رواية ظنها دمية بين أصابعه (الجزء الثاني من الفصول) بقلم الكاتبة سهام صادق
بها بنظرة يائسة ثم أشاح عيناه عنها وبدأ يتناول طعامه
تعبانه يا ماما من السفر الرحلة كانت طويله علينا ومتنسيش إنها حامل
عندما أتى بذكر هذا الأمر فارت دماء سمية من الڠضب وألقت بشوكتها على الطبق بوجة محتقن
وأنت لحد دلوقتي مصدق إن الطفل ده منك
احتقنت ملامح سيف وقبض على الملعقة التي لم تمسها شفتيه بعد
سمية
صاح بها عزيز بعدما ترك ملعقته فلم يعد يتحمل أي حديث بهذا الأمر بعدما ألقى بقراره عليهم بالظهيرة
تجاهلت سمية صياح عزيز بها فهي مازالت لا تستوعب أنه تزوج من فتاة أخرى غير بيسان ابنة زوجها
سمية كفاية
انتفخت أوداج عزيز من الڠضب بعد ذكرها لاسم شقيقه الذي كان لا يستحق زوجة مثلها ولا يستحق أن يأتي ذكره في حديث كهذا
رمقته سمية بنظرة ساخرة واقتربت منه بعدما نهض من مقعده وترك طعامه
ابن اخوك المبجل اللي أنت وافقت يسافر بره ويكمل دراسته هناك
عمل علاقه في الحړام ولما الهانم اللي انت سمحت النهاردة تقعدها في بيتك حملت قرر يتجوزها شايفه تربيتك يا عزيز بيه
ما بلاش تتكلمي عن الفضيله يا سمية هانم
قالها سيف ونظر نحو عمه الذي أخرسته هي هذه المرة بكلامها السام
أطبق عزيز على جفنيه بعدما اشتد صداع رأسه وقد تحرك سيف من أمامهم بعد رمق والدته بنظرة اشټعل فيها ڠضب أخمدته السنين
احتدت نظرات سمية وهي تتبع خطواته بعينيها التي ضجت بالڠضب
شايف الولد يا عزيز شايف تربيتك يا عزيز بيه
لم يتحمل عزيز سماع المزيد فصاح بعلو صوته
عم سعيد
أتى إليه العم سعيد مهرولا بعدما استمع إلى ندائه وقد اتجهت عيناه نحو سمية پغضب فما الذي فعله سيده بحياته ليحمل كل هذا الهم وحده
نظر إليه عزيز بعدما أخذ يدلك جبينه من شدة صداع رأسه
محتاج مسكن للصداع يا راجل يا طيب
قالها عزيز وهو يتحرك نحو غرفة مكتبه فأسرعت سمية ورائه بعدما خمدت ثورتها
مالك يا عزيز فيك إيه
امتقعت ملامح العم سعيد وهو يراها كيف تتبع سيده
الله يرحمك يا سالم بيه
تهاوى عزيز بجسده على الأريكة الموجوده بغرفة مكتبه ثم أغمض عيناه بقوة وأرخى رأسه إلى الوراء
تساءلت سمية وهي تقترب منه ثم جاورته كادت أن تمد يدها نحو رأسه لكنه قبض على يدها بقوة
دلف العم سعيد الغرفة وهو يحمل حبة المسكن وكأس الماء ولم يروقه جلوس سمية قرب سيده الذي أغلق عيناه من شدة التعب
حبة المسكن يا بيه
تمتم بها العم سعيد وهو يمد يده له بالحبة وكأس الماء ففتح عزيز عينه ونظر إليه ثم التقط منه الحبة ليبتلعها مع رشفة من الماء
شكرا يا راجل يا طيب
بقيت أحسن دلوقتي يا عزيز
رمقها العم سعيد شزرا بعد نحنحتها وسؤالها الناعم وأخذ يردد داخله
ست بمليون وش صحيح ليه بس يا سيف يا بني تجيب لينا سمية تانيه
نهض عزيز من فوق الأريكة وتحرك نحو شرفة مكتبه التي كانت مفتوحه
سمية روحي بيتك
شعرت سمية وكأن دلوا من الماء انسكب على رأسها فنظرت نحو العم سعيد الذي حدجها بنظرة شامته
