الثلاثاء 26 نوفمبر 2024

رواية غير قابل للحب للكاتبة منال سالم

انت في الصفحة 21 من 59 صفحات

موقع أيام نيوز


اسمعيني جيدا لا أحب الثرثرة الفارغة لقد أتيت بشقيقتك البريئة لأقبع تمردك الكامن بداخلك قبل أن يندلع 
برزت عيناي في محجريهما من حنقي المكبوت إنه يسعى لتسيير حياتنا وفق أهوائه لا وفق ما نريده يجبرنا على أن نصبح بشكل أو بآخر تحت إمرته كعبيد أو إماء حدجته بنظرة ڼارية وهو يتابع قوله بلمحة ساخرة
وهي هنا لأتأكد من إتمام الزواج دون مشاكل كما أن صورة العائلة الحزينة المجتمعة لوداع رومير لا يصح أن تكون كاملة بدونها 

استخدمت كلتا قبضتي لأحرر فكي من يده أثناء كلامه ونجحت بعد شحذ كامل قواي ابتعدت عنه وهدرت فيه بغيظ
أيها الوضيع أنت تبحث عن مصالحك فقط 
هذه المرة لم أره وهو ينطلق صوبي كان في أوج قوته وأنا في حالة من الذهول دفعني بخشونة نحو النافذة ثم أمسك بمعصمي ورفعهما فوق رأسي ثبتهما بقبضتيه صائحا 
لم أملك من المقاومة ما أستطيع بها مجابهة كتلة الشړ المتجسدة في شخصه نظرت إليه پذعر وهو يقول
أنت لم تر بعد الجانب المظلم مني 
قلت بغير احتراز كأني أسخر منه
ما يرغب في فعله أشحت برأسي للجانب مبدية رفضا صريحا لمحاولته التودد إلي بالإكراه لمحت بطرف عيني إصبعه وهو يلف خصلة من شعري عليه اقشعر كل ما في واعتراني خوفا مضاعفا لا أعرف إن كان سببه اقترابه أم رهبتي مما قد يقوم به على غير إرادتي لسعت أنفاسه الحاړقة وجنتي فشعرت بها تلتهب عندما كلمني
هذا لا شيء مقارنة بما أفعله عادة ولا تتوقعي مني التساهل مع أي فرد من عائلتك 
كدت أذوب من شدة خۏفي عندما التفكير بها وأنا فقط اختبرت جزءا بسيطا حين تم اختطافي في وقت ليس ببعيد أجبرني فيجو على الاستدارة معه فأصبح صدره لصيقا بظهري أشعر بحرارته تجتاح برودتي المتزايدة لكن قبضته ظلت مقيدة لرسغي أدار بيده الأخرى الممسكة بذقني وجهي إلى نقطة بعينها وأمرني
انظري هناك 
تأملت بغير تركيز الفضاء الفسيح فقال كنوع من التوجيه
أليستا رائعتان معا
أصابني رجفات ورعدات جعلت ما اعتلاني من تحديات تتبدد في لحظة هتفت أتوسله والدموع قد راحت تتجمع في مقلتي
أرجوك لا تؤذيهما 
كأنه لم يسمع توسلي العاجز أدار وجهي في بطء بعيدا عنهما وهو يكلمني بصوت النافذ إلى أذني
هيا حولي ناظريك 
أرشدني للبقعة التي يريد مني تدقيق النظر بها وقال
من يملك قلبا لا يصمد في عالمنا 
كان محقا في وصفه فعالمنا غارق في الظلام الملوث بدماء الآثمين والأبرياء على حد السواء تهرأت من بكائي
المفطور وهو ما زال يتكلم
بالمناسبة إنه ذاك الذي نحرت به عنق الخائڼ رومير 
غمرتني أمواج الارتياع والفزع فأطحت بكل ما تبقى من سلام بداخلي استمر على همهمته الهامسة
لن يكون حادا عندما يمس عنقيهما 
توسلته من بين بكائي الحارق
لا تفعل 
أراح رأسه على كتفي فشعرت بأطنان من الثقل تسحقني ليس ظاهريا وإنما معنويا لم أعد أرى بوضوح بسبب كثافة دموعي سمعته يكلمني
لن تستطيعي منعي إن أردت ذلك 
رددت في قهر
اللعڼة عليك أنا أكرهك 
شعرت بعضلات وجهه تشتد قبل أن يزيح رأسه ويستقيم واقفا ليرخي بعد ذلك قبضتيه عني مخاطبا إياي ببرود
وأنا لم أطلب منك أن تحبيني 
اندفعت لألصق راحتي بالزجاج كأني آمل أن أخترقه لأذهب إلى والدتي وشقيقتي جاءني صوته من خلفي يطلب مني بلهجة بدت آمرة
عليك طاعتي فقط 
لم أتحرك من موضعي ولم أنظر إليه أبقيت ناظري عليهما لكنه بقى يحادثني باستحقار
ففي نهاية الأمر أنت الطعم المناسب ليس لإغوائي فقط 
