
خلاص يا حبيبي نام جنبها عشان متفتكرش انك زعلان منها... اسمع مني أنا عارفة الستات بتفكر ازاي..
حاضر يا ست الكل... انتي أدرى.
ثم تركها و اتجه الى غرفة ندى و من حسن حظه أن خزانتها بها ملابس له منذ أول ليلة لهما.
فتح الباب بهدوء ليجدها نائمة في وسط الفراش بأريحية فلا مكان له بجوارها الأمر الذي جعله يبتسم بسخرية فدلف و اغلق الباب خلفه بهدوء ثم خلع ملابسه و أخذ منشفة و اتجه مباشرة الى الحمام الصغير الملحق بالغرفة..
هل يوقظها لتنام على الحافة!.. و لكنه في النهاية أشفق عليها فان استيقظت ستقيد نفسها عند حافة الفراش و لن تنعم بنوم هانئ كما حالها الآن... فاهتدى لأن ينام بالأريكة المقابلة للفراش فهي أيضا واسعة تتستع لجسده.
و بمجرد أن تمدد عليها حاول نسيان كل ما مر به بذلك اليوم الطويل ليسقط سريعا في النوم دون أن يدري.
لم ينم ليلته من فرط التفكير و حين بدأت أشعة الشمس الذهبية تتسلل عبر السماء لتنير الارض ارتدى تيشيرت و بنطال منزلي ثم هبط الى اسطبل الخيول ليختلي بنفسه بعد ليلة عسيرة قضاها في التفكير في أسوء الاحتمالات التي قد تحدث لاحقا خاصة بعد حديث أخته الخطېر ليلة أمس...
استند بظهره الى النافذة التي تطل منها رأس مهرته الصغيرة ثم شرد في ملكوت آخر لبعض لوقت لدرجة أنه لا يدري كم مرت عليه من الدقائق أو ربما ساعات و هو على تلك الحالة من الشرود...
ثم فجأة ظهرت له ريم من العدم مقبلة عليه بملامح ذابلة و تسير ببطئ بسبب جرج كاحلها او ربما من فرط هزلانها فأطرق رأسه بخذي و كأنه هو سبب ما يحدث لها او ربما لأنه دائما كان يصل متأخرا..
حين وجدته مطرق الرأس حين رآها فهمت أنه يشعر بالذنب تجاهها فوقفت أمامه تماما و هو مائلا بظهره على الحائط من خلفه ثم قالت بملامح خاوية
صباح الخير يا معتصم بيه..
رفع عينيه لينظر لها بحزن و ينقبض قلبه حين ظهر له شحوب وجهها ثم تحدث بنبرة متعبة
أولا صباح النور... ثانيا قولتلك قبل كدا قوليلي معتصم بس.
أخذت تفرك كفيها بتوتر ثم قالت ببسمة تبدو مصطنعة
مش هتفرق كتير لأننا مش هنتقابل تاني.
قطب جبينه باستنكار في انتظار توضيحها لتأخذ ريم نفسا عميقا ثم تقول بحزن طغى على نبرة صوتها
أنا هرجع القاهرة و المرادي هقدم طلب نقل بجد.. و قبل ما تقول أي حاجة أنا بشكرك على حسن ضيافتك و مساعدتك ليا... مش عارفه لو مكنتش لحقتني سواء في الحاډثة الاولى او التانية كان ممكن يجرالي ايه.. انا مش هنسى اللي عملته معايا طول عمري..انت مالكش ذنب في اللي حصلي و متحملش نفسك فوق طاقتها..
لم يتفاجأ كثيرا بكلامها فهو توقع ذلك تماما و هذا أكثر ما آلمه و جعل النوم يجافيه فكيف يكن لها كل ذلك العشق و في ذات الوقت ترحل عنه... أترحل بعدما امتلكت قلبه و كيانه... أترحل بعدما تعلقت روحه بها!
رد عليها بذات النبرة البائسة و كأنه يتوسل اليها
طاب خليكي لحد ما رجلك تبقى كويسة و تخلصي مدة الحقن... عشان حتى أهلك ميقلقوش عليكي.
أطرقت رأسها مليا ثم عادت تنظر له
هعالج نفسي... انت نسيت اني دكتورة ولا ايه!... و ان كان على أهلي مش هقلقهم و اقولهم على اللي حصل طبعا... هقولهم اني وقعت و اتعورت.
أشاح بناظريه للجهة الأخرى ينظر بعشوائية كناية عن انهياره داخليا ثم عاد ينظر اليها مردفا بۏجع
للدرجادي مش طايقة تقعدي معانا!
أجابته بلهفة
لا طبعا متقولش كدا... بس أنا فعلا خلاص اتقفلت من الشغل هنا و مش هقدر أكمل شغل تاني اللي هو أساس وجودي في البلد.
هز رأسه عدة مرات دون أن يتفوه بشيئ فأردفت تودعه و هي تتحاشى النظر في عينيه
أشوف وشك بخير يا معتصم... و شكرا مرة تانية..
قالت عبارتها و استدارت سريعا لتغادر قبل أن توقفها نظرته الراجية بينما هو لم يتحرك قيد أنملة و كأنه تحول لصنم يفكر في نهاية طريقه معها الذي لم يبدأ من الأساس... هل انتهى كل شيئ هكذا بسهولة!..