اندفعت سمية من مكانها ونظرت إليه بنظرة حملت وعيد يخمد بعد وقت
ماشي يا عزيز
غادرت سمية المنزل وهي تتوعد له لكن وعيدها كان يتبخر مع كل لقاء آخر يجمعهم
تنهيدة طويلة وبطيئة خرجت منه وهو واقف مكانه شاخص البصر
متفكرش كتير ولا تشيل نفسك فوق طاقتك يا بني
قالها العم سعيد واقترب منه ليقف قربه
اللي حصل حصل خلاص
رغم عدم رضى العم سعيد بما حدث إلا أنه أراد أن يهون على سيده الأمر
ده اختياره يا عم سعيد وأنا عمري ما وقفت قدام اختيار حد فيهم وزي ما أنت قولت يا راجل يا طيب اللي حصل حصل خلاص
هز العم سعيد برأسه وكاد أن يتحدث إلا أنه ابتلع حديثه الذي لن يجدي بنفع هذه الليلة
لانت ملامح عزيز وخفق قلبه عندما رأها تتجه نحو المنزل الخشبي الصغير الذي يواجه شرفة مكتبه
ضاقت عينين العم سعيد وتقدم بخطواته للأمام وقد تفاجأ اليوم أن منزل القطه الذي صنعه كان يقابل شرفة مكتب سيده
أنا إزاي مأخدتش بالي وأنا بعمل قفص القطه الله يسامحك يا سعيد بقى تعمل قفص القطة قدام مكتب البيه
تمتم بها العم سعيد بحنق من حاله فانتبه عزيز على نفسه واستدار ناحيته
مفيش مشكله يا راجل يا طيب أنا مش متضرر من ده الجنينه واسعه
لا لا انا بكره هغير مكان القطه
انتفض قلب عزيز وتلاشى اللين الذي احتل ملامحه عند رؤياها وقال بلهفة أخفاها سريعا
قولتلك يا راجل يا طيب أنا مش متضرر من ده القطه خلاص اتعودت على المكان بتاعها
أراد العم سعيد الإعتراض مجددا لكنه قاطعه قائلا
روح ارتاح يا عم سعيد أنت النهاردة طول اليوم واقف على رجليك ولا أنت مبتتعبش يا راجل يا عجوز
نطقها عزيز بمزاح فانشقت ابتسامة واسعة على شفتي العم سعيد
نظرة ڼارية رمق بها عزيز تلك التي اقتربت منه لتلقي عليه تحية الصباح بلغتها
تجاهلها عزيز واتجه نحو غرفة مكتبه فاستدارت كارولين نحو سيف الذي دلف للتو من باب المنزل وقد شاهد الأمر
ما الأمر سيف
قولتلك اطلعي غيري هدومك هنا مش زي أمريكا
امتعضت ملامحها فلم يمر يوم على قدومها هنا وكل شىء تتلقاه يحمل كلمة ممنوع
تأففت بصوت مسموع وتحركت من أمامه نحو الأعلى فرمقها وهو يظفر أنفاسه بقوة ثم تحرك نحو غرفة مكتب عمه
صباح الخير
هتف بها سيف وهو يغرز أصابعه في خصلات شعره وقد شعر بالحرج مما حدث
بصوت تخلله الجمود تمتم عزيز
صباح النور
حاول ترتيب كلامه لكن عزيز قطع عليه الأمر
فهم مراتك قوانين بيتنا يا ابن الزهار ولا عيشتك بره نستك الأصول وعوايدنا
أخفض سيف رأسه بحرج شديد فملابس كارولين كانت بالفعل غير لائقة لترتديها أمام عمه
أنا آسف يا عمي ومعلش اعذرها هي لسا متفهمش نظام حياتنا ومع الوقت هتتأقلم
لم يعجب عزيز رد ابن شقيقه فأشاح عيناه عنه
اتمنى تقدر تعلمها بسرعه نظام حياتنا
هز سيف رأسه ثم أخذ يحرك يده على عنقه بتوتر متمتما بصوت خاڤت
حاضر
أسرع عزيز السائق بصعود السيارة بعدما أشار له عزيز بالتحرك نحو عملهم
الوجوم الذي احتل ملامح عزيز كان واضحا هذا الصباح فتنحنح عزيز السائق حرجا وسأله
