رواية مهمة زواج (الجزء الرابع من الفصول) بقلم دعاء فؤاد
تستمع تقريبا لما قاله فقد كانت شاردة في ملامحه المٹيرة...عينيه الناعسة.. شعره الطويل الأشعث.. صوته المتحشرج من أثر النوم... تفاحة آدم التي تتحرك مع حركة فمه..
بالطبع لاحظ شرودها و تأملها له فابتسم بجاذبية ليقول بنبرة مٹيرة
حلو.. مش كدا!
ردت و كأنها في عالم آخر
ها!
ازدادت ابتسامته اتساعا ليسترسل بمزيد من الاثارة
كادت أن تفقد وعيها من فرط جاذبيته و جمال نبرته المٹيرة التي جعلتها أسيرة له و لكنها ابتلعت ريقها بصعوبة ثم أخيرا عادت لوعيها لتقول بتوتر و توسل
أدهم انا عايزة ادخل الحمام..
ترك يدها فنهضت سريعا لتركض مرة أخرى باتجاه الحمام و تغلق الباب ثم تستند عليه من الداخل و هي تضع يدها على موضع قلبها و تحاول تهدئة ضربات قلبها و أيضا أنفاسها المتسارعة..
مسيرك تقعي تحت ايدي يا ندى و مش هتعرفي تفلتي..
كان يقصد فقط مشاكستها لا أكثر حتى يقلل من خجلها و توترها المستمر أمامه... بينما هي ابتسمت من عبارته و هي تتنهد بعشق خالص لذلك الذي سيفقدها عقلها يوما.
تركها بالمرحاض و غادر الغرفة متجها الى غرفته ليأخذ حمامه الصباحي و يصلي الصبح قضاء ثم ارتدى حلة سوداء بقميص اسود بدون رابطة عنق و انتعل حذائه ثم أخبر والدته أنه سيذهب لصديقه آسر ليكونا في استقبال حماه في المطار و من ثم يحضر معه مراسم الډفن..
بعد دقائق قليلة أقبلت عليهما والدة مودة و هي مڼهارة من البكاء و قد وصلت المطار لتوها قادمة من مدينة جدة حيث تقيم مع زوجها الثاني و حين رأت آسر ركضت اليه و هي تبكي بشدة و تنوح الى أن التقفها يسندها و هي تكاد تفقد وعيها و قد خارت قواها تماما من فرط الحزن و النواح...
أخذ آسر يربت على كتفها بمواساة و هو في أشد الحاجة لمن يواسيه ثم قال لها بنبرة باكية
اهدي يا طنط بالله عليكي.. مينفعش اللي انتي بتعمليه دا عشان خاطر ميريهان... هي مش هتكون مبسوطة بكدا... ادعيلها يا طنط.. ادعيلها ربنا يرحمها و يصبرنا على فراقها...
دوى صوت المذيع الداخلي بهبوط الطائرة القادمة من برلين لينتصب الثلاثة في وقفتهم في انتظار چثة ميريهان المحفوظة داخل صندوق خشبي لتظهر بعد قليل محمولة على أكتاف أربعة من الرجال منهم أبيها في مشهد يدمي القلب ..
من فضلك متصوتيش.. عيطي من غير صوت كدا مينفعش...
هزت رأسها بايجاب و الدموع تنحدر من مقلتيها بدون توقف فتركها و أخذ أدهم ليحملا الصندوق بدلا من اثنين من عمال المطار حتى أوصلوه الى سيارة الاسعاف التي كانت تنتظرهم خارج المطار..
انطلقت السيارة الى المسجد لاقامة صلاة الچنازة و ركب كل من آسر بجوار أدهم و محمد و زوجته بالمقعد الخلفي فقام آسر بالاتصال بوالده ليخبره أنهم في طريقهم للمسجد فقد كان ينتظرهم هناك..
تمت صلاة الچنازة و من ثم أخذوها للمقاپر الخاصة بعائلتها ليقوم آسر بخلع سترته و شمر عن ساعديه و قام بډفنها بمساعدة عامل المقپرة و أبيها و لكنه لم يستطع تحمل ردمها بالتراب و انسحب بعيدا ليسنده أدهم و هو يربت على ظهره دون أن يتفوه بحرف... فكل الحروف قد عجزت عن صياغة الكلمات التي يمكن أن يواسيه بها...
