رواية ظنها دمية بين أصابعه (الجزء الثاني من الفصول) بقلم الكاتبة سهام صادق
متناسيه سخونته
انخلع قلب عزيز من الفزع عليها وقد انسكب ما بداخل الإناء على سطح الموقد الذي أغلقت شعلته
ليلى هاتي ايدك وريني حصلها إيه
التقط يدها التي كانت تنفخ عليها بقوة ووضعها أسفل صنبور المياة
بټوجعك
رفرفت بأهدابها وحركت رأسها له مما جعله يهز رأسه بقلة حيلة منها
أنا حاسس إني معايا نيرة جديده متهوره بتعملوا الحاجة من غير تركيز
أنا مأخدتش بالي مكنش قصدي اعمل الفوضى ديه كلها
ممكن تسكتي يا ليلى
نهرها بصوت حازم وترك يدها قائلا بتحذير
استنيني هناراجعلك على طول
نظرت ليلى إلى حړق يدها الذي يؤلمها ثم إلى أطباق الطعام التي لم يمسها بحزن
أنت في دمك بيجري تنضيف وطبخ
ظنته ېهينها بكلامه فأخفضت رأسها أرضا
أدرك قسۏة كلامه بعدما انتبه على ما نطقه فتنهد بصوت مسموع
لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم هاتي ايدك يا ليلى
رفعت رأسها لتتعلق عيناها بانبوبة المرهم الذي أتى به
ابتعد عنها زافرا أنفاسه بقوة لا يصدق إنه استباح لنفسه لمس يدها واقترابه منها بهذا الشكل وضع انبوبة المرهم بأول مكان صادفه وأسرع بمغادرة المطبخ وهو يتمتم
متنسيش تحطي من المرهم على الحړق
اندهشت ليلى من تصرفه وما تغافلت عنه هي لم يتغافل هو عنه
أغمض عيناه بعدما استرخي على مقعده خلف مكتبه ووضع له العامل كأس الشاي وانصرف
وجودها في بيتي مبقاش ينفع
خرجت منه تنهيدة متقطعة وفتح عيناه وقد ارتسمت الحيرة على وجهه فالقرار صار صعب
اقټحمت الأفكار رأسه التي يراها فيها بيقظته وأحلامه وسرعان ما كان ينفض رأسه وينهض من مقعده متجها للأسفل حيث المكان المخصص للبيع ليقف وسط عماله منشغلا في تجارته
أنت مسافر يا صالح
نظر صالح نحو والدته ثم تحرك من أمامها صائحا باسم السيدة نعمات مدبرة المنزل
دادة نعمات
أسرعت نعمات إليه بعدما أتاها صوته وتركت الصغير بعدما أبدلت له ثيابه
محتاج مني حاجه يا بني
جهزتي شنطة يزيد وكل حاجة هيحتاجها
هزت نعمات برأسها ونظرت نحو السيدة حورية التي أخذت تنظر إليهم دون فهم
ايوة يا بني كل حاجة هيحتاجها حطتها ليه في الشنطة بتاعته
لاء أنا مش فاهمه حاجة أنت جايبني عشان تخليني واقفة ما بينكم في حيرة كده
روحي أنت يا دادة شوفي يا يزيد
تحركت نعمات من أمامهم فغرز صالح يده في خصلات شعره
أنا مسافر شهر عندي مهمة تدريب في تركيا
شهر!