كلماته اقتصرت مهمتي على شيء بعينه تسليته الجسدية وإمتاعه وعاء لإفراغ شحناته المكبونة لا لمشاركته المشاعر السامية أو العواطف الجياشة لم أهتم بوصفه لطبيعة علاقتنا في المستقبل فقد أطلقت العنان لدموعي المقهورة لټغرق بشرتي أمرني بصوت يحمل الجدية
استعدي لزفافنا خلال الأيام القادمة 
سمعت خطواته تبتعد لتتجه نحو الباب فصحت رغم شعور الانهزام المسيطر علي
صوت صرير الباب كان واضحا وهو يخرج ليعقبه توديعه السمج
وداعا زوجتي العزيزة 
ما إن أغلق الباب حتى هدرت لاعنة في حړقة ونوبة بكاء جديدة قد لاحت في الأفق
ليتك تحترق حيا 
كثرت الشواغل من حولي بمجرد أن تم إعلان الطوارئ والاستعداد لحفل زفافي خلال فترة وجيزة انقضى ما يزيد عن ثلاثة أسابيع منذ آخر محادثة حامية دارت بيني وبين 
كنت أشعر بالراحة لغيابه وألتاع من الخۏف لمجرد تخيل كيف سأكون معه منفردة لم أستطع دفع فزعي عني كلما تذكرت أني على وشك التجرد من حيائي لإرضائه هكذا كانت تخبرني صوفيا طوال الأيام 
الغريب أن والدتي عادت لحماسها وراحت تعمل بكامل طاقاتها لتتأكد من إكمال النواقص لازمتها السعادة واقترنت بها وكأن الحزن قد أنهى مآربه معها فهجرها وحط بي وبشقيقتي التعيسة لأجد الأخيرة قد واظبت على تجهمها بشكل ملحوظ رافضة إظهار فرحة زائفة لتزويجي تنهدت بعمق وخرجت إلى الشرفة لأجلس معها فكانت كعادتها صامتة نظراتها نحوي تحمل اللوم والضيق أبعدتها عني لتنظر في الأفق توقعت أن تثرثر معي لكنها احتفظت بصمتها السخيف لهذت سألتها لأبدد الصمت بيننا
هل وجدتي ثوبا يناسبك
زفرت قبل أن تجاوبني
صوفيا تكفلت بالأمر 
ضغطت على شفتي وتأملتها قائلة ببسمة صافية
الوردي يليق بك 
فاجأني تعليقها الغائم
كنت أفضل الأسود فهذه ليست بزيجة وإنما حكما بالمۏت 
هي أعطت الوصف الملائم لحالتي هذه أنا مقبلة على المۏت المحتوم لا على السعادة الأبدية ومع ذلك كان لزاما أن أدعي البهجة والسرور وأخفي الوقائع المريرة اجتهدت لأبقي ابتسامتي لطيفة رقيقة عندما تكلمت إليها
آن أنت ما زالت صغيرة قد لا تستوعبين ما يدور فهناك بعض الأمور المعقدة 
قامت واقفة ونظرت بعينين حادتين إلى الخضرة الممتدة أمامنا قبل أن ترد
الظروف أقوى من أمنياتنا 
اكفهرت تعبيراتها بشكل مريب للغاية وقالت بعد ثوان في زفير حانق
انظري لهذا الوغد لا يكف
عن مضايقتي وأنا سأصبح قاټلة بسببه 
فتشت بعيني سريعا عمن تقصد فرأيت المقيت المزعج الذي تعنيه نطق لساني مع استشاطة نظراتي
لوكاس!
غمغمت ببرطمة غير مفهومة فسألتها في توجس متزايد وقد دارت برأسي الهواجس
ما الذي يفعله لك
تجاهلت منحي الرد وحدجته بنظرات ڼارية كأنما تتوعده فتضاعف هلعي وضعت كلتا قبضتي على ذراعيها أسالها في شحوب يشوبه الڠضب
أخبريني
نفضتهما عنها وهتفت في وجوم
أريد الرحيل 
استوقفتها قبل أن تغادر بالإمساك بذراعها وتحركت لأقف قبالتها متسائلة بقلب يدق في تخوف عظيم
آن هل تعرض لك من فضلك أجيبي!
لمحت الدموع تترقرق في حدقتيها عندما أجابتني
وهل ستقدرين على صده إن اشتكيت إليك
طار صوابي في لحظة وقتئذ توقعت كل ما هو سيء أظلم قلبي قبل روحي ربما استغل لوكاس الفرصة وتوقف عن إيذائي لينقل شروره وبغضه لشقيقتي فأقحمها في ثأره المزعوم لهذا اختفى هو الآخر عن المشهد هرولت مغادرة الشرفة وڠضبي يسبقني ظللت أردد في وعيد حاقد
لن أدعه من يدي سيرى 
لم تلحق بي آن وبقيت متجمدة في مكانها في حين نادت علي صوفيا في دهشة عندما مررت من جوارها بسرعة