عودة لسوهاج.....
مازال معتصم بمكانه في اسطبل الخيول بعدما غادرت ريم لتضب ملابسها و أغراضها بحقيبة السفر....
قام بالاتصال بشقيقه لأمر ما ليرد حمد بصوت ناعس
أيوة يا عصوم..
انت لسة نايم يا حمد!
الساعة لسة تسعة.. هصحى دلوقتي اعمل ايه!
اه ياخويا عاملي فيها عريس..
ولا عريس ولا نيلة... الله يسامحك على اللي عملته فيا..
ضحك معتصم ليقول بمزاح
بكرة تدعيلي..
أتمنى ذلك..
المهم قوم فوق كدا و اجهز عشان هتاخد ريم معاكو و انتو مسافرين توصلوها لحد بيتها في القاهرة..
ايه دا هي ريم برضو مصممة تمشي!
أيوة مصممة.. بس طبعا مش هسيبها ترجع لوحدها.
تمام يا عصوم...ساعة كدا و اكون جهزت... كلم بقى هشام و عيشة خليهم يستعدوا عشان نمشي علطول...
تمام... عايزك تخلص كل الشغل المتأخر اللي في الشركة في خلال الأسبوعين الجايين.. عشان هتاخد اجازة شهر تقضيه مع عروستك و هكمل انا مكانك.
شهر كتير اوي يا معتصم.
ياخي حد يطول ياخد اجازة شهر!
ماشي يا سيدي عقبالك و هديك شهرين... اوبس انا نسيت انك متجوز اصلا.
تجهمت ملامح معتصم بضيق ثم قال مغيرا مجرى الحديث
اخلص مفيش وقت... سلام.
اغلق الهاتف و هو يزفر بضيق من تلك الزيجة التي تلاحقه كاللعڼة.. لو يدري أنه سيقع في شباك الحب ما قبل بها أبدا.
عاد الى الدوار ليبحث عن ريم فانقبض قلبه خشية أن تكون قد سافرت بمفردها فقام بالاتصال بها
ألو ريم... انتي فين!
أنا في القوضة اللي في المضيفة بجهز شنطتي.
طيب تعالى انا مستنيكي برا... عايز اتكلم معاكي في حاجة مهمة..
حاضر ثواني..
ارتدت حجابها على عجل ثم خرجت له و يخالجها شعورا بالخجل منذ أن طلبها للزواج و لكنها حاولت التظاهر بحالة طبيعة لتجده يجلس بغرفة الجلوس ينتظرها..
استقبلها بابتسامة حالمة تجاوزتها حتى لا يزداد خجلها ثم جلست بالأريكة المقابلة له لتقول
خير في ايه!
حاول التحلي بالجدية و هو يقول
كل خير ان شاء الله.... حمد و عيشة و جوزها مسافرين القاهرة بعد شوية.. فأنا عرفت حمد ياخدك معاه و يوصلك لحد البيت.
هزت رأسها بنفي
أنا آسفة يا معتصم مش هينفع..
زفر أنفاسه بضيق بالغ ثم قال بانفعال طفيف
هو مفيش حاجة تقولي عليها ماشي من اول مرة ابدا!!
هبت من جلستها لتقول بذات الانفعال
انت بتزعقلي كدا ليه!.. مش من حقك تزعقلي على فكرة..
أخذ يمسح وجهه من الڠضب و هو يستغفر بخفوت ثم قال بهدوء نوعا ما
يا ريم انا خاېف عليكي انك تسافري لوحدك... و هكون مطمن اكتر لما اخويا يوصلك.
ردت بتحد
متنساش اني جيت هنا لوحدي و زي ما جيت لوحدي هقدر ارجع لوحدي.
نهض بعصبية من مجلسه ليقترب منها و يصيح بانفعال
ممكن اعرف ايه وجهة نظرك في الرفض!... ولا هو عند و خلاص..!
لوحت بيديها بعشوائية
و انا هعند معاك ليه... كل الحكاية ان أدهم لو عرف اني ركبت عربية حد غريب المسافة دي كلها هيزعل جدا مني.
أمال رأسه اليها ليقول بغيظ
ما قولتلك عيشة اختي هتكون معاكم... يعني مش هتسافري لوحدك في عربيته..