و كأنه استفاق لتوه من حالة السكون التي أصابته فهتف بعلو صوته حين ابتعدت عنه مقدار ثلاث خطوات
تتجوزيني يا ريم!
توقفت عن السير من فرط المفاجأة و لكنها لم تلتفت له فاسترسل مردفا بجدية تامة بعدما اعتدل في وقفته و مازالت مدبرة عنه
مش عايز رد منك دلوقتي... خودي وقتك في التفكير... حتى لو رجعتي بيتك هستنى ردك.. هيفضل الباب بينا موارب مش هيتقفل ابدا.
من فرط مفاجأتها لم تدري بما عليها أن ترد فاستدارت اليه ليسترسل حديثه بمزيد من الجدية حتى لا يترك لها فرصة للرفض
أظن انتي عرفتي عني كل حاجة.. و انا قدامك اهو لو عايزة تعرفي أي حاجة تانية.. و لو على الاقامة.. هتكون اقامتنا في البلد قليلة و أكتر الأيام هنقضيها في القاهرة..
هزت رأسها عدة مرات ثم أجابته بتوتر ملحوظ
هفكر و أرد عليك.
ثم استدارت لتغادر سريعا بارتباك قبل أن يتفوه بالمزيد..
بينما معتصم بقي ينظر في أثرها بملامح مهمومة فرغم تخطيطه لذلك الطلب الذي طلبه منها الا أنه لم يكن يريد التسرع في ذلك الأمر قبل تسوية أموره مع نرمين حتى لا يخدع ريم... و لكن أمر رحيلها هو ما فرض عليه أن يبكر بذلك قبل أن يفقدها تماما... لقد أصبح موقفه أمامها صعب بالفعل... موقف لا يحسد عليه....
بسم الله الرحمن الرحيم
الحلقة الثامنة عشر
مهمة زواج
يجلس أمام الدوار و هو يضرب فخذيه بحسرة كل حين و آخر فاقبلت عليه زوجته و هي تراقب حالته الغريبة و سألته باندهاش
أباه!.. مالك يا حمد.. من عشية امبارح و انت عمال ټضرب كف بكف و حالك لا يسر عدو ولا حبيب... كانك مفرحانش بالنسب اللي كنا بنحلمو بيه.
رمقها بغل ثم نظر أمامه و هو يفرك فخذه بغيظ و تحدث مصطكا فكيه
نسب الشوم يا حزينة... اهو احنا طلعنا من المولد بلا حمص.
هرولت لتجلس بجواره و تسأله باستنكار
واه!!... كيف يعني يا ابو البنات..
قال و هو مازال يضرب على فخذيه من فرط الحسړة
الخمس فدادين اللي اخويا حمدان سابهملي ازرعهم و المحصول بيناتنا بالنص.. معتصم ولده مضاني امبارح على عجد بيع و شړا بيهم و جالي دول مهر صافية..
ضړبت على صدرها بحسرة
واه واه واه... يا مراري الطافح..
استرسل حمد بمزيد من الغيظ
اني كنت جولت انه نساهم و المحصول كلاته ببيعه و تمنه بشيله في چيبي كانها ارضي و ملكي.. جولت اني اولي و هما حداهم اراضي و مزارع كتيرة.. بس طلع واعر جوي يا ام كريمة.. مينساشي حاچة واصل... جالي اني سايبلك الارض بكيفي.
صاحت بغيظ و حقد
كيف يعني.... يعني طلعنا اكده بولا حاچة!.. و المهر اللي كنا مستنينن نتلايم عليه عشان نهد الدار و نبنيها من اول و چديد!
أخذ يهز رأسه بتهكم مرير
بيعي الارض بجى و هدي و ابني ياخيتي كيف ما بدك... أني من الاول بجول انك وش فقر.
ثم هب من مقعده و فر من أمامها بعصبية و هو يكاد يصاب بالجنون.
استيقظت ندى لتجد أن الساعة دقت الثامنة صباحا فأخذت تزفر بضيق فقد فاتتها صلاة الفجر.. و لكن كيف لم تسمع صوت المنبه..
نهضت و هي تردد أذكار الصباح لتتفاجئ بأدهم يجلس على الأريكة المقابلة و يمسح وجهه من آثار النوم و يبدو أنه أيضا استيقظ للتو..
أخذت تنقل بصرها بينه و بين ذلك القميص القصير الذي بالكاد يصل لفوق ركبتيها هل كان نائما هنا و رآها عاړية هكذا أثناء نومها...
شهقت بخفوت ثم ركضت من أمامه قبل أن ينتبه لها باتجاه المرحاض و لكنه قد توقع ذلك فكان أسرع منها و قبض على يدها و هي تركض من أمامه ليجذبها بقوة فوقعت جالسة على فخذيه و من فرط صډمتها من سرعته لم تقوى على النطق فقط تنظر له پصدمة..
انتي بتجري مني ليه!... احنا مش اتفقنا اننا هنكون زي اي اتنين متجوزين!.. يعني المفروض تبطلي كسوف مني بقى..
لم