ريانا! أين ستذهبين نحتاج لأخذ قياسك 
تجاهلتها واتجهت صوب الباب لكني عدت أدراجي لأقف بجوار مصممة الثوب كانت الأخيرة ترمقني بغرابة وتحير ظلت تتكلم وأنا لا أسمع حرفا واحدا مما تتفوه به تركتها لحيرتها وانحنيت لألتقط أداة عملها سمعتها تقول
هل تحتاجين إليه
لم أجبها فبريق المقص المغري نجح في إغوائي بشكل كبير تخيلت نفسي وأنا أغرز مقدمته الحادة في صدر لوكاس أحكمت قبضتي عليه واندفعت بعنفواني إلى الخارج صوت والدتي 
سمۏم الحيات يمكن التخلص منها لكن ماذا عن سمۏم النفس هل لها ترياق ابتلعني ڠضبي الأعمى وراح يوجهني نحو الاڼتقام الأهوج لم أجد صعوبة في الوصول إلى مكان الحقېر لوكاس كان في الحديقة الرئيسية حوله عدد من الرجال يوليني ظهره وصوته الآمر يصيح بهم
أرسلوا لهم حاصدوا الأرواح انتهت مهلة سداد الرهانات 
لمحڼي أحد الرجال المحيطين به فسدد لي نظرة قوية مستنكرة هدرت به في حدة منفعلة
أفسح عن طريقي 
التف الجميع ناظرا إلي بدهشة واستغراب وعلى رأسهم لوكاس حيث حول حضوري إلى مسرحية هزلية بمزاحه اللزج
الكنة المستقبلية نزلت من برجها العالي لتحنو على عامة الشعب 
أ
تحفز الرجال من حوله وبدا أحدهم على استعدادا للانقضاض علي لكنه حذرهم بإشارة من كفيه المفرودين في الهواء
لا أحد يتدخل دعوني استمتع مع عزيزتنا المقاتلة 
امتثلوا دون نقاش لأمرهم وأفسحوا لي المجال لأتحرك بحرية رأيت لوكاس وهو يفرك كفيه معا قائلا بتشجيع
هيا أريني مهاراتك
ادعى ركضه لينطلق في الحديقة الشاسعة ليزيد من التحدي المثير كان يتوقف تارة ويهرول تارة وهو يضحك في استمتاع مستفز استشيطت أعصابي على الأخير ونعته في غيظ ويدي تلوح بالمقص في الهواء
أيها الحقېر أتجرؤ على الاقتراب من شقيقتي 
كدت أن أصل إليه فلت بأعجوبة من إصابة وشيكة في عضده لف ذراعيه خلف مؤخرة رأسه وأبدى إعجابه بمهارتي قائلا
أوه لقد تطورت قدراتك أنا مبهور 
من جديد لم أصبه فعنفني في تأفف مصطنع
أتعبثين معي كفي كلاما وأحسني التصويب لن أضيع يومي في الركض هربا منك 
شتمته بصوت زاعق
نذل!
قال ليستفزني أكثر
توقفت في مكاني لألتقط أنفاسي اللاهثة فعزوفي عن ممارسة الرياضة لفترة طويلة جعلني أنهك في وقت وجيز تحرك لوكاس ببطء تجاهي جال ببصره علي مقلصا المسافات وسألني هازئا
لحظة واحدة كانت مثالية لي جاءتني
على طبق من ذهب حيث غفل فيها عن حذره 
تبا لك يا لعين !!
يتبع الفصل الثالث عشر
الثالث عشر 
الفصل الثالث عشر
الاڼتقام يسمح لنا باستنزاف كافة مشاعرنا الغاضبة وبالثأر ممن غدروا بنا وإن كان في ذلك استهلاك أرواحنا لكننا لا نعود كما كنا نبقى من حيث انتهينا انسحقت البراءة وتلوثت بمجرد أن تخليت عن مبادئي لأغدو مثلهم دموية متوحشة وبربرية تركت الصواب جانبا ومشيت وراء لحظات چنوني لأظفر بنصر قد لا يدوم طويلا كنت ممتنة لارتدائي الزي الرياضي فقد ساعدني
هذا على التحرك بحرية وأريحية وبالتالي خلال مشاجرتي مع لوكاس كنت لا أجد ما يعيقني
استقام واقفا وضغط بعصبية على يدي حتى شعرت بأنه يدميها ثم دمدم في حقد مقيت وهو يشير بيده الطليقة إلى قميصه الممزق
انظري ماذا فعلتي
حاولت استعادة يدي من أسفل قبضته لكنه لم يفلتها انتزع المقص من بين أصابعي بيده الأخرى وهدر في غيظ
إنه قميص المفضل يا غبية 
فكرت في استخدام قدمي لركله فإذ ربما أصيب هدفي وأجعله يتلوى من الألم هتفت في غل وأنا أنفذ ما خططت له
لتلحق به إذا 
رميت
 

20  21  22 

انت في الصفحة 21 من 59 صفحات