ربعت ذراعيها أمام صدرها لتقول باصرار
لأ برضو مش هينفع..
اقترب منها للغاية مميلا رأسه للأسفل لأنها أقصر منه قامة حتى كادت أن تختلط انفاسهما ليصيح بنبرة قاطعة
بقولك ايه.. انتي هتسافري مع اخواتي يا اما و ديني ما انتي متحركة من هنا... فاهمة!
أجفلت من قربه الشديد و من نبرته العالية لتقول بتوتر و كأنها قد اړتعبت منه
هسأل أدهم الأول.
حانت منه بسمة انتصار أخفاها سريعا ثم قال بجدية
تمام... كلميه و اجهزي..
رفعت حاجبيها باندهاش لتقول بسخرية و هي تغادر من أمامه
بتتكلم كدا كأنك واثق انه هيوافق..
أخذ يهز رأسه بيأس و هو يبتسم و ما ان ابتعدت عنه مقدار خطوتين عاد يناديها بنبرة حانية على النقيض تماما من نبرته الحادة منذ قليل نبرته جعلت دقات قلبها تتسارع فالتفتت له مهمهمة
امممم..
هتكلمي اخوكي على طلبي!
سكتت مليا تلملم شتات نفسها ثم قالت بجدية
أكيد طبعا... موافقة أدهم قبل موافقتي.
هز رأسه بموافقة ثم قال بنبرة راجية
تمام هستنى ردك على أحر من الجمر..
أطرقت رأسها و هي تبتسم بخجل ثم استدارت لتغادر من أمامه سريعا بينما هو بقي ينظر في أثرها بعشق بالغ و هو يمني نفسه بقرب اللقاء..
قامت ريم بالاتصال بأدهم عدة مرات و لكنه لم يحيب ولا مرة فهو كان في ذلك الوقت في جنازة ميريهان و كان هاتفه على وضع الصامت.
تأففت بضيق ثم لم تجد بدا من الذهاب مع حمد و سوف تقوم بالاتصال به لاحقا أثناء سفرها بالطريق.
قامت ريم بتوديع الحاجة ام معتصم و مارتينا و معتصم ذاته الذي كان يودعها بحزن لفراقها و لو مؤقتا.
كان يوما عصيبا للغاية على محمد والد ميريهان و والدتها و آسر الذي كان في أشد حالات البؤس... الى الآن لا يصدق أنه فقدها للأبد...
انتهت مراسم العزاء و عاد محمد في المساء الى ألمانيا مرة أخرى للحاق بمودة... فقلبه يؤلمه كثيرا عليها و يخشى فراقها هي الأخرى.
بينما قام أدهم بتوصيل آسر و والده الى منزلهما أما والدة مودة أقامت بفندق لتعود في الصباح الباكر الى جدة بالمملكة العربية السعودية.
في تمام الثامنة مساءا عاد أدهم الى المنزل و تتجلى علامات الارهاق على ملامحه..
و بمجرد أن رأته ريم يدلف من باب الشقة صړخت باسمه ثم ركضت اليه تحتضنه بشدة و هو أيضا يشدد من احتضانه لها و هو يضحك و يقول
وحشتيني يا شقية انتي.. وحشتيني اوي..
و انت كمان يا حبيبي وحشتني اوي..
ابتعد عنها ثم أحاط كتفها بذراعه و سارا سويا لغرفة الاستقبال و هو يسألها بدهشة
انتي جيتي امتى!.. و ازاي معرفتنيش!
أجابته پغضب مصطنع
ما سيادتك مبتردش يا بيه... شوف موبايلك كدا هتعرف رنيت ولا لأ!
استل هاتفه من جيب بنطاله و هو يقول بتذكر
ايوة صح انا كنت عاملة silent عشان العزا بس نسيت خالص ابص عليه.
أخذ يتفقد سجل المكالمات الفائتة ليجد عدة مكالمات من ريم و أخرى من والدته و أيضا مكالمة واحدة فائتة من ندى فابتسم بسخرية لذلك فيبدو أنها لم تحاول اعادة الاتصال به حين لم يرد عليها...
وصلا الى الغرفة ليجد والدته و ندى يجلسان سويا في