نطقتها السيدة حورية لتتسع بعدها حدقتاها وقد علت الدهشة وجهها
شهر إزاي يا صالح وأنت فرحك بعد شهر المفروض الفترة دي أنت و زينب تتعرفوا على بعض
ابتعد صالح عن والدته ليستكمل وضع متعلقاته الشخصية
ظروف شغلي كده وهي لازم تفهم ده من الأول
طالعته السيدة حورية في صدمة فأمس أخبرهم أنه سيتم هذه الزيجة واليوم يخبرها برحلة سفره التي ستستمر شهرا حتى موعد عرسه
صالح أنت مش عاوز البنت صح
اقتربت منه السيدة حورية فرمقها بنظرة هادئة
لا عايزها هي مناسبة للدور ده كويس
دور دور إيه اللي هتكون مناسبة ليه البنت هتكون مراتك
إتجه نحو طاولة الزينة ليلتقط من عليها إحدى زجاجات عطره المفضلة
ما أنا عارف إنها هتكون مراتي ماما يزيد أمانة معاكي لحد ما ارجع ودادة نعمات هتكون معاكي وهتراعيه
كادت أن تتحدث السيدة حورية لكن الكلام توقف على طرفي شفتيها وهي تراه يغلق حقيبة سفره
الشقة هتكون فاضية خليها تفرشها زي ما هي عايزه وتختار كل حاجة بنفسها
أخرج إحدى بطاقاته البنكية ووضعه في كف والدته
مش عايز شاكر بيه يصرف حاجة عليها أي حاجة تختارها وخاصه بيها تصرفيها من فلوسي
وقفت السيدة حورية تنظر إليه وقد احتل القلق فؤادها
صالح لو هتتجوز زينب عند ف جدك فبلاش يا بني البنت ملهاش ذنب
تعلقت عيناه بعينيها التي حملت الرجاء بألا يفعل ذلك من أجل العناد بجده فارتسمت ابتسامة خفيفة على محياه سرعان ما تلاشت
متقلقيش يا دكتورة المرادي هستمتع بمميزات جوازة شاكر بيه وهجيبله الحفيد السليم اللي هو مستنيه
ظنها دمية بين أصابعه
الفصل العشرون 2
رفعت شهد عيناها عن الكتاب الذي تدرس به بعدما دلفت ليلى الغرفة
الطريق كان زحمة أوي الواحد راجع هلكان
رمقت شهد ساقها التي مازالت بالجبيرة ببؤس فهي تعيق حركتها رغم مرور أكثر من اسبوعين على خروجها من المشفى
وماما كمان زمانها هلكانه في الخدمة هناك وأهو استاذ سيف ومراته الأجنبيه رجعوا
قالتها شهد بحزن فتعلقت عينين ليلى بها وقد اعتلت الحيرة وجهها
سيف مين
وسرعان ما كانت الحيرة تغادر ملامح ليلى وتحتلها الدهشة
باشمهندس سيف ابن أخو عزيز بيه
امتقعت ملامح شهد وعادت تنظر في سطور كتابها
شكل وجودنا هنا قرب ينتهي اكيد العروسة هتكون سيدة القصر
نظرت إليها ليلى وجلست على الفراش وهي تزيل وشاح رأسها ثم خرجت من شفتيها زفرة طويلة
أغلقت شهد كتابها وقذفته جوارها وقالت بضجر وهي تحاول النهوض من الفراش
أنا زهقت من القاعده دي
أسرعت ليلى صوبها بعدما نفضت رأسها من الأفكار التي طرقت رأسها والتقطتها من ذراعيها لتسندها
فاضل اسبوع وتفكي الجبس
أنا زهقت يا ليلي كل يوم تقولولي فاضل ايام وتفكي الجبس والايام بتاعتكم مش راضيه تيجي
ابتسمت ليلى على تذمرها الذي اعتادت عليه وتحركت بها ببطئ نحو الصاله لتجلسها على الأريكة برفق
الأيام بتعدي بسرعة يا متذمرة ويلا قوليلي هنعمل غدا إيه النهاردة أنا شوفت طنط عايدة الصبح كانت بتبل البانيه
مطت شهد شفتيها فضحكت ليلى عليها
هغير هدومي وأصلي الفرض اللي ضاع مني واجهز الغدا بسرعة اكيد هيرجعوا من شغلهم في الڤيلا هلكانين
نظرت عايدة نحو سعيد الذي وقف ينفخ خديه پغضب وقد ارتسم الوجوم على ملامحه منذ أن رأى تلك الفتاة التي تزوجها سيف أثناء رحلة دراسته بالخارج
الشوربة ملحها زايد يا عايدة
تمتم بها العم سعيد بعدما تذوق القليل منها فأسرعت عايدة نحو وعاء الطعام الساخن الذي تصاعدت أبخرته لتتذوق منه
امتعضت ملامح عايدة بعدما تذوقت مذاق شوربة اللحم لتنظر نحو سعيد
الشوربة ملحها مظبوط يا سعيد
زجرها سعيد ثم أشاح عيناه عنها قائلا وهو يتحرك ليغادر المطبخ
سايبلك المطبخ خالص وخارج
دلف عزيز من باب المطبخ وهو يقطب حاجبيه مندهشا من مظهر شقيق زوجته الحانق
ماله سعيد يا عايدة ده أنا قولت النهاردة الدنيا مش هتكون سيعاه عشان رجوع الباشمهندس
هزت عايدة رأسها بيأس من أفعال شقيقها
من ساعة ما شاف عروسة الباشمهندس وهو قالب وشه
وإحنا مالنا
قالها عزيز بعدما جلس على أحد المقاعد الموجودة بالمطبخ والتقط حبة التفاح ليأكلها
ما أنت عارف يا عزيز دماغ سعيد
اقتربت من زوجها وجلست أمامه تتساءل
هي ليلى رجعت من الشغل!