أنت كويس يا عزيز بيه
رفع عزيز عيناه عن هاتفه ونظر له
بخير يا عزيز طمني على شهد بقت أحسن دلوقتي
ابتسم عزيز وهو يتحرك بالسيارة ببطئ نحو البوابة
بخير يا عزيز بيه وقريب هتفك الجبس
عبرت السيارة بوابة المنزل وانغلقت البوابة بعد خروجها
عاد عزيز لتصفح هاتفه لكنه رفع عيناه بعدما تمتم عزيز سائقه بالكلام
شكل ليلى متأخرة على شغلها
قالها عزيز السائق وهو ينظر نحو ابنة شقيقه التي تسرع بخطواتها نحو الطريق الرئيسي لتجد مواصلة تأخذها إلى الحافله التي تقلها للمصنع
أقف ليها يا عزيز أنا رايح المصنع
أوقف عزيز السيارة وقد ابتعدت قليلا عن مكان ليلى واستدار برأسه متسائلا بدهشة
أنت كانت قايل إننا هنروح معرض الزهراء النهاردة
هرب عزيز بعينيه بعيدا عنه حتى لا يرى تلك اللهفة التي تضج بعينيه عند سماع اسمها أو رؤيتها
افتكرت إني عندي اجتماع مع مهندس الإنتاج في المصنع
حرك عزيز رأسه بتفهم وابتسم وهو يطلق بوق السيارة حتى تتوقف ليلى عن سيرها
اقتربت ليلى منهم وقد علت الدهشة ملامحها من وقوف السيارة جانب الطريق
فتح عزيز زجاج السيارة ونظر لابنه شقيقه وقد أخذت تزفر أنفاسها بقوة بسبب سيرها بخطوات سريعة
تعالي يا ليلى نوصلك في طريقنا عزيز بيه رايح المصنع
ارتبكت ليلى ونظرت إلى عمها وهي لا تعرف بما تجيبه فتلك المرة التي ذهبت فيها إلى المصنع معهم انتشر الحديث ولم يرحمها البعض من اسئلته عن مدى تقارب عمها من السيد عزيز
أنا هاخد مواصله من على أول الشارع وإن شاء الله هلحق باص الشركة
اخترق حديثها سمع عزيز وتوقفت يده على شاشة هاتفه وأخذ يتساءل داخله هل رفضت بالفعل عرض توصيلها
يا بنتي وليه تتعبي نفسك في المواصلات وإحنا رايحين المصنع
قطب عزيز حاجبيه وارتكزت عيناه عليها
نظرت نحوه بنظرة خاطفة التقطتها عيناه وكادت أن تتحدث فقاطعها قائلا بعدما عاد يصطنع الإنشغال بهاتفه
عمك كلامه صح أنت في طريقنا وممكن متلحقيش الباص
نظرت له ثم إلى عمها بقله حيله
يلا يا ليلى عشان منأخرش عزيز بيه
صعدت السيارة بعدما لم تجد ما تخبر به عمها دون حرج
خفق قلبه الخائڼ لوجودها قربه ولم يجد إلا اصطناع العبوس حتى لا ينفضح أمره وتظهر مشاعره
وفي حضورها كانت أنفاسه تسلب وفي حضوره كانت الحقيقة تتجلى بوضوح أمام عينيها
أين هي و أين هو
وضعت زينب الحقائب الكثيرة التي تحملها جانبا وجلست على أحد المقاعد تزفر أنفاسها بتعب
كانت السيدة حورية مثلها تضع ما تحمله جوار مقعدها
برضوه مصصمه منتغداش سوا
شعرت زينب بالحرج منها فهي لا تستطيع تناول الطعام دون جدها وقد وعدته أنها ستأتي قبل الرابعة عصرا ليتناولوا طعامهم سويا
سامحيني يا طنط وعدت جدو نتغدا سوا
ابتسمت حورية بحبور وربتت على يدها بمحبة حقيقية
ولا يهمك يا زينب أنا مش عارفه هتعملي إيه لما تبعدي عنه
ابتسامة واسعة ارتسمت على شفتي زينب عندما تذكرت ما أخبرها به صالح في إحدى مكالمتهم القليلة
صالح قالي تقدري تروحي ليه على طول لأنه اغلب الوقت بيكون في شغله
لا