ابتسم عزيز وابتلع ما قضمه من حبة التفاح قائلا
رجعت وبتجهز الغدا و شهد هانم قرفاها بطلباتها الكتير
امتقعت ملامح عايدة وتنهدت بضيق من دلع ابنتها الزائد
البنت دي محتاجه مني تقويم بس تقوم بالسلامة لأن شكل سعيد كان عنده حق دلعنا الزايد ليها مش هيخليها تحس بغيرها
وبتمني واصلت عايدة كلامها
ياريت تطلع زي ليلى
اندهشت ليلى من تلك المعركة التي نشبت من العم
سعيد مع البراد بعدما أخرج منه زجاجة ماء
رمقت تحركه بالمطبخ خلسة وقد أخذ يضرب كفيه ببعضهما
ليه يا سيف تتجوز واحدة مش شبهك يا بني ليه تجيب سمية تانيه في حياتك قلبي بيقولي قدمها هيكون قدم خړاب على البيت
توقفت ليلى عن تقليب المعكرونة بالصلصة عندما بدأ العم سعيد بالكلام مع نفسه بصوت مسموع
نظر إليها وهو يعلم أنها تنظر له بتعجب من حالته
الله يرحمك يا سالم بيه لو كنت عايش مكنتش هتكون مبسوط بالجوازة دي
غادر العم سعيد المطبخ وقد ابتلعت ليلى أحرف كلماتها التي حملت فضولها لتعرف منه سبب عدم رضاه عن تلك العروس
انسحبت عايدة من غرفة الطعام وبقى العم سعيد واقفا كعادته قرب عزيز
نظرت سمية نحو عزيز الذي شرع بتناول طعامه في صمت
الباشمهندس من اولها هو والهانم اللي جايبها لينا في ايده مش محترم وجودنا
اكتفي عزيز برمق سمية بنظرة أخرستها لتزفر أنفاسها حانقة من تقبل عزيز لزواج سيف
نظر نحوه العم سعيد بنظرة مشفقة فهو أكثر من يعلم ما وراء صمت سيده هو لم يتقبل هذا الزواج ولكنه مرغم على الصمت بعد حمل الفتاة
ابتسامة واسعة ارتسمت على محيا سيف عندما دخل غرفة الطعام وقد فاحت الرائحة الشهية وداعبت أنفه
كان وحشني أكل عايدة اووي والكشك اللي أنت بتعمله يا راجل يا عجوز
داعب سيف العم سعيد الذي ابتسم على الفور وأسرع قائلا بحبور
أنا عاملته ليك مخصوص النهاردة
ربت سيف على كتف العم سعيد بحب ثم نظر نحو عمه و والدته التي أخذت تأكل بغيظ
مساء الخير
رد عزيز عليه تحيته لكن سمية لم ترفع عيناها عن طبقها إلا عندما جلس قبالتها
رفعت شفتيها مستنكرة من عدم هبوط تلك التي لن تعترف يوما بأنها كنتها
فين الغندورة بتاعت بلاد بره
تعلقت عيني سيف